أكد خبراء أن ما أدلى به المرشد الإيراني مؤخراً، تعليقاً على هجوم إسرائيل في الداخل الإيراني فجر السبت الماضي، يضع إطاراً عاماً لحسابات "طهران"، يذهب إلى أن يكون الرد على "تل أبيب" ضعيفاً وشكلياً، في حال حدوثه.
وأرجع خبراء ذلك إلى رغبة خامنئي في الحفاظ على المصالح الداخلية، في ظل مخاوف من انفجار انتفاضة كبرى، تتعلق بما يدور من إضطرابات ببعض المناطق، فضلاً عن وجود خلافات سياسية ومشاكل اقتصادية، وهو ما جعل طهران تدفع بـ"الإصلاحيين" بقيادة الرئيس الذي سمى الأمريكيين بـ"الأخوة"، لفتح مسار ضبط العلاقات مع واشنطن، بهدف تحسين الوضع الاقتصادي المنهار بالداخل، من خلال تخفيف حدة "العقوبات" المفروضة.
وكان أعلن خامنئي، مؤخراً، أنه ينبغي عدم التضخيم ولا التقليل من الضربات التي نفذتها إسرائيل على مواقع عسكرية في إيران، موضحاً عبر منشور على منصة "إكس" أن الأمر يعود للسلطات لتحديد كيفية إيصال قوة وإرادة الشعب الإيراني إلى النظام الإسرائيلي واتخاذ إجراءات تخدم مصالح تلك الأمة والبلاد.
قرار الضربة بيد خامنئي
وأشار خبراء في هذا الصدد، إلى أن "الأمر الناهي" في قرارات مثل "الرد" وشكله وتوقيته، هو المرشد، حيث تعود له السلطات في نهاية المطاف، لافتين إلى أن خامنئي لا يميل إلى أن يطال إسرائيل أي رد قوي إن حدث.
ويقول الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور نبيل الحيدري، إنه على الرغم من وجود المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، الذي يدرس تلك الضربات والرد عليها، ولكن القرار في يد المرشد وليس كما قال في تصريحه، إنه يعود إلى السلطات حتى يحدد صلاحية الرد، مشيراً، إلى أن المرشد هو من يقرر فعلياً كيفية الرد وطبيعته وحجمه ووقته ومكانه.
وذكر الحيدري أن من المتوقع أن تقوم إيران بالرد الإسرائيلي نفسه المحدود، أو أن لا ترد في الأصل، مبيناً "هذا متوقع لا سيما أن المرشد يتبع في الكثير من تصريحاته (التقية السياسية) والدعاية الإعلامية ومحاولة إعطاء زخم إعلامي لقوة إيران".
وأضاف: "يريد خامنئي الحفاظ على الداخل خوفاً من انفجار انتفاضة كبيرة في ظل اضطرابات وخلافات داخلية، مع وضع اقتصادي صعب تعاني منه بلاده حالياً، لذلك اختار المرشد، الإصلاحيين ومسعود بزشكيان الذي سمى الأمريكيين بـ(الأخوة)، رغبة في تحسين الوضع الاقتصادي المنهار بالداخل وفتح المسار مع أمريكا لضبط العلاقات".
وأشار الحيدري إلى أن الإعلام الإيراني قلل كثيراً من الضربة الإسرائيلية مقابل أن الإعلام الإسرائيلي ضخم منها.
رد شكلي لهدف دعائي
من جهته، توقع الخبير في الشؤون الدولية، أصلان الحوري، أن الرد المنتظر من جانب إيران سيكون شكلياً يأخذ الجانب الدعائي، لا سيما أن هناك تفعيلاً قوياً من جانب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في هذا التوقيت خاصة مع الانتخابات الرئاسية، بالالتزام بقواعد اللعبة وعدم الذهاب إلى اللاعودة، وهذا ما جاء في هجمة إسرائيل، وفق قوله.
ويرى الحوري في حديثه لـ"إرم نيوز" ، أن ما خرج عن المرشد الإيراني في إطار ما يتعلق بالرد، ليس سوى "خطبة" موجهة بشكل كبير إلى الداخل والحاضنة في دول لبنان والعراق واليمن، مبيناً أن حديثه لهم بأنه إذا دخل في مواجهة تكون لصالح "الأمة" وليست لصالح إيران فقط، في محاولة للعمل على تبديد ما انتشر في الفترة الماضية عن أن إيران تستغني عن أذرعها مقابل مصلحتها.
ويرى الحوري أن إيران ستظل تتلاعب بفكرة الرد ليس فقط للتعامل مع الجانب الأمريكي للحصول على مكاسب مثلما أثير في الفترة الماضية، ولكن الرغبة أيضا في الذهاب إلى الجانب الأوروبي لغرضين.
مقايضة مع دول أوروبية
وقال إن الغرض الأول هو أن تقوم طهران بمقايضة مع وسطاء من دول أوروبية فيما يتعلق بمشروعها النووي وتخفيف العقوبات وبعض المصالح الاقتصادية للحصول على مكاسب.
أما الغرض الثاني، فهو التمهيد لأن يكون الأوروبيون طرفاً وسيطاً، في حال فوز المرشح دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية، لإرساء قواعد جديدة مع الجمهوريين، تقوم على عدم المساس بالمشروع النووي الإيراني.
واستكمل الحوري أن الرد الإسرائيلي الذي كان منسقاً إلى أبعد حد عبر واشنطن، يؤكد أن الترتيب المتبادل قائم، لا سيما من جانب إيران التي تنتظر الانتخابات الأمريكية التي من الممكن أن تتغير معها مواقفها واستراتيجياتها في حال مجيء ترامب، وفق قوله.