خبر : من اجل استثمار هبة القدس.. بقلم : محسن ابو رمضان

الخميس 18 مارس 2010 03:10 م / بتوقيت القدس +2GMT
من اجل استثمار هبة القدس.. بقلم : محسن ابو رمضان



  لقد سارت حكومات إسرائيل المتعاقبة  وخاصة في عهد شارون وما بعده من حكومات باتجاه حسم القضية الجغرافية الفلسطينية، فقد تم تنفيذ خطة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة بهدف تحويله إلى معتقل كبير في إطار السياسة الاحتلالية الأشمل المبنية على إقامة نظام المعازل والكنتونات والمعتقلات الصغيرة بالضفة الغربية .فقد تم بناء جدار الفصل العنصري وضم منطقة الأغوار واعتبار الكتل الاستيطانية الضخمة كجزء من إسرائيل وذلك بهدف زج التجمعات السكانية في مناطق جغرافية محددة، ومن اجل ضم أوسع مساحة ممكنة من الأرض، كما تم الإصرار على التمسك باللاءات ذات الإجماع الصهيوني برفض حق العودة او الانسحاب إلى حدود الرابع حزيران عام 67 واعتبار القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل إضافة إلى رفض تفكيك المستوطنات .لقد اعتقدت حكومة إسرائيل ذات الوجهة اليمينية المتطرفة أنه آن الأوان للحسم الجغرافي لموضوعة الضفة الغربية بصورة نهائية والشروع في نفس الوقت بحسم البعد التاريخي ، وليس أدل على ذلك من إصرار نتنياهو على مبدأ يهودية دولة إسرائيل، والعمل على ضم المقدسات الإسلامية لقائمة التراث اليهودي والسعي المحموم لتهويد القدس الشرقية وطمس معالم المدينة وتغييب طابعها العربي عبر دعوة المستوطنين للاستيطان بأحيائها في نفس الوقت الذي يجرى هدم منازل العرب وسحب هويات المقدسيين .إن تراجع الإدارة الأمريكية عن مطلبها بتجميد الاستيطان ، وصمت المجتمع الدولي على جرائم الحرب الممارسة من قبل الاحتلال وتسويف تقرير غولدستون بمجلس حقوق الإنسان واستمرار الانقسام الفلسطيني قد شجع حكومة الاحتلال على الاستمرار في خطواتها التصعيدية بحق الأرض والمقدسات ، والهوية الوطنية الفلسطينية .تنظر إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية حتى لو تحولت إلى دولة معترف بها بالأمم المتحدة في إطار نظرتها الشمولية تجاه الصراع مع الفلسطينيين ، فهي تريدها أداة لإدارة شؤون السكان وعبر مساعدة الدول المانحة وبهدف تخلص الاحتلال من الأعباء القانونية والمادية، وفي نفس الوقت تريدها أداة لحفظ الأمن ، الأمر الذي يفرغ السلطة من أهدافها الرامية إلى التحول إلى دولة ذات سيادة عبر إصرار إسرائيل بوضعها في إطار وظيفي محدد ، لإدارة شؤون الكنتونات على المستوى الخدماتي وفي تجاوز لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني وفي المقدمة منه حق تقرير المصير وبما يشمل حق العودة .لقد آن الأوان لمغادرة سياسة المفاوضات العبثية والضارة سواءً كانت مباشرة أو غير مباشرة فقد افتضح المخطط الاحتلالي وبات مكشوفاً ولا مبرر للاستمرار في استنساخ سياسة      قديمة جربت وأثبتت فشلها ، كما أن النزاع الفئوي على سلطة لها دوراً وظيفياً محدوداً       وفق منظومة الرؤية الإستراتيجية الاحتلالية أصبح غير مبرر هو الآخر ، فهي سلطة للحكم الإداري الذاتي ليس إلا، ومن أجل إدارة شؤون السكان في ظل ضم مساحات واسعة من الأرض لصالح الاحتلال .إننا مطالبون وأمام الهبة الشعبية التي ما زالت تتفاعل بالقدس وفي مناطق مختلفة من الضفة الغربية بدعم أشكال المقاومة الشعبية وتحقيق الوحدة الميدانية والضغط باتجاه إنهاء الانقسام، واستعادة زمام المبادرة عبر استنهاض قوى التضامن الشعبي الدولي وتشديد حملة المقاطعة تجاه إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها ، إضافة إلى تعزيز آليات تساهم في ترسيخ مقومات الصمود الوطني .إن التحركات الشعبية المتصاعدة بالضفة الغربية بالوقت الذي تشكل رداً على منهج المفاوضات حياة فهي رسالة لصناع القرار باتجاه إنهاء حالة الانقسام ومغادرة النهج الفئوي المبنى على الصراع على سلطة موهومة السيادة ، كما أنها تشكل رافعة لتفعيل الإرادة الدولية عبر أعمال القانون الدولي ومن أجل تكتيل الموقف العالمي لإنهاء الاحتلال وضمان حق شعبنا بالحرية والاستقلال .الطريق يكمن بإغلاق فصل طال من مفاوضات لم تنجح وصراع على سلطة لم  تجلب سوى الانقسام والتشرذم والدخول في طريق مجرب قائم على وحدة الشعب وتصعيد المقاومة الشعبية والمطالبة بتنفيذ القانون الدولي .