قدم الحزب الإسرائيلي اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت" مشروع قانون يقضي بأنّ بنوك إسرائيل لن تجمّد حسابات الأشخاص الذين فُرضت عقوبات عليهم. وفي هذه الحالة، سيتم اعتبار البنوك نفسها منتهكة للعقوبات وسيُطلب من المؤسسات المالية الأخرى التوقف عن التعاون معها، الأمر الذي سيخلق عزلة اقتصادية لإسرائيل، وفقاً لما أورده موقع كالكاليست الإسرائيلي.
ولا يزال فرض العقوبات الاقتصادية على المستوطنين، والذي يتوسع، يشغل السياسيين الإسرائيليين، بحسب "كالكاليست". وتم، أول أمس الاثنين، طرح مشروع القانون على طاولة الكنيست من قبل النائبة ليمور سون هار ميليخ (عوتسما يهوديت)، والذي بموجبه سيتم منع بنوك إسرائيل من تجميد حسابات العملاء الذين يخضعون للعقوبات الدولية.
وبحسب مشروع القانون، فإنّ "مجرد إدراج العميل في قائمة العقوبات السياسية لدولة أجنبية لا يسمح للبنك بحظر نشاطه المصرفي بشكل تلقائي وشامل". وأيضاً: "من الضروري توضيح أنّ العقوبات التي تفرضها دولة أجنبية لا يمكن استخدامها كسبب لرفض خدمة مصرفية، عندما لا يشكّل الإجراء المطلوب تنفيذه في الحساب البنكي للعميل انتهاكاً مباشراً لفرض العقوبات الخارجية".
ووفقاً لمشروع القانون، فإنّه فقط في الحالة التي تنص فيها العقوبات صراحة على أنّ تقديم الخدمات المصرفية في إسرائيل يشكل انتهاكاً للعقوبات، فإنّ بنوك إسرائيل ستكون قادرة على فرض القيود. وفي أي صيغة أكثر عمومية (وهو ما يحدث في معظم الحالات)، سيتم منع البنوك من فرض قيود صارمة.
تحديات أمام بنوك إسرائيل
وبالإضافة إلى ذلك، علم "كالكاليست" أنه عُقد اجتماع غير عادي، الشهر الماضي، بين ممثلي النظام المالي (البنوك وشركات بطاقات الائتمان)، والسفير الأميركي لدى إسرائيل جاك لو، الذي شغل سابقاً أيضاً منصب وزير الخزانة الأميركية، لبحث الإجراءات التي يجب على بنوك إسرائيل اتخاذها في حال قررت الإدارة الأميركية فرض عقوبات مالية على جهة معينة. وحضر اللقاء أيضاً ممثلون عن بنك إسرائيل (المركزي)، ومكتب الشؤون الاستراتيجية التابع لوزارة المالية.
الاجتماع الذي عقد عبر "زووم" وتم تنظيمه في وقت قصير، لم يكن فعّالاً، بحسب "كالكاليست"، ولم يسفر عن تعليمات جديدة للبنوك، بل على العكس من ذلك، أوضح لو في اللقاء أنّ بنوك إسرائيل تعمل بشكل صحيح، وفقاً لرسالة التوضيح التي أرسلتها السلطات الأميركية بشأن القيود التي يجب فرضها على المستوطنين الذين تم إخضاعهم لنظام العقوبات. وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنّهم يوازنون بين الاحتياجات المعيشية الأساسية للعملاء والامتثال لأوامر الأميركيين.
ورجّح "كالكاليست" أنّ الاجتماع ومشروع القانون المطروح أمام الكنيست هما مثالان على مدى انزعاج النظام السياسي، وخاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من الاتجاه المتزايد لفرض عقوبات اقتصادية على المستوطنين، مع محاولات الحدّ من هذه الظاهرة.
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات، أول أمس الاثنين، على عدة كيانات إسرائيلية، بما في ذلك الناشطون اليمينيون المتطرفون وعلى منظمة "الأمر 9" التي تعرقل إيصال شاحنات المساعدات إلى غزة. وتشمل العقوبات، من بين أمور أخرى، تجميد الأصول في أوروبا، وحظر تمويل تلك الكيانات وحظر دخولها إلى دول الاتحاد الأوروبي. وهناك عدة جهات أدرجت مستوطنين يمينيين متطرفين في قوائمها، مثل فرنسا وكندا وأيضاً الاتحاد الأوروبي، كهيئة بحد ذاتها، لكن العقوبات ذات العواقب الأشد هي من الولايات المتحدة.
ولفت الموقع إلى أنّ مطالب الأميركيين من الجهات المالية الإسرائيلية في ما يتعلق بالامتثال للعقوبات "صارمة للغاية"، لافتاً إلى أنّ الهيئة المالية التي ستستمر في العمل وتمويل عميل مدرج في قائمة العقوبات تخاطر بالخضوع لغرامات باهظة من الولايات المتحدة، وعقوبات تحظر المعاملات بالدولار، وهي عملية أساسية لأي بنك.
مخاطر واسعة
وقبل خمسة أشهر، وضعت السلطات الأميركية عدداً من المستوطنين على قائمة العقوبات، واستجابت بنوك إسرائيل على الفور وفرضت قيوداً مشددة على نشاط الحسابات وصلت إلى حدّ التجميد الكامل في بعض الحالات، وأثار هذا الإجراء سخطاً ورد فعل حاداً بشكل رئيسي من السياسيين من الأحزاب اليمينية، بل وأدى إلى مناقشة خاصة في الكنيست.
والسبب وراء تصرف بنوك إسرائيل بشكل صارم تجاه العملاء المدرجين في قائمة العقوبات الأميركية، وفق "كالكاليست"، هو أنه إذا تجاهلت البنوك القيود، فيمكن للأميركيين التصرف بشكل مباشر ضد البنوك، لأنه وفقاً لهم، فإن أي شخص يستخدم الدولار أو الأنظمة الأميركية، مثل وسائل الدفع، يخضع لنظام العقوبات الخاص بهم.
ووفقًا للقانون الأميركي، فإنّ أي كيان مالي يعمل مع كيان ينتهك العقوبات الأميركية يعتبر في حد ذاته منتهكاً للعقوبة، وبالتالي يجوز للمؤسسات المالية التوقف عن العمل مع البنوك الإسرائيلية إذا لم تلتزم بشكل صارم بنظام العقوبات. ويمكن أن يصل الأمر إلى حد الانفصال عن نظام سويفت، وهو نظام عالمي لتحويل المدفوعات، والنشاط مع البورصات في العالم وما شابه، ويشكل هذا الانفصال حكماً فعلياً بـ"الإعدام" على البنك.
وعلى خلفية مناشدة إسرائيل في هذا الشأن، صدرت رسالة توضيح من الولايات المتحدة، في مارس/ آذار الماضي، ذكرت من بين أمور أخرى، أنه يمكن للبنوك السماح باستخدام الحساب لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية مثل الغذاء والخدمات الصحية والأطفال، والرعاية، وخدمات النقل الأساسية، ودفع الضرائب، وما إلى ذلك. وتم التأكيد على أن لا تكون هناك نفقات باهظة تتجاوز احتياجات المعيشة الأساسية. وفي أعقاب ذلك، أصدر بنك إسرائيل تعليماته للبنوك بالتصرف وفقاً لذلك، لكن القيود لا تزال كبيرة ويحاول السياسيون إيجاد حلول للتحايل عليها، ومنها مشروع القانون الأخير.