خبر : زكي/ العاروري: ثنائي فلسطيني مقابل إسرائيل ..رجب أبو سرِّية

الجمعة 02 أبريل 2010 03:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
زكي/ العاروري: ثنائي فلسطيني مقابل إسرائيل ..رجب أبو سرِّية



قد يبدو المبرر الذي ساقته أوساط حركة حماس الاعلامية، حول الدافع لصفقة الافراج عن أحد قادتها في السجون الاسرائيلية صالح العاروري صحيحاً، وقد يكون الامر غير ذلك، او ليس بتلك الدقة، لكن الامر في كل الاحوال سيبقى مثيراً ومتداولاً وحتى موظفاً من قبل اكثر من جهة سياسية، كل منها يقوم بقراءته وفق مصالحها.بعد الجمود المفاجئ الذي تعرض له ملف تبادل الأسرى بين حماس واسرائيل، تأتي عملية "التبادل" بين العاروري والسجان الاسرائيلي، ضمن صفقة "الابعاد مقابل الافراج" لتثير لغطاً وجدلاً، وتعيد حالة "العراك" الاعلامي/ السياسي بين اوساط فتح وحماس مجدداً، وإذا كانت الحقيقة ستتكشف بعد وقت ليس ببعيد، إلا أن الواقعة بحد ذاتها تثير أسئلة سياسية لا حصر لها، بدءاً من علاقة الخاص بالعام، فيما يتعلق بمصير ومستقبل وحتى حياة المناضلين، قادة وكوادر، وليس انتهاء بما هو وطني عام ذو طابع سياسي، وما هو مجتمعي خاص بحياة المواطنين اليومية والمعيشية.طرح الأسئلة دون ضرورة التوصل الى اجابات فورية وحتى حاسمة، حول مثل هذه القضايا، بات امراً ضرورياً في الواقع الفلسطيني خاصة في مستواه السياسي الذي ظلَّ محكوماً لعقود بالشعارات والتجريد، ذلك انه بصرف النظر ان كان خروج العاروري من السجن مقابل الابعاد، او بهدف متابعة ملف تبادل الاسرى نفسه، فإنه يطرح السؤال الاشكالي، وهو هل من حق المناضل ان يغلب الخاص على العام، وقبل ذلك، هل من حق العام أن "يضحي" دائماً بالخاص، في اطار الشعار التجريدي؟!ربما تكون حادثة ثانية تمت قبل ايام، تفتح الباب الى قراءة الواقع السياسي برمته، وتقصد بذلك قراءة تحولاته التي تجري على قدم وساق خلال السنوات الاخيرة، حيث تمترس الحركات السياسية في مواقعها، يجعل منها قوى "ستاتيكية" تنافي منطق الحركة في الواقع، وهو المنطق الذي لا يستوي مع اهلية قوى بعينها تقود الواقع الفلسطيني ميدانياً وسياسياً ونقصد هنا بشكل أخص حركتي فتح وحماس.الحادثة التي نود الاشارة اليها، هي واقعة اعتقال احد قادة حركة فتح عباس زكي، من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلية، قبل بضعة ايام، ومن ثم بدء هذه السلطات باجراءات تقديمه الى المحاكمة، ربما قد يعني ايداعه السجن، حيث ربما تكتمل عناصر التشويق الدرامي، اذا ما قبع في نفس الزنزانة التي كان يشغلها الشيخ صالح العاروري لمدة تزيد على ثمانية عشر عاماً.المفارقة اللافتة هنا، ان واقعة اعتقال زكي، تشير الى تطور مهم جداً في تاريخ الصراع الفلسطيني/ الاسرائيلي، حيث ربما تشكل هذه الحادثة فارقاً نوعياً من حيث كون الاعتقال لم يتم على خلفية "جرم" أمني، بل على خلفية الاحتجاج الشعبي/ الجماهيري اي ضمن سياق الكفاح السلمي، كما كان يحدث في جنوب افريقيا حيث تبرز المفردة التاريخية باعتقال نلسون مانديلا لأكثر من ربع قرن، لأنه كان يقود المؤتمر الافريقي الذي كان يناضل بشكل سلمي من اجل العدالة والمساواة وتحرير بلاده من نظام التمييز العنصري.ربما تكون حركتا فتح وحماس، كل منهما من زاويته، ومن واقع تجربته الكفاحية الخاصة، تسعيان الآن الى التعديل في وجهتيهما السياسية، الاولى بالعودة الى تطوير الجانب الكفاحي للحركة بعد خمسة عشر عاماً من العمل السياسي الذي ارتبط بالسلطة والتي بعد ان جربت رد الفعل في الانتفاضة الثانية، التي كان من نتيجتها ايداع قائد جناحها الكفاحي، مروان البرغوثي، السجن الاسرائيلي حتى اللحظة، والذي بسبب تميزه عن معظم رفاقه القادة في الحركة، كان وما يزال يتمتع بمكانة مرموقة، تصل حدود القداسة، تسعى الآن الى الجمع بين العمل السياسي والكفاحي، حيث يلتقي النهجان في دائرة الكفاح الشعبي ذي الطابع السلمي.أما حركة حماس، والتي وصلت الى حدود الذروة في الحضور والتأثير بعد دورها المحوري والمركزي في انتفاضتين متتاليتين، فإنها وبعد ان وصلت الى السلطة الرسمية، بتشكيل الحكومة العاشرة بعد فوزها بالانتخابات، وبعد توليها مسؤولية غزة مباشرة وبشكل منفرد الآن، ومنذ نحو ثلاث سنوات، ومن خلال ما خاضته حتى الآن من "حوارات" في اطار ملفات المصالحة وتبادل الاسرى، وجملة العلاقات السياسية مع الدول والحكومات، تشعر بحاجتها الى تطوير "مهاراتها" السياسية على هذا الصعيد.المشكلة كمنت -بتقديرنا- في اللعب الاسرائيلي في الملعب الفلسطيني، بعد ان دفعت او ساهمت او ساعدت اسرائيل، بحشر خبرات حماس الميدانية في المنطقة "المحررة"، اي غزة، والتي كان من الافضل ان تدار بالحنكة والخبرة السياسية، ودفع الوجود الفتحاوي الى الضفة الغربية المحتلة، التي تحتاج الى الدافعية والخبرة الكفاحية وتعبئة المقاومة، لذا فإن الواقع يفرض نفسه على ثنائية الداخل الفلسطيني لاعادة تدوير الخبرات والقدرات وتطويرها بما يتناسب مع التحدي الخارجي، المتمثل بالجانب الاسرائيلي.ولا شك ان القدرة على قهر الاحتلال، وانتزاع الاستقلال الوطني من بين انيابه، لا ينفصل عن الكفاح الداخلي، حتى تكون الذات الوطنية في حالة اللياقة الكاملة، ضمن ذلك تأتي جهود المصالحة والتنمية ورفع مستوى الاداء السياسي، حيث تفتح حادثة اعتقال زكي على خلفية الكفاح السلمي الباب لمطالبة فلسطينية ممكنة، وملخصها المطالبة بوضع المناطق الفلسطينية المحتلة تحت وصاية القانون الدولي، لشلّ أصابع المحاكم العسكرية الاسرائيلية التي تجرم حتى الاحتجاج وتواجه حتى المتضامنين الدوليين بالقمع، وهي سلطة خارجة عن القانون الدولي، بحيث قد يكون ذلك مقدمة لانهاء الاحتلال بمستواه السياسي والرسمي. Rajab22@hotmail.com