حول «الأسوار الحديدية» في الشمال..

الإثنين 03 فبراير 2025 03:46 م / بتوقيت القدس +2GMT
حول «الأسوار الحديدية» في الشمال..



الكاتب: غسان زقطان:

سيكون من السذاجة السياسية، أو دفن الرؤوس في الرمال اعتبار الحملة العسكرية في شمال الضفة، أطلق عليها اسم "الأسوار الحديدية"، امتدادا للحملات السابقة أو حملة كبيرة من سلسلة هذه الحملات، أو، وهذا رائج، حصرها في محاولة القضاء على مجموعات الشباب المسلحة في مخيم جنين وقرى وبلدات الشمال، ثم وبعد الاتكاء على التحليل، الذي يبدو مريحا ومتداولا، التصرف وبناء سياسة على أرضية هذا التحليل.

ما يحدث في شمال الضفة ويقترب من الوسط والجنوب يذهب أبعد من ذلك.
الحملة الجارية الآن تتجاوز التحليلات الجاهزة المريحة لواضعي السياسات في فلسطين، ليست رشوة لليمين بأنواعه وتدرجاته الفاشية، أو مناورة من مناورات نتنياهو الكثيرة للمحافظة على ائتلافه الهش وحماية مستقبله السياسي، عبر إرضاء سموتريتش الغاضب من اتفاقيات إطلاق النار في غزة ولبنان وعدم وجود حرب انتقامية يتغذى عليها، ولا ينبغي حصرها في محاولات "نتنياهو" إشغال المستوطنين المحبطين من عدم وجود حروب وأن الجيش توقف لفترة عن إطلاق النار على الفلسطينيين، هي في صلب مشروع نتنياهو الذي يقود اليمين والمستوطنين ودرة التاج في المشروع الصهيوني.
لقد سبقها عمل كثير من إضعاف السلطة وانهاكها وحصارها وضرب مصداقيتها، الحملة بدأت أثناء وجود القوات الأمنية الفلسطينية في جنين وبعد الاتفاق الموقع مع كتيبة جنين، الذي منح وزارة الداخلية حق الإشراف والتعامل مع التجاوزات الجنائية وملاحقة المطلوبين...، وجاءت بعد تسليح مكثف وتدريب وتأهيل المستوطنين بالبنادق الطويلة، وبعد قرار "كاتس" الإفراج عن الموقوفين من المستوطنين، رغم أن توقيفهم كان هزليا،.. وبعد قضم المنطقة "ب" قانونيا وأمنيا وفكفكة المنطقة "أ".
والأهم أنه جاء بموازاة تنفيذ قانون إغلاق مكاتب ومقرات "الأونروا" وتعطيل خدماتها في القدس، الذي لا جدال حول أنه مقدمة لحملة أوسع تشمل دور المنظمة الدولية في الضفة وغزة نظريا، بينما يقوم جيش الاحتلال بالجانب العملي عبر تجريف منطقة عملها التي هي المخيمات مبتدئا من الشمال.
هذه ببساطة ودون الذهاب يسارا ويمينا في التحليل، مقدمات ضم الضفة الغربية وتفكيك السلطة وإنهاء وجودها.
ببساطة أشد لا معنى لحمل الختم على معبر رفح بينما المشروع الوطني برمته يتعرض للإبادة، والقضية برمتها تتعرض للتصفية.