لا زالت تداعيات قضية إغتيال وتصفية المبحوح على أيدي حفنة من القتلة المحترفين الذين إمتهنوا تنفيذ سياسات ممنهجة للإرهاب الدولي الذي تمارسه إسرائيل كإرهاب دولة منظم يضرب أينما سنحت له الفرصة على مرأى ومسمع من كل المجتمع الدولي وأحياناً بتواطؤ من أجهزة استخبارات دولية ، تقدم الدعم أو تغمض عينيها عن أنشطة الموساد الإسرائيلي ... وجاءت فضيحة استخدام الجوازات المزورة لعدة دول أوروبية فيما تدرك دول أخرى بأن الموساد يستخدم جوازاتها المزورة في عملياته التي لم يكشف النقاب عنها / وفي الوقت الذي لا يستطيع أي متابع إلا أن يرفع القبعة احتراما للجهاز والنشاط الأمني الإماراتي الذي تمكن من الكشف عن أهم خيوط جريمة اغتيال المبحوح في دبي ، وجعلها قضية تحظى بالاهتمام الدولي وتسلط الأضواء على الإرهاب الإسرائيلي في الخارج ... إلا أن ذلك يجب ألا يحجب حقيقة قاسية ومرة بأن الاختراق الأمني والتخطيط والتنفيذ العملياتي فعلاً إنتهى في دبي ، ولكنه فعلاً بدأ من دمشق والمقصود هنا في دهاليز حماس الدمشقية التي كانت تدرك بأن المبحوح مستهدف أكثر من غيره وجرت عدة محاولات لاغتياله على الساحتين اللبنانية والسورية قبل المحاولة الأخيرة التي نفذت بمهنية وحرفية عالية ... وهنا من حقنا أن نسأل حماس وقيادتها وجهازها الأمني لماذا لا تكشف عن المتورطين الحقيقيين في تصفية المبحوح والذين ساهموا في تسهيل هذه العملية على جهاز الموساد الإسرائيلي ؟؟ وكيف عرف الموساد بان المبحوح سيسافر إلى دبي بجواز سفر عراقي والفندق الذي ينزل به لأن حجز الفنادق في الغالب يتم بشكل مسبق ، ومن المسؤول عن امن الشهيد المبحوح وكيف تم اختراق دائرته الأمنية الأولى ، ولماذا أعلنت حماس في البداية بأن الوفاة طبيعية عندما نعته في بيان رسمي صادر عنها ... نحن نتحدث عن أسئلة تشير إلى اختراق امني إسرائيلي في عصب حماس الداخلي أو وجود تواطؤ من جهات فيها للتخلص من الشهيد المبحوح !!! والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها قبل استشهاد د.إبراهيم المقادمة تم تحذير قيادة حماس في غزة من عملية اغتيال معدة له ( وتم التدليل على ذلك بوثائق قدمتها فتح في حينه ... ولكن دون جدوى !!! وإن كنا نرى من المهم فضح إسرائيل وممارساتها الإرهابية على كل الأصعدة نجد من الضروري أن تتم مراجعة جدية وفاعلة لدى قيادة حماس التي تختبئ وراء الشعارات ولا تجيد غير حرب المصطلحات ، وأن تصارح الشعب الفلسطيني بالحقيقة المرة وعدم الركون إلى إلقاء المسؤولية على العدو الصهيوني فقط الذي نجزم بأنه أصل كل بلاء ... بما فيه وصول بعض القيادات في حماس إلى مواقع القرار بعد أن أزاحت بالشطب والاغتيال الكثيرين ممن لا ينسجموا مع السياسات والأهداف الإسرائيلية على الساحة الفلسطينية ،،، في حين أن بعض قيادات حماس ليست اقل أهمية من المبحوح وتسرح وتمرح تحت مرأى ومسمع الإسرائيليين وتستطيع يد الإرهاب الإسرائيلي لو أرادت أن تصل إليهم في كل لحظة لفعلت ولكن لم ولن يتم ذلك لان وجودهم يخدم أهداف مرحلية وتكتيكية إسرائيلية أهمها استمرار الانقلاب الدموي والانقسام على الساحة الفلسطينية ... ولم تتوقف مقاومة حماس الكلامية عند حد تحميل إسرائيل مسؤولية اغتيال الشهيد المبحوح بل ذهبت كالعادة إلى زج السلطة الوطنية في القضية وأكثر تخصيصا عمدت إلى الزج بإسم محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في هذه المعمعة وهي قصة مكشوفة ومفضوحة ومعروف أهدافها مسبقاً ... وحتى على سبيل الفرضية القائلة بأن إثنان من الفلسطينيين تم اعتقالهم على خلفية الاشتباه بوجود علاقة ما بشخص ممن نفذوا عملية الاغتيال من خلال بيع أو استئجار سيارة دون علم بماهية هذا الشخص ودون ثبوت ما يؤكد ارتباطهم العملياتي أو المعرفي بما ينوي القيام به / فهل هذا يمثل إدانة لهم / قطعاً لا / وهو ما ستثبته التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن الإماراتية وهي محل ثقة مطلقة / وحتى في حال إدانة أي شخص منهم بتهمة التعاون مع إسرائيل فهي مسؤولية شخصية وحصرية لا تهم السلطة الوطنية إلا بقدر ضرورة محاسبتهم جنائياً ووطنياً / مع أن المعطيات المتوفرة تقول بأن أحد هؤلاء المعتقلين قد خرج من غزة مؤخراً عبر مصر إلى الإمارات في طريقه للعلاج من مرض السرطان في الأردن ورافقه زميله الأخر الذي يعمل في دبي / أضف إلى ذلك فإن أكاذيب حماس وقيادتها المستندة إلى معلومات نشرتها صحيفة هاّرتس الإسرائيلية حول عضو اللجنة المركزية محمد دحلان والتدخل لدى الأمن الإماراتي للإفراج عن المعتقلين ما هي إلا كذبة وخدعة لتضليل الرأي العام الفلسطيني والعربي وإسقاط حالة الحقد والهوس الحمساوي على هذه القضية وبهدف التحلل من تحمل المسؤولية الداخلية عن جريمة اغتيال المبحوح ... والسعي إلى التستر على معالم الفساد والإفساد الممارس فيها وعلى أيديها ضد كل ما هو فلسطيني .