ليس واضحا كم هامة حقا كانت هذه القمة. وكم هي ذات مغزى الاقوال التي قيلت فيها، وكم ملموسا سيكون تأثيرها على المنطقة. اما المضمون، على ما يبدو، فهو موضوع هامشي هنا: الرئيس الايراني، الرئيس السوري والامين العام لحزب الله التقوا يوم الخميس في دمشق اساسا كي يظهروا للعالم بان بوسعهم عمل ذلك. انهم موحدون. الطريق الى قصر "الشعب" الرئاسي لم يكن بسيطا – ولا سيما بالنسبة لحسن نصرالله – ولكنه بذل الجهد لذلك. وكله كي يعرض جبهة واحدة، مشتركة ونشطة، مع الاشخاص الذين يؤيدونه ويمولون نشاط المنظمة التي يقف على رأسها. اللقاء بين نصرالله واحمدي نجاد بدأ مساء يوم الخميس واستغرق ثلاث ساعات. وكان هناك الزعماء، المترجمون من الفارسية الى العربية وأربعة مستشارين: وزير الخارجية منوشهر متقي، والسفير في دمشق حسن موسوي من الجانب الايراني ومحمد يزبك والمساعد الشخصي للامين العام، حسين خليل، من جانب حزب الله. ونصرالله بدأ اللقاء بعرض سيناريوهات حول احتمال ان تشن اسرائيل هجوما على حزب الله. وقدر زعيم حزب الله بان الحديث يدور عن احتمال طفيف ولكنه أوضح: "يجب أن نكون جاهزين ومستعدين لكل احتمال". وادعى الامين العام بان اسرائيل لا يمكن توقعها، ولا يجب تصديق بيانات التهدئة التي ينثرها وزير الدفاع ايهود باراك، وأصر على أنه كفيل بان يهاجم سوريا. في السابعة والنصف انضم الى الرجلين الرئيس المضيف، بشار الاسد، ودعاهما الى وجبة عشاء في القصر. مصورو قناة "المنار" التابعة لحزب الله والمصور الشخصي للرئيس الايراني استغلوا الفرصة لتصوير الزعماء الثلاثة المبتسمين يتناولون الحمص من على طاولة مليئة – ومنذ يوم الخميس ليلا نشرت الصور. في ختام الوليمة انسحب احمدي نجاد ونصرالله لاجراء حديث عمل اضافي، استمر ساعتين اضافيتين. في هذا اللقاء دخل الرجلان في التفاصيل. مستوى الجاهزية والاستعداد العسكري لحزب الله، العلاقة بالجيش اللبناني ومستوى التدريبات التي ينفذها المدربون الايرانيون في معسكرات حزب الله. واستغل الرئيس الايراني الزيارة الى العاصمة السورية كي يلتقي برؤساء عشرة فصائل فلسطينية يتواجدون في دمشق – "جبهة الرفض" – وعلى رأسهم خالد مشعل، المسؤول السياسي لحماس. وأعلن الناطق بلسان حزب الله بان احمدي نجاد نفذ في اللقاءات توزيعا للادوار في حالة حرب مع اسرائيل: "سوريا مستعدة لكل هجوم من جانب اسرائيل، كبير او صغير، لديها التزام ايراني بالاسناد والمساعدة الايرانية الكاملة". فتات معلومات فقط خرجت الى وسائل الاعلام العربية عن لقاءات احمدي نجاد في دمشق. عبدالباري عطوان، محرر صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن وصف القمة بانها "مجلس الحرب". "منذ الحروب الكبرى ضد اسرائيل"، كتب يقول، "لم يكن لقاء بهذا الحجم وبهذه القوة... هذا هو رد الاسد على طلب هيلاري كلينتون من سوريا، عشية زيارة احمدي نجاد، اضعاف علاقاتها بايران. الاسد يبلغها عمليا: "تنازلت عن المحور الامريكي الذي هو نكتة في نظري ولا يعطيني شيئا. ولا اعتزم ان افكك حلفا استراتيجيا عمره ثلاثين عاما مع ايران. من جهتي سوريا يمكنها أن تواصل العيش دون سفير امريكي في دمشق". في الادارة الامريكية، في هذه الاثناء، اعربوا عن خيبة أمل وقلق من سلوك الرئيس السوري الاسد في الاونة الاخيرة. هكذا يتبين من محادثات اجراها في نهاية الاسبوع وزير الدفاع ايهود باراك في واشنطن مع نائب الرئيس بايدن، مع وزير الدفاع غيتس ومع وزيرة الخارجية كلينتون. في الادارة واعون للضغط الذي يمارسه على الاسد الرئيس الايراني، الذي يحاول منع "تطبيع" العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا. وقال الامريكيون لباراك انهم يعتزمون مواصلة المحاولات لتحسين العلاقات مع الاسد ليرسلوا الى سوريا في اقرب وقت ممكن السفير الجديد روبرت فورد، الذي عين بعد خمس سنوات من انعدام التواجد الامريكي في دمشق. ادارة اوباما تعتزم اقناع السوريين بتوثيق العلاقات مع الولايات المتحدة من خلال سلسلة امتيازات اقتصادية. ويمكن الافتراض ايضا بان الولايات المتحدة ستحاول استئناف المفاوضات بين اسرائيل وسوريا في قناة حوار سرية، كفيلة بان تصبح علنية اذا ما تبين بانه يوجد احتمال لتحريك المحادثات تمهيدا لاتفاق. 28 فبراير 2010