خبر : هل من رؤية أمريكية للسلام؟ ...د. ناجى صادق شراب

الأحد 11 أبريل 2010 02:12 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هل من رؤية أمريكية للسلام؟ ...د. ناجى صادق شراب



                                                   تعانى أدارة الرئيس ألأمريكى أوباما من غياب سياسة ورؤية واضحه لكيفية أنهاء الصراع العربى ألأسرائيلى وفى قلبه الصراع الفلسطينيى ألأسرائيلى. فالطموح والوعود والرؤى المثالية غير كافية فى صراع مركب ومعقد ومتشابك المتغيرات ، وتتحكم فيه العديد من القوى ألأقليمية والدولية. فالولايات المتحده حتى ألأن غير قادرة على الدفع فى إتجاه المفاوضات ، وحتى مع التسليم بإستئناف المفاوضات ، فليس هناك ما يضمن نجاحها دون تدخل ودور أمريكى مؤثر وفاعل وضاغط فى إتجاه تسوية سياسية واقعية ومتوازنه. فلقد بدأت ألأدارة ألأمريكية حكمها بإلتزام أمريكى بتسوية هذا النزاع المركب وشديد التعقيد . وجاء هذا الألتزام فى خطابيه التاريخيين فى القاهرة وأنقره مخاطبا فيهما العالم العربى وألأسلامى وقضيتهم الرئيسة فلسطين ، وكانت نتيجة هذين الخطابين رفع سلم التوقعات لدى المواطن فى هذه البلدان ، لكن سرعان ما تراجع سلم التوقعات وتهاوى ألى درجة  كبيرة من عدم الثقة فى قدرة ألأدارة ألأمريكية على تحقيق هذه التسوية . ويبدو منذ البداية وقبل الولوج فى قراءة الرؤية ألأمريكية للسلام ، أن نشير ان هذه ألأدارة كانت متسرعة فى وعودها وألتزامها ، فكان المطلوب أولا قراءة وقائع الصراع على ألأرض ، وما فرضته أسرائيل من واقع يتعارض مع أى أمكانية لتسوية سياسية مقبولة ، وثانيا أن هذه ألأدارة جاءت مع وصول اليمين المتشدد بزعامة نيتنياهو للحكم ، وهو صاحب أيدولوجية أستيطانية متطرفة ، وجاءت أيضا فى ظل تحولات فى موازين القوة ألأقليمية ، وأستمرار أيران فى تطوير قدراتها النووية ، وجاءت أيضا وحالة أنقسام سياسى فلسطينى وزيادة دور حماس فى المعادلة السياسية الفلسطينية .وأيضا جاءت فى ظل أنقسام  وعدم قدرة عربية فى أنهاء هذا ألأنقسام ، حتى المبادرة العربية المطروحة غير قادرة على الصمود والبقاء أمام أصرار أسرائيل فى ألأستمرار فى ألأستيطان ، وتهويد القدس ومصادرة مزيد من ألأراضى الفلسطينيى التى لم تبقى أى أمكانية لقيام رؤية الدولتين . كل هذا جعل الدور ألأمريكى اكثر صعوبة ، وتعقيدا . وعليه الخطوة ألأولى أمام ألأدارة ألأمريكية أن تكون اكثر واقعية فى التعامل مع قضايا هذا الصراع ، وأن تتبنى نهجا مختلفا عن ألأدارات السابقة دون أن تلغيه وتستفيد منه . وبمعايير النجاح والفشل يمكن القول أن هذه ألأدارة حتى ألأن قدفشلت فى أستئناف العملية التفاوضية ، لعدم قدرتها المباشرة على إجبار أسرائيل بوقف أستيطان القدس الشرقية . والزام أسرائيل بدفع أستحقاقات أى عملية سلام تقوم أساسا على فكرة أنسحابها من ألأراضى العربية والفلسطينية التى تحتلها. والخطوة الثانية التى على ألأدارة ألمريكية الحالية أن تتخلى عن أسلوب ونهج ألأدارات السابقة التى تحصره فى أدارة حل المشكلة وليس حل المشكلة ، وهذا يتطلب ان يكون دورها مبادرا للحلول التى قد تقرب الطرفين من القبول ، وهذا يعنى أن الولايات المتحده ألأمريكية إذا تركت الطرفان الفلسطينيى وألأسرائيلى للوصول الى تسوية للقضايا الشائكة فلن يكون بمقدورهما تحقيق ذلك ، فلم يعد حل النزاع قاصرا على أجراءات بنا ءثقة ، أو مجرد أطلاق سراح أسرى ، أو رفع حواجز أسرائيلية ، أو حتى رفع حصار ، بل الحل يفترض حلولا واقعية للقضايا التفاوضية كالقدس واللاجئين ، والدولة الفلسطينية ،وغيرها من القضايا الشائكة . فالمفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية وصلت الى ما يمكن تسميته بخط الحدود الدنيا لثوابت كل طرف ، وهذا ما يفسر الحاجة الى دور أمريكى مباشر ، ووضع تصورات وحلول لهذه القضايا الشائكة . ومرتكز هذه الرؤية أن تعطى الولابات المتحده لكلا الطرفين ما يعجز كا منهما ‘عن إعطائه ، وهذا يستوجب الأجابة على التساؤل ماذا يريد كل طرف بدقة ومحدده ؟ وتحديد فترة زمنية مرنة لكنها ليست مفتوحة ألى ما لا نهاية . والحاجة الى وضع رؤية أستراتيجية عليا لحل الصراع يمكن أن يشكل أطارا ومحددا عاما ن تأخذ فى ألأعتبار الألمام الشامل بكل عناصر الصراع ومواقف الأطراف المعنية منها ، وألأخذ فى ألأعتبار المحددات التاريخية والدولية والقانونية التى تحكم النزاع. ويتطلب الدور ألأمريكى أيضا الأستعداد للعب دور دائم لمرحلة ما  بعد أنجاز أى أتفاق سلام فى حال نجحت ألأدارة ألأمريكية فى ذلك، وهو أمرا مستبعدا فى ظل التحديات والمعطيات التى تحكم الصراع . وفى يقينى أن الرؤية ألأمريكية ينبغى أن تأخذ فى أعتبارها كل المعطيات والمستجدات التى تتحكم فى أستمرارية الصراع. والسؤال ثانية هل تملك ألأدارة ألأمريكية هذه الرؤية ألأسترايجية لحل الصراع ؟ قد يكون من الصعب الأجابة بالتفى ، فهذه ألأدارة هى أمتداد لأدارات سابقة وخصوصا أدارة الرئيس كلينتون التى قطعت شوطا فى هذا المسار ، أضافة الى ذلك ألأستفادة من كل الخبرات السابقة ، ولا أعتقد أن ألأدارة ألأمريكية يمكن أن تنقصها هذه الرؤية . لكن التساؤلات الهامة : ما منطلقاتها ؟ وما هى محدداتها؟ وما هى آلياتها المتوفرة ؟ وكيف ترى الولايات المتحده الحل ؟ ألأجابة على هذه التساؤلات تحتاج الى معرفة الموقف ألأمريكى من العديد من القضايا مثل القدس والدولة الفلسطينية ، ووضع المستوطنات ، وموقفها من يهودية أسرائيل ، ومطالبها فى القدس ، هذه القضايا شائكة تحتاج الى حلول وخيارات تنظر للصراع بعينتين وليس بعين واحده اعتادت ان تنظر دائما من خلالها للصراع. وفى هذا ألأطار أعتقد أن المنطلق الرئيس فى هذه الرؤية هو المصلحة ألأمريكية العليا وأهدافها ألأستراتيجية فى المنطقة ، وفى مقدمة هذه المبادئ ألأسترايجية ألتزام أمريكا بأمن وبقاء أسرائيل ، ولذلك هذه الرؤية لن تأتى متعارضة مع هذا الألتزام، والمرتكز الثانى هو قيام الدولة الفلسطينية فى أطار هذا الألتزام ، وثالثا ستقوم هذه الرؤية على الأولويات ألأمريكية ألأخرى فى المنطقة ، وعلى قدر مساهمة تسوية القضية الفلسطينية فى تحقيق أولويات السياسة ألمريكية بقدر قيام ألولايات المتحده بدور مباشر ، وفى الوقت ذاته لا يمكن تجاهل تأثير محددات السياسة ألداخلية ألأمريكية فى البلورة النهائية لهذه الرؤية . ومن خلال قراءتى للنهج ألأمريكى فى التعامل مع أدارة ألأزمات الدولية تميل الى معاملة النزاع كما هو قائم بعيدا عن بحث ألأسباب والمسببات ، وهذا النهج سينعكس على قضايا اللاجئيين والقدس ، منذ البداية علينا أن لا نذهب بعيدا فى التفاؤل السياسى ، هى رؤية أقرب الى الواقع القائم أكثر من تغييره وتبديله ./اكاديمى وكاتب عربى drnagish@hotmail.com