البرادعي ينتقد ألمانيا: دافِعوا عن "إسرائيل" دون تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم!

السبت 10 مايو 2025 05:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
البرادعي ينتقد ألمانيا: دافِعوا عن "إسرائيل" دون تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم!



برلين/سما/

 في تصريحات نارية أطلقها اليوم السبت 10 مايو/أيار، هاجم الفائز بجائزة نوبل للسلام المصري محمد البرادعي السياسة الألمانية تجاه الصراع في الشرق الأوسط، متهمًا برلين بـ”عدم تعلّم دروس التاريخ” في تعاملها مع الأزمة في قطاع غزة.

البرادعي، البالغ من العمر 83 عامًا، والذي شغل منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بين 1997 و2009، وجّه انتقادات لاذعة لدعم ألمانيا “غير النقدي” لإسرائيل، محذرًا من أن هذا الموقف يُساهم في “تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم”. في الوقت نفسه، تثير خطة أمريكية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة جدلًا واسعًا، حيث ترفضها الأمم المتحدة وتدعمها إسرائيل، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والإنساني.

وفي مقابلة مع مجلة “شتيرن” الألمانية، قال البرادعي إن ألمانيا، التي تتحمّل مسؤولية تاريخية بسبب المحرقة، كان يُفترض بها أن تكون أكثر حساسية تجاه أي مأساة إنسانية جديدة.

وأضاف: “كنت أتوقّع من ألمانيا أن تستخلص من تاريخها واجبًا أخلاقيًا لمنع أي إبادة جديدة”.

وانتقد البرادعي موقف برلين الذي يرى أنه يركّز فقط على دعم إسرائيل دون النظر إلى معاناة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى في حربها ضد “حماس” في غزة إلى “الانتقام” من هجوم 7 أكتوبر 2023، وليس مجرد الدفاع عن النفس. وأكد: “ادعموا إسرائيل، لكن لا تُجردوا الفلسطينيين من إنسانيتهم”.

البرادعي، وهو خبير في القانون الدولي وأستاذ سابق في جامعة نيويورك، أشار، في مقابلته مع المجلة الألمانية، إلى أن أكثر من 50,000 مدني فلسطيني قُتلوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفقًا لتقارير حديثة. وقال: “عندما يُقتل الناس كالذباب، ويستمر هذا دون توقّف، ويدرك الجميع أنه انتقام، لا يمكننا أن ندّعي أنه دفاع عن النفس”. وحذّر من أن هذا الموقف “ألحق ضررًا كبيرًا بسمعة ألمانيا” عالميًا، خاصة في العالم العربي والإسلامي.

 دور ألمانيا في الصراع
تأتي انتقادات البرادعي في وقت حساس للسياسة الألمانية، حيث تولى المستشار الجديد فريدريش ميرتس، من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) منصبه في 6 مايو 2025.

ميرتس أكّد في أولى خطواته دعم ألمانيا لإسرائيل كجزء من “الدافع الوطني” (Staatsräson)، وهو المبدأ الذي أرسَته المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، والذي يربط أمن إسرائيل بالمصالح الوطنية الألمانية.

في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 9 مايو، جدد ميرتس التزام ألمانيا بأمن إسرائيل، لكنه أبدى أيضًا قلقًا بشأن الوضع الإنساني في غزة، داعيًا إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات.

ومع ذلك، لم يخلُ موقف ميرتس من الجدل. ففي فبراير 2025، أعلن نيته دعوة نتنياهو لزيارة ألمانيا، رغم مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 بتهم جرائم حرب، ما أثار انتقادات حادّة داخل ألمانيا وخارجها.

مجلة “دير شبيغل”، في افتتاحية نشرتها في 25 أبريل 2025 بعنوان “الدافع الوطني لا يحلّ محلّ السياسة النقدية”، وصفت هذا الموقف بـ “غير المسؤول”، محذّرة من أنه يقوّض القانون الدولي ويضرّ بمصداقية ألمانيا. كما أشارت إلى أن دعم ألمانيا غير المشروط لإسرائيل يُغذّي الإحباط السياسي داخل البلاد، خاصة بين الجاليات المسلمة التي تشعر بالتهميش بسبب موقفها المؤيد للفلسطينيين.

خطة أمريكية مثيرة للجدل لدعم غزة
في سياق متصل، كشفت الولايات المتحدة عن خطة جديدة لتوزيع المساعدات في غزة من خلال مؤسسة “غزة الإنسانية” (GHF)، وهي مبادرة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتدعمها الحكومة الإسرائيلية. الخطة تهدف إلى توزيع المساعدات عبر أربعة مراكز لوجستية في القطاع، مع ضمان عدم وصولها إلى “حماس”، وستُؤمَّن المسارات بواسطة حُرّاس أمن خاصين دون مشاركة الجيش الإسرائيلي. السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، أكد أن عدة شركاء انضموا للمبادرة، وأن توزيع الغذاء والماء والأدوية سيبدأ قريبًا.

لكن الخطة واجهت انتقادات حادة من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية، التي وصفتها بـ”غير عملية وخطيرة”، بحسب ما نشرت المجلة الألمانية. حيث أشارت “دير شتيرن” إلى أن الأمم المتحدة أكدت أن إسرائيل تمنع دخول المساعدات منذ أكثر من شهرين، ما أدّى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث أكثر من 3,000 شاحنة مساعدات عالقة خارج القطاع.

منظمة الأونروا أكدت نفاد مخزونات الطحين، بينما أعلنت منظمة المطبخ المركزي العالمي (WCK) توقّف مطابخها بسبب نفاد المواد الغذائية.

الإمارات العربية المتحدة رفضت أيضًا تمويل الخطة، رغم محاولات إسرائيلية لإقناعها عبر إرسال مبعوثين، هما اللواء غسان عليان ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، لكن المحادثات باءت بالفشل.

الوضع الإنساني في غزة كارثي
الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث أدت الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023 إلى استشهاد أكثر من 50,000 مدني، وفقًا لتقارير فلسطينية.

تقرير نشرته “دير شبيغل” بعنوان “كيف تُدمّر إسرائيل غزة وتُهجّر سكانها” أظهر عبر صور أقمار صناعية تدميرًا منهجيًا للقطاع، مع تهجير حوالي نصف مليون فلسطيني منذ مارس 2025.

الأمم المتحدة حذّرت من أن مئات الآلاف يعانون من نقص الغذاء، بينما توقّفت معظم المساعدات بسبب الحصار الإسرائيلي.