هآرتس: هل يقتنع بن سلمان بـ”ترتيبات إنسانية” قد يطرحها ترامب بديلاً عن حل القضية الفلسطينية؟

الثلاثاء 01 يوليو 2025 05:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس: هل يقتنع بن سلمان بـ”ترتيبات إنسانية” قد يطرحها ترامب بديلاً عن حل القضية الفلسطينية؟



القدس المحتلة/سما/

هآرتس- بقلم تسفي برئيل- 

 

اتفاقات إبراهيم هي الآن الحلم القابل للتحقق، الذي من شأنه حل جميع النزاعات في الشرق الأوسط. الاتفاقات هي “الصفقة الكبرى” التي تنتظر فنان الصفقات، والذي لم يسجل حتى الآن إنجازه السياسي الأول منذ أدائه اليمين رئيساً للولايات المتحدة. حسب ترامب، يمكن التقدير بأن دولاً إسلامية بعيدة مثل إندونيسيا وباكستان وماليزيا وبنغلاديش، ودول قريبة أيضاً مثل سوريا ولبنان والسعودية، تنتظر بصبر وهي تحمل حقائب جلدية فيها أوراق اعتماد السفراء. الإسرائيليون يشمون الآن رائحة الزيت المحروق الذي يتم فيه قلي الفلافل، ويفحصون أسعار الفنادق في جدة والرياض، ومسارات التزلج على الجليد شمالي لبنان. لكن المسافة القصيرة إلى هذه الأماكن ويجب أن تتغلب على العقبات المليئة بالألغام التي ما زالت تهدد تحقق هذا الحلم.

في الأيام القريبة القادمة ستجتمع الحكومة اللبنانية لمناقشة مسودة العمل التي طرحها في الأسبوع الماضي المبعوث الأمريكي توم براك، التي تطلب فيها الولايات المتحدة من لبنان اتخاذ قرار عملي بشأن نزع سلاح حزب الله. القرار المبدئي اتخذ، سواء في خطاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، أو في تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام. الجيش اللبناني ينشغل منذ وقف إطلاق النار مع إسرائيل في مصادرة سلاح حزب الله جنوب الليطاني، وحسب عون فقد سيطر على 80 في المئة من القواعد التي كان يسيطر عليها حزب الله.

حصل لبنان أيضاً على “موافقة” محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، على نزع سلاح الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين وخارجها، وأعلن ورؤساء التنظيمات في المخيمات عن استعدادهم للتعاون مع الحكومة اللبنانية. عون، الذي عين نفسه كجهة حصرية مسؤولة عن تنفيذ هذا التعهد، يتمسك بالموقف القائل إن نزع السلاح يجب أن يكون بالحوار مع حزب الله لمنع المواجهات العنيفة التي قد تؤدي إلى حرب أهلية.

لكن واشنطن غير مستعدة للانتظار إلى حين إجراء هذا الحوار ونجاحه. إذا كانت الرغبة هي إجراء الحوار، قال براك، فيجب إجراؤه فوراً في إطار جلسة للحكومة بمشاركة وزراء حزب الله الذين سيعطون موافقتهم.

حتى الآن، ليس معروفاً هل وكيف ستتم إدارة هذه الجلسة، لكن الرئيس اللبناني يضع شرطاً أساسياً بحسبه أي عملية للحكومة اللبنانية سيتم الرد عليها بخطوة من قبل إسرائيل. أي أن قرار الحكومة بنزع السلاح يجب الرد عليه بانسحاب جزئي لإسرائيل من الخمسة مواقع التي يسيطر عليها الجيش في لبنان، في حين يجب الرد على تنفيذ القرار بانسحاب كامل من قبل إسرائيل.

 واشنطن تهدد بأنه إذا لم تستجب الحكومة اللبنانية لطلباتها فستنسحب من لجنة الرقابة على تطبيق وقف إطلاق النار، أي أن الولايات المتحدة ستطلق يد إسرائيل لتفعل ما تريد في الأراضي اللبنانية، وستقوم اليونفيل بإخراج قواتها، ولن يستطيع لبنان الحصول على المساعدات الاقتصادية التي هو بحاجة إليها بإلحاح. نتيجة لذلك، ستصبح دولة معزولة ولا فرصة أمامها لإعادة الإعمار. من السابق لأوانه تقدير كيفية تصرف الحكومة وما إذا كان حزب الله سينضم للقرار الذي يعني التنازل عن أداة الضغط الأساسية له ولإيران في لبنان، والتحول إلى حركة سياسية.

لكن لسلوك حزب الله في هذه القضية أهمية كبيرة تتجاوز حدود الدولة؛ فهو سيشير إلى الاستراتيجية التي تنوي إيران تبنيها تجاه وكلائها، والطريقة التي تخططها لتطوير مراكز نفوذها في المستقبل. هل ستواصل العمل بواسطة التنظيمات المسلحة التي شكلت دولاً صغيرة داخل دول سيادية، أم أنها ستتوجه لبناء نفوذ سياسي يقوم على أساس التعاون مع الحكومات بدون تهديدات عسكرية. في العراق مثلاً، وافقت إيران مبدئياً على دمج المليشيات الشيعية التي تدعمها في الإطار العسكري – الوطني. ولكن لبنان دولة رئيسية بسبب قوة حزب الله العسكرية ومكانته كتنظيم أدار ونسق نشاطات الوكلاء الآخرين. هكذا، حتى لو أصبح حزب الله حركة سياسية فإن له تأثيراً كبيراً على قرارات الحكومة، وبالتأكيد في كل ما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل.

قضايا صغيرة

القصة في سوريا مختلفة كلياً. فالرئيس الجديد أحمد الشرع، أغلق طرق وصول إيران، عسكرياً وسياسياً، بنجاح. وبالتالي، حرم حزب الله من قناة تزويده الأكثر أهمية. وأعلن الشرع بأنه غير معني بمواجهة مع إسرائيل، وحتى إنه لم يستبعد انضمام سوريا بـ “بشروط مناسبة” لاتفاقات إبراهيم. وقال معظم “الأقوال الصحيحة”، وحصل على مقابل قيم، الذي وجد تعبيره ليس فقط بمصافحة دافئة مع الرئيس ترامب، بل رفع العقوبات عن سوريا.

لم يبق سوى قضية صغيرة، “هضبة الجولان”. وحتى قبل ذلك، مصير المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل أثناء الحرب في جنوب الدولة وفي هضبة الجولان السورية. أوضح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، في الأسبوع الماضي بأنه لا مانع من انضمام سوريا للاتفاقات إذا تنازلت عن هضبة الجولان. هكذا، فقد عمل ساعر على تحليل مشاركة الشرع، الذي كان يعتبر جهادياً إسلامياً خطيراً قبل بضعة أسابيع.

نظرياً، يمكن لإسرائيل وسوريا التوقيع على اتفاق سلام وإبقاء قضية ترسيم الحدود إلى المفاوضات المستقبلية بينهما. ولكن إذا صممت إسرائيل على استمرار سيطرتها على الأراضي السورية بعد قولها بأن هضبة الجولان ليست محلاً للتفاوض، لأن ترامب نفسه اعترف بسيادة إسرائيل عليها، وأن فلافل دمشق يترك ليحترق قبل تمكن الزبون الإسرائيلي الأول من الاستمتاع بها.

وثمة جائزة أخرى كبيرة تقريباً سقطت في حضن إسرائيل عشية الحرب في غزة. إذا كانت السعودية قبل الحرب قد طلبت من إسرائيل وأمريكا خطوات “لتحسين ظروف حياة الفلسطينيين”، فقد غيرت مواقفها الآن. خلال الحرب في غزة، وضعت المملكة الاعتراف بحل الدولتين، الذي سترافقه خطوات عملية نحوه كشرط أساسي لموافقتها على إقامة علاقات مع إسرائيل. السعودية التي قادت الجهود الدبلوماسية العربية لإنهاء الحرب في غزة، تملك أداة نفوذ قوية على الرئيس ترامب، على شاكلة تعهد باستثمارات تبلغ تريليون دولار في الولايات المتحدة في فترة ولايته. تنفيذ هذا الاستثمار لا يرتبط في الحقيقة بإقامة الدولة الفلسطينية، لكن من يطمح إلى إنجاز سياسي يدرك أن هذه الأمور يرتبط بعضها ببعض.

بالنسبة لحكومة إسرائيل التي تديرها مجموعة مسيحانية راديكالية، لا يعتبر التطبيع هدية قيمة مثل التي من أجلها يجب التنازل عن حلم العودة إلى قطاع غزة، حتى لو كانت ستضمن جائزة نوبل لترامب أو ستعزز شعبية نتنياهو الجماهيرية. لهذه المجموعة سلم أولويات خاصاً بها، لا يتساوق مع مصلحة إسرائيل. لسعادتها الكبيرة، ترامب نفسه لم يظهر حتى الآن أي ميل لدعم حل الدولتين. سيكون من المثير رؤية كيف أن الرئيس، الذي لم ينجح حتى الآن في لي ذراع نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة، سيقنع السعودية بالاكتفاء بترتيبات إنسانية في القطاع كبديل عن حل القضية الفلسطينية.