خبر : محبو العدل والجلادون حلف الزعران/يديعوت

الإثنين 01 مارس 2010 12:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
محبو العدل والجلادون حلف الزعران/يديعوت



رئيس ديوان الموظفين، شموئيل هولندر، يعالج هذه الايام شأن اوري كورف النائب العام الكبير في النيابة العامة في لواء القدس، الذي في اطار محاضراته لطلاب الحقوق أعطى رأيه، بكلمات جد غير دارجة، عن القضاة في اسرائيل. لكل من يتابع هذه القضية، بما في ذلك كورف نفسه، واضح انها يجب أن تنتهي بعقاب انضباطي. فلا يمكن لاي جهاز يحترم نفسه أن يمر عن تعابير كهذه مرور الكرام – لا عندما تقال على لسان نائب عام يمثل الدولة في المحاكم، وبالتأكيد ليس في فترة تطلق فيها كل يوم تهديدات على القضاة. هولندر ورجاله سيضعون، بالاحرى، على كفة الميزان شدة المخالفات المتهم بها، وعلى الكفة الاخرى سجله الايجابي الذي راكمه كنائب عام، الثناء الذي اغدقه عليه نظراؤه والمسؤولون عنه، والندم الذي اعرب عنه بعد نشر أقواله. الحسم ليس صعبا على نحو خاص: فالحديث يدور بالاجمال عن اجراء انضباطي. مسألة واحدة يجمل الا تطرح في المداولات لدى رئيس الديوان: محاكمة اولمرت. كورف اعد الملف للمحكمة ويفترض به أن يديرها الى جانب النائب العام للواء. الاجازة التي فرضت عليه ابعدته، على الاقل لزمن ما عن المحاكم. يحتمل أن يكون تغيبه مفيد للمتهم، يحتمل أن يكون تواجده بالذات، امام وجوه القضاة الذين يشعرون بالاهانة تفيد المتهم أكثر، ويحتمل – وهكذا ينبغي الامل – انه ما كان ليغير من شيء. النيابة العامة للدولة هي مؤسسة شديدة القوة. وهي لا تقوم وتسقط على شخص واحد.في كل الاحوال، مصير اولمرت ليس شأنا لرئيس ديوان الموظفين. فاولمرت لم يعد يشتغل عنده. وحسب آخر المنشورات، فانه يشتغل في شركة شاحنات. ما ينبغي أن يقلق هنا ليس كورف، ولا هولندر ايضا، بل اجواء الزعرنة التي ترافق النقاش غير الهام جدا في رئاسة ديوان الموظفين. هذا يحصل في السنوات الاخيرة تقريبا في كل قرار يتعلق بمحافل فرض القانون. سياسيون، صحافيون ومتفرغون في مجال القضاء لا يترددون في عقد محاكم ميدانية، لاصدار قرارات، وارهاب القضاة، النواب العامين وضباط الشرطة. سمو سلطة القانون على ألسنتهم، ولكن ايديهم تحمل مسدسا مشحونا: من لا يعجبهم قراره – ستطلق النار عليه. مثلهم كمثل المؤيدين لفريق كرة قدم، الذين لشدة محبتهم لفريقهم يندفعون الى الملعب يهددون الحكم ويضربون المدرب. الفارق هو أن محبي كرة القدم من النوع العصبي يعتبرون اعداء الرياضة، في الوقت الذي يعتبر فيه زعران القضاء اولياء الجيل. اكتب هذه السطور باحساس بالذنب: بعض من صحافيي حلف الزعران هم اصدقائي الشخصيون. آخرون عملوا معي في ذات الصحيفة. رأيتهم يتحولون من صحافيين الى اعضاء في محاكم التفتيش، من محبي العدل الى جلادين. وماذا فعلت؟ تجادلت معهم في محادثات رواق، ضحكت معهم وعليهم، جعلت عنفهم فلكلورا. لم أقف في وجههم حقا في أي مرة من المرات. السياسيون يؤمنون بان الصحف تدار مثل وحدة عسكرية: صاحب الصحيفة هو القائد، والكُتّاب يأتمرون به كرجل واحد. وحتى نتنياهو، الذي يفهم غير قليل في الصحافة، يؤمن بهذا الهراء. الحقيقة في أحيان كثيرة معاكسة: الصحافي يجلب المسؤولين عنه الى حروبه، دون أن يكلف نفسه عناء سؤالهم لرأيهم. فلا يسارع أي محرر الى أن يجد في وسائل الاعلام نبأ رفضه، أخره او دحره عن الصفحة الاولى. لا يسارع أي محرر الى أن يرى غسيله القذر معلقا على رؤوس الاشهاد. الرئيس ليندون جونسون قال ذات مرة انه يفضل من يبول من الخيمة الى الخارج على من يبول من الخارج الى الداخل. هذا هو سر قوة الزعران، عفوا، لمزاودي الصحافة. في الدولة الديمقراطية دور الصحف هو تعليم الجمهور. كشف ما يحاول اصحاب القوة اخفاءه، الكفاح ضد سوء استخدام قوة السلطة واعطاء منصة لجملة واسعة قدر الامكان من الاراء. وهي لا يمكنها ان تحل محل الشرطة، المحاكم، الكنيست والحكومة. مسموح للصحف أن تجن بين الحين والاخر، ان تحطم قواعد اللعب، ان تتطرف ولكن عندما تجعل الجنون عادة، ايديولوجيا، فانها تخون مهمتها. الزعرنة والصحافة هما خطان متوازيان، من الافضل لهما الا يلتقيا.