فكرة ترامب حول غزة تثير جدلا في إسرائيل حول واقعيتها ومخاطرها..

الأربعاء 05 فبراير 2025 06:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
فكرة ترامب حول غزة تثير جدلا في إسرائيل حول واقعيتها ومخاطرها..



القدس المحتلة/سما/

رحّب معظم رؤساء الإئتلاف والمعارضة في إسرائيل بـتصريحات ترامب حول تهجير الغزيين والاستيلاء على غزة وهم يتكاتبون بذلك مع تأييد أغلبية الإسرائليين للفكرة العدوانية كما دللت استطلاعات رأي وفي المقابل تتساءل أوساط أخرى،سياسية وإعلامية عن مدى جديتها وعمليتها.

وفي المؤتمر الصحفي تطرق نتنياهو لفكرة ترامب ليلة أمس بالإشارة مجددا لـ “النصر المطلق” وهو شعار يردده منذ بدء الحرب ويشمل “إسقاط حماس عسكريا وسلطويا” وتابع نتنياهو ضمن محاولة للعب على “الأنا” المنتفخة للرئيس الأمريكي المسكون بـ جنون العظمة:”أؤمن أن حقيقة تفكيرك خارج الصندوق مع أفكار جديدة ستساعدنا في تحقيق الأهداف. أنت ترى أمورا يرفض رؤيتها الآخرون وأنت تقول أمورا يرفض قولها الآخرون”.ويستدل من ردود الفعل في الجانب الإسرائيلي أن الاعتبار المعتمد لديهم هو المرتبط بـ ميزان الربح والخسارة دون أي منطلق أخلاقي يرى أن التهجير جريمة وانتهاك للقانون الدولي وللنظام العالمي وتطبيع لفكرة متوحشّة بربرية.

فاقت أحلامهم

وقبيل المؤتمر الصحفي في واشنطن كان اليمين الصهيوني بارك تصريحات ترامب التي فاقت توقعاتهم وأحلامهم وسارع الوزير المستوطن المتشدد باتسلئيل سموتريتش وقادة الاستيطان لـ احتساء النبيذ احتفالا بـ تصريح ترامب وقال في تغريدة على حسابه يف تطبيق “إكس”:”عندما اقترحت هذا الحل سخروا مني”. وشكر سموترتش ترامب وقال بالانكليزية “معا سنجعل العالم أعظم مجدّدا”.

كما هو متوقع تبعه الوزير المستقيل ابن ايتمار بن غفير في التعبير عن ابتهاجه بموقف ترامب محاولا الاستدلال منه على صحة طريقه ودعواته القديمة وهو ابن حركة “كاخ” العنصرية برئاسة الحاخام الراحل التي اعتمدت منذ عقود الترانسفير برنامجا سياسيا.

وعلى غرار سموتريتش قال بن غفير في تغريدة إنها “بداية صداقة رائعة لافتا إلى أن جهات كثيرة سخرت منه عندما دعا لهجرة طوعية للفلسطينيين زاعما أنه الآن بات واضحا أن التهجير هو الحل الوحيد لقطاع غزة وتابع”هذه الاستراتيجية لليوم التالي. أدعو رئيس الوزراء لإعلان سريع لتبنّي الخطة والبدء في دفعها فورا وبشكل عملي”. لاحقا وردا على سؤال عما إذا كان سيعود للحكومة قال بن غفير للإذاعة العبرية الرسمية إنه لم يحيك بعد بدلة وزير جديد لكن لا شك أن الاحتمالات بعودة حزبه لـ الإئتلاف الحاكم قد ارتقعت وتابع”الكرة الآن بيد نتنياهو فإن أخرج الخطة لحيز التنفيذ سأكون لجانبه بشكل تام. في اللحظة التي يبدأون وهناك نية للتطبيق سأعود ولا أريد الاستزادة في الحديث،إذ صارت هناك خطط”.

قنبلة ترامب

وشكر رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان الرئيس الأمريكي وقال إنه ألقى بقنبلة مشيدا بالفكرة المطروحة  داعيا لمواصلة استعادة الأسرى، وإيجاد حل عادل في قطاع غزة يمر عبر سيناء وسط تعاون مع مصر من أجل إسقاط حماس،علاوة على وقوفه الصلب في وجه إيران”. وتبعه رئيس المعارضة يائير لابيد مستخدما هو الآخر  ذات المصطلح في حديث لإذاعة جيش الاحتلال منوهّا إن وحزبه لم يفهموا بعد حتى النهاية تفاصيل “القنبلة” ولكن بشكل عام كان المؤتمر الصحفي جيدا لـ إسرائيل.

أما النائب المعارض بيني غانتس فبدا متطابقا مع الإئتلاف بقوله إن تصريح ترامب هو دليل على التحالف العميق بين الولايت المتحدة وبين إسرائيل فقد أظهر ترامب وليس في المرة الأولى أنه صديق حقيقي وسيواصل مساندتها في قضايا مهمة لتعزيز أمنها وتابع غانتس:”في تصريحات أبدى ترامب تفكيرا خلاّقا وأصليا ومثيرا وينبغي دراسته لجانب تحقيق أهداف الحرب مع إعطاء الأولوية لاستعادة المخطوفين”.

من جهته بارك رئيس حزب “شاس” آريه درعي الرئيس الأمريكي العزيز وخاطبه بالقول:”أنت تعمل كـ رسول الله من أجل الشعب اليهودي الذي يظفر بنجاح كبير بفضل وقوفك الصلب سوية مع نتنياهو من خلال قيادة خطوات تاريخية تثمر عن تغيير وجه الشرق الأوسط وتعزيز السلام والأمن للشعب الإسرائيلي”.

 العبث بمستقبل الصفقة وباستقرار الأردن

من جهته شكك السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن داني أيالون بـ احتمالات تطبيق فكطرة ترامب وحذّر من انعكاساتها على الشرق الأوسط وقال إنها ربما تشعل المنطقة وتزعزع الاستقرار في الأردن. وقال نائب رئيس الموساد السابق النائب المعارض بن براك(حزب “هناك مستقبل) :”من جهة يظهر ترامب التزامه لـ إسرائيل وهذا جيد لكن شاهدنا فكرة أقلقتني لأنها تهدد المخطوفين وكان يجب التفكير بها مليا قبل إطلاقها لهواء. لك أن تتّخيل رد حماس على ذلك وكيف ستتصرف مع المرحلة الثانية من الصفقة.مهمتنا الأولى استعادة المخطوفين. سمعت تناقضات في أقوال ترامب ولذا أخشى جدا أن الصفقة لن تستكمل.أنا أيضا لا أريد حماس في القطاع ولكن بحكمة وسبق أن أيدت فكرة الترحيل طواعية من خلال نقل فلسطينيين لعدد كبير من الدول الغنية كل حسب رغبته. أتمنى لـ فكرة ترامب النجاح لكنها غير قابلة للتطبيق.

قطار ترامب

ويتفق مع بن براك الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف بإبدائه الحذر من أفكار ترامب غير الواقعية ومن انعكاسها السلبي على مستقبل الصفقة وتابع في حديث للإذاعة العبرية الرسمية:”لن نجد دولة عربية تؤيد ذلك ومن غير المستبعد أن تتراجع السعودية ومصر وعندها تتبدد اتفاقات أفرهام”. وردا على سؤال يقول إن أحدا لن يعطي تر امب جائزة نوبل للسلام معتبرا أنه يلحق ضررا كبيرا لنفسه بمثل هذه الأفكار غير الواقعية.

وردا على سؤال  عمما إذا كان ترامب سيتراجع عن فكرته لتناقضها مع حلمه بتطبيع السعودية قال زيف:”أغلب الاحتمالات ن يحدث ذلك لكن المشكلة أننا في فترة حساسة وفي ذروة صفقة حيوية بدونها سيموت المخطوفون خاصة أن تصريح ترامب ينتج فوضى ولذا أنا قلق جدا. ودعا زيف لمواصلة العمل لـ استكمال الصفقة أولا وعندها التفكير بفكرة ترامب رغم أنني لا أؤمن بها ولكن ربما نجرّبها لاحقا ونركب قطار ترامب علما أنني لا أعرف أين سيأخذنا به”.

من جهته يشكّك المحاضر المختص بالشؤون الأمريكية بروفيسور إيتان غلبوع بـ الخطة ويرى أنها ربما تلحق ضررا بالمرحلة الثانية من الصفقة وباحتمالات عودة المخطوفين. في حديث لإذاعة جيش الاحتلال تابع غلبوع:”لو قال ترامب إنه لا يمكن ترميم القطاع دون تنحي حماس لكانت الفكرة أكثر منطقية واعتقد أن مخطط ترامب بالاستيلاء والتهجير غير واقعي. التطبيع مع السعودية أهم من غزة تهجيرها وترميمها وقد أربك ترامب السعودية خلال المؤتمر الصحافي عندما قال إنها ستطبع دون دولة فلسطينية وهذا ما نفته الرياض. لذلك هناك تناقض بين التطبيع مع السعودية وبين عدم إنهاء الحرب”.

ردا على سؤال حول لغة الجسد قال غلبوع إن المؤتمر الصحافي لا يهمه بقدر ما يهمه ما يدور داخل الغرف الموصدة وتابع”واضح أن نتنياهو مبسوط لأن فكرة ترامب تمنح شركاء نتنياهو فرصة للبقاء في الحكومة حتى دون تطبيقها مستقبلا ولذا كان نتنياهو سعيد بهذه التصريحات التي تعينه على صيانة إئتلافه. اعتقد أن نتنياهو في قرارة نفسه يشكك بقدرة تطبيق هذه الخطة الطموحة جدا لكنها تساعده في تحقيق أهدافه في المدى القصير وأكثر ربما في المدى البعيد.

الواضح أن نتنياهو أيضا معني بالتطبيع مع السعودية لأنه عندئذ يستطيع الذهاب لـ انتخابات عامة مبكرة وبيده مكاسب كبيرة ولذا لن نشهد في الأسابيع القادمة جهدا  كبيرا في بناء المشروع الأمريكي داخل القطاع بل سنرى جهدا أكبر في مجال التطبيع مع السعودية. أرجو أن يقوم الدبلوماسيان ترامب وويتكوب بجهد لـ استكمال الصفقة رغما عن نتنياهو”

مجنون أم عبقري؟

تحت عنوان “هائم أو ثوري” تتساءل صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم بالقول بعد هذا العرض المدهش إن السؤال الكبير هل وكيف يطبّع الرئيس الأمريكي “ترانسترامب” ومن سيتعاون معه عدا سموتريتش منوهة أنه من غير الواضح إذا ما وكيف سيطبق ترامب الفكرة “المجنونة” ومن سيشاركه فيها؟ في المقابل تقول إن ترامب قام بـتطبيع أو حاول تطبيع الترانسفير وهي فكرة شريرة مدانة. وتضيف الصحيفة العبرية:”للحظة كان من الصعب أين نحن موجودون. هل رئيس الدولة الأكبر في العالم هو مجنون أفكاره خيالية أو رئيس عبقري ونبي وثوري يقوم بصياغة التاريخ ويبني شرق أوسط جديد؟

كما سارع السفير الأمريكي السابق في تل أبيب المساند للمستوطنين دافيد فريدمان لمنح أسماء جديدة لـ قطاع غزة: مارا غازا أو غازا مار لاغو.