بدأ اللبنانيون يحبسون أنفاسهم وهم يراقبون التصعيد الأمني والعسكري للعدوان الإسرائيلي المتزايد سواء على جنوب لبنان أو غزة أو اليمن وتداعياته على كل لبنان بما ينذر بأن “الحرب الشاملة باتت وشيكة” بحسب ما حذّر وزير خارجية الكيان الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال “وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الرهائن لن يمنع الحرب مع حزب الله شمالاً”.
وأضاف كاتس “إسرائيل لن تقبل بالهدوء مقابل الهدوء وأشك في إمكانية إقناع حزب الله بسحب قواته”، معتبراً “أن سحب حزب الله لقواته سيحدث إما من خلال رد عسكري إسرائيلي أو إذا أمرته إيران بالانسحاب”.
وتابع أن “80 في المئة من قوتنا الجوية لم تُستَخدم بعد، وإذا لم تقُم إيران بسحب حزب الله من حافة الهاوية فسنستخدمها”. فيما وصف حزب الله العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة “بالخطوة الحمقاء”ـ مشيراً إلى أنها “إيذان بمرحلة جديدة وخطيرة من المواجهة، بالغة الأهمية على مستوى المنطقة برمتها”.
توسيع رقعة الاستهداف
وكانت إسرائيل وسّعت دائرة اغتيالاتها للقادة الميدانيين في حزب الله ورقعة استهدافها للقرى الجنوبية وآخرها ما جرى في عدلون من استهداف لمستودع أسلحة وصواريخ للحزب، ما دفع بالمعنيين إلى قطع الطريق العام بين عدلون و”أبو الأسود” بسبب توالي الانفجارات وتحذير الأهالي من مغادرة منازلهم بعد تطاير عدد من الصواريخ بشكل عشوائي، وأفيد عن إصابة 6 مدنيين، وزفّ حزب الله الشهيد المجاهد مصطفى حسن فواز “فداء” مواليد عام 1975 من بلدة دبعال في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيدًا على طريق القدس.
وأورد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه استهدف منتصف ليل السبت الأحد مستودع ذخائر لحزب الله”، وقال “أغارت طائرات حربية على مستودعيْن للأسلحة في منطقة جنوب لبنان وفي داخلها قذائف صاروخية ووسائل أخرى”.
بدوره، وسّع حزب الله دائرة قصفه لمستوطنات إسرائيلية جديدة واستهدف بالصواريخ “كيبوتس دفنه” في إصبع الجليل و”كفار سولد” في الجليل الأعلى، ودوّت صفارات الإنذار في “بيت هلل” و”كفار جلعادي” و”هغوشريم”.
وتحدثت وسائل إعلام عبرية “عن استعدادات لتلقي ضربة في قواعد الجيش الإسرائيلي في الشمال حتى مسافة 50 كيلومتراً عن الحدود على الأقل”.
ودخلت “كتائب القسام” على الخط، فتبنّت استهداف مقر قيادة “اللواء 300 شوميرا” من جنوب لبنان. وأكدت في بيان “قصفنا من جنوب لبنان مقر قيادة “اللواء 300 شوميرا” في القاطع الغربي من الجليل الأعلى برشقة صاروخية”.
وفي المستجدات الميدانية، استهدفت مسيّرة إسرائيلية بصاروخين، أحد المنازل في حولا، ما أدى إلى استشهاد عنصرين من حزب الله من البلدة هما أحمد علي موسى “كرار” مواليد عام 1985 وياسين حسين حسين “أبو زهراء” مواليد 2006.
في المقابل، استهدف حزب الله مستعمرة “دفنا” بصواريخ الكاتيوشا ردًا على اعتداءات العدو الإسرائيلي التي طالت المدنيين في بلدة عدلون، وهاجم الحزب بالأسلحة الصاروخية موقعي “الرمثا” و”السماقة”.
وكان الحزب قصف السبت تجمعاً لجنود إسرائيليين في محيط موقع المنارة بقذائف المدفعية، وأطلقت من جنوب لبنان رشقة صاروخية من 30 صاروخاً باتجاه إصبع الجليل وشمال الجولان إثر استهداف مسيرة إسرائيلية سيارة رباعية الدفع فارغة، في خراج برج الملوك، على مفترق الحوش، على الطريق المؤدية إلى مثلث الخيام الوزاني، ما أدى إلى إصابة عدد من السوريين بشطايا الصاروخ، بينهم أطفال كانوا قرب خيمة يسكنون فيها. وأفيد عن صاروخ من مسيرة إسرائيلية استهدف سيارة في مرجعيون تسبب بإصابة عدد من الأشخاص.
الخطيب والمقاومة
في المواقف، دافع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب عن المقاومة، وسأل “الذين يقفون في وجه المقاومة ما هي إنجازاتهم؟ انجازاتهم تخريب مجتمعاتنا”، لافتاً إلى “أن المقاومة هي تعبير عن ضمير كل واحد فينا، وهي اليوم، ومرة بعد أخرى تقف بثبات وبتقدم، وتقتنع الأمة بها يوماً بعد يوم، أنها تعبر عن مصالحها وعن تطلعاتها، وإنها تحقق أهدافها”.
وقال الخطيب “لقد كانت المقاومة في بدايتها ربما تضم أفراداً قليلين، كانت ضعيفة، كانت غير مقبولة من كثير من فئات المجتمع، كان المجتمع يخاف من هذه الطروحات، كان التشويه يجد طريقه إلى آذان وقلوب بعض الناس، ولكن نتيجة الصبر، ونتيجة التضحيات، هذه المقاومة وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم لتتحدى العالم”.
وأضاف “هؤلاء الشهداء الذين يمثلون كرامتنا وعزتنا، أهل الشهداء، بيئة الشهداء، بيئة المقاومة، هذه البيئة الطاهرة التي لم تتزعزع على رغم كل التهديدات وخطورة المسار الذي سارت به، وخطورة الحروب التي تعرضنا لها، خلال أعوام 1993 و1996 و2000، و2006 التي تنتج اليوم إن شاء الله تحريراً عظيماً ونصراً كبيراً استراتيجياً، يحقق أهداف هذه الأمة”.
قبلان: اليمن مفخرة
من جهته، توجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، لـ”أصحاب نظرية لبنان السلام”، وقال في بيان: “لا سلام مع الوحشية الصهيونية ولن نطمر رؤوسنا بالرمال، ولن نقبل بأقل من الانتقام المدوي من الإرهاب الصهيوني، ومصالحنا الإقليمية من صميم مصالح لبنان السيادية، ولا تسوية رئاسية غير مضمونة، ورئيس المجلس النيابي أكبر ضمانة دستورية لحماية أكبر مراكز الدولة من صفقات الإرتزاق الدولي أو النيل من ميثاقية العيش المشترك، والحرب على الجبهة الجنوبية ضرورة استراتيجية في هذه المنطقة التي تتهوّد ضمن مخاض حرب تطال صميم المنطقة ومصالحها السيادية”.
كما توجّه قبلان للعرب بالقول “لعبة الخادم العربي للمشاريع الأمريكية الصهيونية ستحرق بلاد العرب، وما أضعف العرب بهذه المعادلة القذرة، وما تقوم به اليمن مفخرة الدنيا ولتنتظر إسرائيل الرد المدوي، وما بعد غارات الحُديدة ليس كما قبلها، والأساطيل الأمريكية البريطانية قرب اليمن تعيش اللحظات الجهنمية كل يوم ولتنفع نفسها قبل أن تنفع إسرائيل، وما ينتظر إسرائيل المهزومة الويل والثبور وعظائم الأمور”.
جعجع يدافع عن الراعي
على خط آخر، دافع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التي تناول فيها الوضع في الجنوب والأعمال القتالية ودفعت إلى مقاطعة شيعية لبكركي قبل أن يتم توضيح الأمور.
وأكد جعجع من بلدة بقاعكفرا في عيد القديس شربل بحضور الراعي والنائبة ستريدا جعجع ورئيس اتحاد بلديات بشري إيلي مخلوف أن “مجد لبنان حققه البطريرك وأسلافه، ولم يُعطَ لهم من أحد”. وقال: “في الواقع، عبارة “مجد لبنان أعطي له” غير دقيقة، العديد من الناس يرددون هذه العبارة، ولكن الحقيقة هي أن مجد لبنان لم يُعطَ له، بل هو من صنع مجد لبنان نتيجة عمل سلسلة البطاركة وجهودهم ونضالهم على مر العصور”.
وأضاف أنه “ليس مقبولاً بأي شكل من الأشكال أن يتم الهجوم على البطريرك بهذا الشكل. كل شخص لديه الحق في إبداء رأيه، ولكن الهجوم الشخصي والتخوين لمجرد اختلاف الرأي ليس مقبولاً”.
وتوجه رئيس القوات إلى من سماهم “جماعة المقاومة” سائلاً: “من أعطاكم الصلاحية أو كلّفكم بأن تشنوا حرباً نيابة عن الشعب اللبناني برمته!؟”، وقال “لم يكلفكم أحد”.
جعجع يسأل: من كلّفكم بأن تشنوا حرباً نيابة عن الشعب اللبناني برمته؟
وانتقد الحكومة “لعجزها عن اتخاذ القرارات الضرورية”، وقال: “أنت أيتها الحكومة التي كلّفك الشعب اللبناني اتخاذ القرارات عنه ما الذي تقومين به؟ أنت لا تقومين بشيء ولا تحركين ساكناً، وبالتالي نحن اليوم واقعون بين مجموعة “فاجرة” تصادر قرار الشعب اللبناني “عينك بنت عينك” ويقولون بكل وقاحة “من يوافق يوافق ومن لا يوافق لن نهتم لرأيه فنحن “مقاومة” وسنكمل بما نحن نقوم به غير آبهين لرأي أحد”، مؤكداً “أن هذا التصرف غير مقبول ومرفوض بشكل قاطع جملةً وتفصيلاً، ولا يمكنكم القول “نحن مقاومة وسنكمل” لأن نتائج مقاومتكم هذه لا تترتب عليكم فحسب، فلو كان الأمر كذلك لكنا قلنا لكم حسناً افعلوا ما شئتم، وإنما الحقيقة أن نتائج أفعالكم هذه يتكبّدها الشعب اللبناني برمته”.
وأضاف “حاولنا أن نقول لهم شيئاً من هذا القبيل عندما طرح موضوع التعويضات للجنوب، وقلنا من اتخذ قرار الحرب يفترض به هو أن يعوّض على أهل الجنوب، وقامت القائمة في حينه وبدأوا يهاجموننا على خلفية أن هذا الكلام مسيء للشهداء ودمائهم، في حين أننا جميعاً نعترف بغلاوة دماء الشهداء وبوجوب التعويض على ذويهم، ولكن ما نقوله هو أننا نريد أن نعرف من سيقوم بدفع هذه التعويضات؟ ليست الدولة اللبنانية هي من اتخذ قرار الحرب لكي تتكفّل بالتعويضات، فمن اتخذ القرار يجب أن يتحمل مسؤوليته”.
وختم جعجع “نحن أبناء هذا الوادي وادي قنوبين، ولسنا أبناءه بالقداسة والروحانيات فحسب، بل أيضاً في المواجهة، وهدفنا ليس انتصار طرف على آخر، بل انتصار الحق، لذا لا نقبل بأي شكل من الأشكال أن يُنتزع حقنا أو يُهدَر، ونرفض أن يستولي أي طرف على حقوق الآخرين. نحن لا نريد الانتصار على أحد ولكن في الوقت ذاته لن نقبل أن يستعمل أي طرف سلاحاً غير شرعي موجوداً معه، معتقداً أنه بهذا السلاح يمكن أن يطغى علينا أو أن يجبرنا على اتخاذ مواقف لا نريد اتخاذها، لا، فهذه الأيام قد ولّت إلى غير عودة”.