ما إن بدأ قادة الكيان الإسرائيلي بالشعور بنشوة النصر إثر اغتيال الشهيد القائد سماحة السيد حسن نصر الله، بعد مضي قرابة عام على شعورهم بالعجز والفشل في إدارة حربهم مع حزب الله الذي جعل مناطق الشمال خالية من مستوطنيها وما تركته العمليات العسكرية للمقاومة الاسلامية اللبنانية من بصمة تمثلت في تشرذم قادة الكيان وعجزهم من إحداث أي خرق في موقف المقاومة اللبنانية كجبهة اسناد أساسية شديدة الفاعلية.
ليجد قادة الكيان في تنفيذ الاغتيالات المتعددة الأدوات وبناءً على دعم استخباراتي وعسكري وسياسي امريكي الخيار الأكثر فعالية لناحية التخلص من قيادات حزب الله واهمهم سماحة السيد حسن نصر الله الذي أذاق الكيان هزائم يذكرها التاريخ غيرت من خرائط المنطقة والمشاريع الاستعمارية الامريكية الكبرى، وفي هذا الخيار هدف استراتيجي امريكي – صهيوني متمثلاً بضرب اعمدة الجسد المقاوم وإصابة أعضائه بالشلل وهذا يخدم الكيان في عدة نقاط أذكر منها أهمها:
اغتيال أعمدة الجسد المقاوم مما يثير القلق والرهبة في نفوس المقاومين وجمهور المقاومة على المستويين الإقليمي والدولي.
استغلال الكيان حالة الإرباك التي حصلت نتيجة الاغتيالات والذهاب لتنفيذ ما أعلن عنه نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت المتمثل بالغزو البري للجنوب واحتلال بعض القرى لإبعاد المقاومة عن خطوط التماس مع هذا العدو واعادة المستوطنين إلى الشمال.
تغيير صورة الكيان العاجز بفعل ضربات المقاومة لمدة عام من الحرب داخلياً وخارجيا.
إلا ان المقاومة الاسلامية اللبنانية بالرغم من ما تعانيه من ألم الفقدان لسماحة السيد نصر الله وقادتهم الميدانيين استطاعوا الصمود في الميدان والحفاظ على وتيرة العمل المقاوم في الجبهات والحاق الضرر وترك الاثر في أكثر المناطق الأمنية التي كان يعتقدها الكيان تتمتع ومستوطنيها بالأمان وهذا ما رأيناه في بيانات قيادات العدو التي تطالب سكان المستوطنات في حيفا وتل ابيب وغيرهما الكثير من المناطق المحتلة لنزول للملاجئ نتيجة ضربات المقاومة الصاروخية الكبيرة، وهذا ما فاجأ قادة الكيان في الميدان، وهي التي كانت تراهن على تفككه وتشرذمه وعجزه امام ثقل حدث الاغتيالات خاصة بعد اغتيالها لسماحة السيد وهذا ما ساهم وبشكل كبير في افشال او تأجيل الغزو البري الذي هدد فيه قادة الحرب.
إلا أن أمريكا التي خططت ونسقت مع أذيالها من الأنظمة العربية لإدارة الحرب النفسية وتقديم صورة تظهر فيها اسرائيل القوية التي استطاعت من خلال ارهابها التكنولوجي والصاروخي تنفيذ جرائم البيجر والاغتيالات بحق بعض قادة المقاومة وإعلان نتنياهو المتمثل بخارطة الشرق الاوسط الجديد الذي كانت المقاومة اللبنانية ومحور المقاومة قد أفشلت هذا المشروع لتبدأ المكنات الإعلامية الناطقة بالعربية بوضع سياسة اعلامية في عدة قنوات موجهة للشعب العربي والمسلم مهمتها تقديم اسرائيل على انها من تمسك بدفة الحرب ولها اليد الطولى في الميدان وانها استعادة زمام المبادرة وانتقلت للتمركز في نقطة ارتكاز عنوانها الهجوم على لبنان.
استطاعت الاستراتيجية الاعلامية الامريكية وعبر قنوات اعلامية عربية ان تدخل سمومها الى أفئدة جمهور المقاومة وإدخالهم في حالة من التوتر والهلع وبدأت وهم في حالة نفسية حزينة نتيجة اغتيال السيد نصر الله لتجد في ذلك مدخلا لتصويب سهام سمومها على الجمهورية الاسلامية الايرانية وتقدمها على انها تخلت عن حزب الله ولم ولن تفعل شيئا للثأر لدماء السيد نصر الله.
امام هذه المشهدية أتى الثأر الإيراني المحمل في رؤوس مئات الصواريخ الدقيقة لتضرب اهدافاً استراتيجية في عمق الكيان الاستخباراتي والعسكري مما دفع بوزير دفاعه للطلب من المستوطنين للنزول الى الملاجئ حتى إشعار آخر وهذا الرد افشل السردية الامريكية الصهيونية عبر وسائل الاعلام بأن ايران تخلت او باعت حزب الله واستعادة جمهور المقاومة الذي كان يرى في عدم الرد الايراني على اغتيال الشهيد القائد حسن نصر الله خيانة.
وفي الخلاصة حملت الايام الماضية الكثير من المتغيرات والمفاجآت التي تقول بأننا على اعتاب حرب كبرى تختفي فيها الضوابط وتحافظ على ثباتها فيها الجبهات غير آبهة بتهديد هنا ووعيد هناك، مع الحفاظ على عنوان يشكل ركيزة اساسية في إدارة الصراع من خلال الإجابة على سؤال من يرسم ملامح الشرق الأوسط من جديد ؟ فكانت الصواريخ التاريخية للجمهورية الاسلامية الإيرانية والعمليات البطولية لأنصار الله اليمنية وللمقاومة العراقية وللعمليات البطولية المستمرة لابطال المقاومة الاسلامية حزب الله في لبنان انقلابا كبيرا على المشروع الامريكي الصهيوني الهادف لنسف تاريخ السابع من اكتوبر وكل ما يحمله من عزة وكرامة وانتصارات وتحويله لتاريخ يمثل نكسة جديدة للشعوب العربية يصعب عليها نسيان آثارها لتأتي الإجابة ومن محور المقاومة وبشكل مختصر.. إسرائيل تحترق.
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق