خبر : إحتياجات أمة وضرورات حكم ...بقلم: روحي فتوح

الأربعاء 31 مارس 2010 01:29 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إحتياجات أمة وضرورات حكم ...بقلم: روحي فتوح



  إن السياسي المخضرم الذي جبلته الحياة السياسية، أو الأكاديمي المتخصص، وكل النظريات السياسية، أي منها لا يملك القدرة على وضع حدود قاعدة نظرية لمنهج التحليل السياسي في عالمنا العربي. فالوضع العربي العام يعاني من وهن في العلاقات العربية – العربية، ومع ذلك يلتقي قادته تحت سقف مؤتمرات القمم الدورية. ربما تكون حالة تقبل المواطنين في أي دولة عربية لنظامهم السياسي ورأس القيادة فيه، أفضل بكثير من تقبلهم للنظام العربي العام وقراراته. وبالرغم من أن القمة العربية الثانية والعشرين إنعقدت تحت شعار (قمة دعم صمود القدس) وتخصيص مبلغ نصف مليار دولار أمريكي للقدس، إلا أن حالة الإحباط لدى العالم العربي إزدادت بعد إنفضاضها.      لقد إهتم المواطن بالمسلسلات التركية ومباريات الدوري الإسباني، وأدار ظهره للقمة العربية. لكن كلمة السيد طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا جذبت إهتمام الجماهير العربية أكثر من حكامهم. وأصبحت هذه الجماهير عند كل دورة إنعقاد للقمة يائسة، وتوقعاتها متدنية من نتائج العمل العربي المشترك، وتصيب طموحاتها وآمالها في مقتل. فالمواطن الذي يحمل همومه الخاصة اليومية، وهمومه الوطنية، وهمومه القومية، قد اختلطت عليه الأمور. فهو غير قادر على إستيعاب التناقض بين الخطاب السياسي والإعلام التعبوي الذي يسمعه يومياً، وبين السياسات الرسمية التي تنفذ. إنه يطالب أن يصارحه الحكام ويحددون له ضرورات الحكم ونظامه السياسي. فهو لا يستطيع أن يتقبل أن يكون "البون" شاسعا بين إحتياجات الحكم ومتطلبات السلطة من جهة، وبين إحتياجات المواطن ومقومات نجاح العمل القومي من جهة أخرى. فحالة التفكك والخلافات في العلاقات العربية – العربية مقلقة ومريبة. حيث تجتمع قيادات الأمة في أروقة المؤتمرات، ويتبادلون التحيات والإبتسامات والمجاملات، وبعد إنفضاض أعمالهم، تعود الفرقة والإتهامات أشد قسوة من سابقها.      وقبل الحديث عن أطر عربية وأقليمية جديدة، مطلوب تنقية العلاقات العربية، وإجراء مصالحات جدية قائمة على أسس سليمة، بعيدة عن أطماع سياسية أو حدودية أو فرض أجندات خاصة، أو مزايدات للهروب من إستحقاقات كبرى. وبعدما يستقر الوضع العربي، وتختبر جدية المصالحات، تكون لإقامة إطار إقليمي جديد، تشارك فيه دول مثل تركيا وايران ، أهمية خاصة لأقطارنا العربية. ففي ظل إقليم متعاون سياسياً سيقلص حالة الإرباك، وقلق الحكام، ويؤدي إلى إستنباط مداخل مبتكرة على الأنظمة السياسية العربية. كما سيؤدي بالضرورة إلى تقليص الفجوة بين مصالح الأنظمة ومبررات وجودها وبين مصالح الأمة. فالعلاقات الإقليمية، إذا ما كانت على النمط الأوروبي، ستقدم حماية جماعية تحميها من السياسات العابرة للحدود، ويخفف عنها إشتراطات النظام الدولي. لأن صناعة القرار السياسي الحالية تأخذ بعين الإعتبار عدم إغضاب النظام الدولي، والخوف من تدخل قوى إقليمية لها أطماع وأجندات خاصة.      فإلى متى ستبقى إحتياجات الأمة مرهونة لإستخدامات سلطوية، تعاني من حالة نمطية للزعامة؟ لقد أصاب المواطن العربي تخمة شعاراتية لدرجة الكفر بكل الشعارات، وضجر من السياسات المنافقة للقوى المهيمنة الدولية والإقليمية، والخطابات المخادعة التي لا تستخدم إلا للإستهلاك المحلي. آن الأوان للصدق مع الأمة، ومكاشفتها، وتعريفها بالحدود الفاصلة بين مصالح الحكم وإحتياجت الأمة.