كما كان في السابق، منذ الثورة السورية في 2011، ينقسم فلسطينيو الداخل حيال الحدث التاريخي الجلل في سوريا، بين من يعرب عن رضاه، بل فرحه لسقوط بشار الأسد، مقابل من ينبه لخطورة ذلك.
فقد أعربت الحركة الإسلامية- الشق الجنوبي، والقائمة العربية الموحدة عن مباركتهما بـ “سقوط النظام البعثي الدكتاتوري ورئيسه بشار الأسد، معتبرتَيْن هذه المرحلة مفصلية تمثل منعطفًا تاريخيًا في مسيرة الشعب السوري الشقيق، والذي قدم أغلى التضحيات، على مدار سنوات طويلة، في سبيل نيل الحرية واستعادة الكرامة، بعد أن بقي عقودًا تحت قبضة نظام استبدادي، شكل أداة قمع وقتل وتهجير وسلب للحقوق”.
وشددت “الحركة” و”الموحدة” على أن موقفهما يستند إلى “إيمان راسخ بحق الشعوب في الحرية وتقرير المصير”، وعبّرتا عن دعمها المطلق لكل شعبٍ يعاني تحت وطأة أنظمة تُجهض إرادته، وتسلب منه العدالة، وتحرمه المساواة.
كما أكدتا على موقفهما الأخلاقي المبدئي الداعم للشعب السوري في مسيرته لبناء دولة ديمقراطية قوية تحمي حقوق جميع المواطنين، دون تمييز طائفي أو مذهبي، مع رفضهما القاطع لسفك الدماء، أو أي ممارسات انتقامية قد تُفاقم من معاناة الشعب السوري.
ودعت “الحركة” و”الموحدة”، في بيانهما، المعارضة السورية، وقيادات الثورة، إلى ضرورة التحلي بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، مع التشديد على أهمية أن يكون سلوكهم في هذه المرحلة الحاسمة تصالحيًا جامعًا، يرتكز على قيم العدل والإنصاف، وأن المرحلة القادمة تتطلب بناء نظام ديمقراطي متين قائم على التداول السلمي للسلطة، وترسيخ المساواة وضمان الحريات لجميع السوريين دون استثناء، والحفاظ على وحدة الأرض السورية.
كما أكدت “الحركة” و”الموحدة” على أن هذه “اللحظة التاريخية تفتح باب الأمل أمام ملايين اللاجئين السوريين حول العالم، والذين أُجبروا على ترك ديارهم وأراضيهم، للعودة إلى وطنهم بأمان، والالتفاف مع أهاليهم، والمساهمة في الوحدة الشعبية وبناء سوريا جديدة تُعلي قيم الحرية والكرامة الإنسانية، وتُعيد للشعب السوري حقه في العيش بسلام وازدهار، وأشارت “الحركة” و”الموحدة” إلى أنهما تفخران بالموقف الإنساني وبالحملات الإغاثية التي وقفت من خلالها الحركة الإسلامية طوال الأعوام السابقة مع مئات الآلاف من إخواننا اللاجئين السوريين للتخفيف عنهم وتقديم المساعدات الإنسانية لهم”.
“الحزب الشيوعي الإسرائيلي” يحذّر
في المقابل أكد، في الليلة الفائتة” “الحزب الشيوعي الإسرائيلي”، في بيان، لمكتبه السياسي، الصادر بعد اجتماعه الدوري في نهاية هذا الأسبوع، أن التطورات الخطيرة الجارية في سوريا تؤكد “حجم المؤامرة الدولية التي تستهدف سوريا الوطن، منذ سنوات طوال، حيث باتت مكشوفة للعلن، وبالذات التعاون والتنسيق التركي الإسرائيلي الأمريكي، وأدواتهم، المتمثلة بتنظيمات أصولية إرهابية، ومعها حركات مختلفة تحمل أجندات تخدم الاستعمار الإمبريالي، لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية للشعب السوري”.
وقال “الحزب الشيوعي الإسرائيلي”، في بيانه، إن توقيت شن الهجوم واسع النطاق من التنظيمات المنبثقة عن تنظيم “القاعدة” الإرهابي، مدججة بعتاد وتكنولوجيا حديثه، يؤكد هذا الدعم الدولي، خاصة الثلاثي المذكور، ومجاهرة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان به”.
كما قال إن الدور التركي هو دور تخريبي معادٍ لشعوب المنطقة، بمن فيها الشعب التركي، ويأتي لدعم مصالح الناتو في المنطقة والعالم، وطموح أردوغان في إنعاش حلم السلطنة العثمانية.
وقال أيضاً إن المستهدف الأساس هو الوطن سوريا، ليكون موقعاً جغرافياً يتكبّد تقاسم مصالح إقليمية ودولية، وفي مقدمتها الأطماع التوسعية التركية، وأيضاً ما يخدم إسرائيل الرسمية في المنطقة؛ وما تحمله هذه التنظيمات الإرهابية من أجندات، واستعدادها للولاء للأطماع الإقليمية الخارجية، لا يمكنها أن تصب في مصلحة الشعب السوري، ، شعب من حقه العيش الكريم في وطن حر، بوصلته الوطن الواحد المتكامل”.
وجاء في البيان أن “الحزب الشيوعي” يؤكد أن ما يجري في سوريا، سيكون له انعكاسات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية، تضاف للمخاطر القائمة، التي تصب في اتجاه تصفية القضية، وفي مقدمتها حقه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران.
ويرى “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” في تقييماته الحالية، أن “ما يجري في سوريا، هو حلقة إضافية، لما تشهده المنطقة من تقلبات، لجعل هذه الدول منشغلة بذاتها، وتحويلها إلى دول هالكة في قضاياها، وغارقة في صراعات في ما بينها ، وكل هذا يصب في خدمة الإمبريالية العالمية، وأولها الولايات المتحدة الأمريكية، وأداتها في المنطقة إسرائيل، بما تحمله هي أيضاً من أجندات توسعية، وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية، لكن إسرائيل وشركاءها سيكونون واهمين، لأن الشعب الفلسطيني حي ومتمسك بقضيته القومية الوطنية الأولى”.
ندعم حق الشعوب
تؤكد “العربية للتغيير”، برئاسة النائب أحمد طيبي، “موقفها الثابت بدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، باعتباره حقًا أساسيًا وأصيلًا”. وقالت إنه لطالما أكدت على حق الشعب العربي السوري ممارسة دوره الكامل في تحديد شكل نظام الحكم الذي يحقق تطلعاته ويعزز الأمن والاستقرار والازدهار في سوريا. كما تؤكد رفضها القاطع لـ “التدخلات الأجنبية في شؤون الدول العربية، والتي تهدف إلى الهيمنة واستعمار الشعوب، وتلعب دورًا خطيرًا في تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية، وزرع الفوضى، ونهب موارد وخيرات الأوطان”. وقالت إن هذه التدخلات لا تخدم سوى مصالح القوى الأجنبية على حساب مصلحة الشعوب العربية ومستقبلها”.
وتابعت: “بعد أكثر من عقد من الصراع الدموي في سوريا، الذي أودى بحياة الملايين، وسبّب نزوحًا ومعاناةً غير مسبوقة للشعب السوري، آن الأوان لطي صفحة الحرب والدمار. لقد حان الوقت ليعيش الشعب السوري في أمن وأمان، على طاولة المصالحة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، بعيداً عن أطماع الطامعين”.
وخلصت “العربية للتغيير” للقول: “نتطلع إلى أن تدخل سوريا مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار، بعيدة عن مستنقع الطائفية والمذهبية والصراعات الداخلية. سوريا القوية والمستقرة هي ركن أساسي في تعزيز وحدة وقوة الأمة العربية ودعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة”.
يشار إلى أن “الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة”، برئاسة النائب أيمن عودة، حليفة “الحزب الشيوعي الإسرائيلي”، لم تصدر موقفاً بعد، وأيضاً “حزب التجمع الوطني الديموقراطي”، برئاسة سامي أبو شحادة، والحركة الإسلامية- الشق الشمالي المحظورة، برئاسة الشيخ رائد صلاح لم يصدرا موقفاً بعد.