القدس المحتلة / سما / تكللت عملية اغتيال القائد في كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، بنجاح كبير، تُشير تفاصيله إلى احتمالية كبيرة بضلوع الموساد الإسرائيلي في تنفيذ عملية الاغتيال. والغريب في الأمر، أن أحداً من الشارعين العربي والفلسطيني لم يكن على دراية بشخصية القائد "المبحوح"، لكنه بين ليلة وضحاها، بات علماً للجميع، والذين شعروا أنهم فقدوا رجلا عظيما كان يعمل في الخفاء. وعلى ما يبدو أن إسرائيل –المُتهمة بتنفيذ عملية الاغتيال-، لم تكن تعلم أن ما بعد تنفيذ العملية سيكون له هذا الصدى الكبير في وسائل الإعلام العربية والعالمية، وهي بذلك قد فتحت على نفسها أفقا جديدة في الصراع، والتي تحاول جاهدة في سياق الأيام والسنين أن تخف من حدته، لكن الرياح تأتي عليهم بما لا تشتهي السفن. عملية الاغتيال هذه، جعلت الكتاب الإسرائيليين وأصحاب الرأي، يعيشون الحدث، ويحاولون جاهدين تأكيد مسئولية الموساد عن تنفيذ العملية، في محاولة من الجميع لتحقيق السبق الصحفي، والكشف أولا عن المعلومات الجديدة. ولا يمكن لأي كاتب إسرائيلي –إلا ما ندر- إلا وأن يبدأ تقريره أو خبره أو مقاله حتى، إلا بمدح إسرائيل، وقدرتها على تحقيق ما تريد، وفي المقابل التقليل من قوة الآخر، وإظهاره على أنه عاجز وضعيف. ويرى المحلل السياسي في صحيفة يديعوت "رون بن يشاي"، أن حركة حماس لا زالت مذهولة من عملية اغتيال "محمود المبحوح"، على يد الموساد الإسرائيلي. يشار هنا إلى أن قيادة حركة حماس في الداخل والخارج –كما يقولون-، كانت قد هددت بالانتقام من إسرائيل، ردا على اغتيال المبحوح. وزعم "بن يشاي" أن نوعية هذا الانتقام الذي هددت به حماس، يدور حوله جدل حاد في أواسط قيادة الحركة، وأن هناك من يهدد بعملية انتقام في الخارج، وأخرون –من غزة- يفضلون أن يكون الانتقام وِفق الطريقة التقليدية في داخل إسرائيل. وقال: "هذا الجدل يحدث في الحركة منذ عدة سنوات، لا سيما وأن الحركة تعلم جيدا أن عمليات في خارج إسرائيل من شأنها أن تمس بموضوع جمع التبرعات في الدول الأوروبية وحتى في الولايات المتحدة". وأضاف "هناك جمعيات كثيرة تُعنى بجمع أموال الزكاة والصدقات من أجل إرسالها لمؤسسات اجتماعية تابعة لحماس، والتي تدعم موقف حماس السياسي وتمنحها القدرة على تمويل حكمها وتعزيز سيطرتها على غزة". وادعى أن حماس من جانب آخر تبحث على أن يكون لها دور شرعي في الأوساط الدولية، في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل –وقد نجحت في عدة أماكن أوروبية، وحتى في الولايات المتحدة- أن تُبقي حماس في دائرة "الإرهاب"، وأنها لا تستحق التأييد الدولي، ويجب وقف الدعم المادي والمعنوي لها. وبيّن المحلل الإسرائيلي أن الصعوبة الحقيقية التي تحول دون قدرة حماس للقيام بعمليات انتقام في الخارج، تكمن في أن حماس لا تمتلك بنية (إرهابية) هناك مثل حزب الله والقاعدة. وذكَّر بأن حماس التي انطلقت في الانتفاضة الأولى عام 1987، كان من ضمن أهدافها التركيز في الشأن الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، وأن حربها موجهة ضد إسرائيل ومستوطنيها، وعليه يجب الحفاظ على القوة داخليا وعدم إضاعتها في الساحة الدولية. وأكد المحلل "بن يشاي" على أن حماس تمتلك قاعدة شعبية وجماهيرية كبيرة وقوية، لا يُستهان بها في الخارج، لافتا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تُعتبر الأم لحركة حماس. وتابع القول: "ما سنقوم به الآن هو الانتظار، لكي نرى ما هو القرار الذي ستتخذه قيادة حماس حول كيفية الرد ضد إسرائيل، هل سيكون في الداخل أم في الخارج؟"، مضيفا "في نهاية الأمر القرار سيكون في مجلس الشورى، والذي يُعتبر السلطة العُليا في الحركة لاتخاذ القرارات". وادعى "بن يشاي" أنه إذا تقرر أن تكون العملية خارج إسرائيل، فإن سيناء ستكون المرشحة الأولى لذلك، لأن عناصر حماس يستطيعون الوصول إليها بكل سهولة ودون عوائق، خاصة وأنهم يملكون هناك بنية إرهابية، والتي تُستغل لغرض التهريب، وهناك أيضا سلاح ووسائل قتالية أخرى تحت تصرف حماس وتستطيع أن تستخدمه في كل آنٍ وحين. وتابع زعمه، أنه من الممكن أن يتم الاعتداء أيضا في الأردن أو تركيا أو حتى الإسرائيليين الذين يسافرون إلى قطر وأبو ظبي، منوها إلى أن كل ذلك يُعتبر أمرا افتراضيا، وأنه لا يوجد أي إنذار ملموس للقيام بأي عملية في الخارج. وشدد على أنه إذا أصرت حماس على تنفيذ عملية في الخارج، فإنه ينبغي عليها أن تُقيم بنية هناك، لافتا إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يأخذ وقتا طويلا، وقد يصطدم بعقبات كثيرة، ولذلك فإن تهديد حماس ليس قريبا –على حد قوله-.