نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته سوزانا جورج ودان لاموث وأبيغيل هاوسلونر، قالوا فيه إن الحملة التي قادتها أمريكا في البحر الأحمر لمواجهة تهديد الحوثيين للتجارة العالمية لم تردعهم، بل على العكس زادت من تهديدهم.
فعلى الرغم من حملة غارات جوية مستمرة منذ أشهر شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد أهداف للحوثيين، إلا أن الحركة استمرت بتهديد أهم الممرات التجارية البحرية، مستخدمة أحدث الأسلحة المتوفرة في ترسانتها. ففي هذا الشهر فقط، ضرب الحوثيون سفينة وأشعلوا النار في أخرى. وأطلق المقاتلون الذين يعملون برا وبحرا أسرابا من المسيرات ضد بوارج حربية أمريكية ونشروا قوارب محملة بالمتفجرات وفجروها عن بعد.
وتعلق الصحيفة أن الزيادة في عدد الهجمات أكدت على قدرة الحوثيين وتهديدهم الدائم، معتمدين في جزء من هذا على التدفق المستمر للسلاح الإيراني والخبرات التي مكنتهم على الصمود أمام الغارات الأمريكية. وأثارت الحملة العسكرية المترنحة تساؤلات في الكونغرس الذي اتهم المشرعون فيه الحكومةَ أنها لم تفعل المزيد لردع الحوثيين. وعلى مدى أربعة أعوام، استطاعت إيران التحايل على قرار الأمم المتحدة الذي يحظر تصدير السلاح إلى اليمن، حيث وصلت المعدات الإيرانية إلى الحوثيين عبر البحر وبراً عبر عمان.
كما تعلم الحوثيون كيفية تعديل الأسلحة القديمة وتصنيع جديدة، وأصبحوا أول جماعة عسكرية تستخدم الصواريخ المضادة للسفن وتضرب البوارج الحربية حسب قادة عسكريين أمريكيين.
ونقلت عن السفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالد فييرستين، قوله إن الحوثيين ومنذ بداية حملتهم “زادت بالتأكيد قدراتهم” و”طالما كانت لديهم الحوافز لمواصلة هذه الهجمات، فإنهم أظهروا قدرة على عمل هذا”.
ويمثل الحوثيون الطائفة الزيدية في اليمن، حيث ظهرت حركتهم في بداية التسعينات من القرن الماضي وخاضوا جولات من الحروب مع النظام اليمني السابق لعلي عبد الله صالح، واحتلوا صنعاء عام 2014 وخاضوا حربا دامية مع السعوديين الذين أرادوا منع ظهور جماعة وكيلة لإيران قريبا من حدودهم، لكنهم ظلوا في السلطة ووسّعوا من مساحة الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم. ويقدر الخبراء أن الحوثيين لديهم قوة قتالية من 20,000 مقاتل بمن فيهم أبناء القبائل وعناصر الجيش اليمني السابق.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر وبعد اندلاع الحرب في غزة، بدأ الحوثيون باستهداف السفن التجارية التي تعبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس. وكانت الطلقة الأولى لحملتهم السيطرة على سفينة تجارية في جنوب البحر الأحمر واعتقال طاقمها. ومنذ ذلك الوقت، سجلت البنتاغون أكثر من 190 هجوما على سفن عسكرية أمريكية أو سفن تجارية قرب ساحل اليمن، بما فيها 100 هجوم منذ بدء حملة الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأغرق الحوثيون سفينتين، منها روبيمار في آذار/ مارس، والسفينة التي تملكها شركة يونانية واسمها تيوتور المحملة بالفحم الحجري والتي استهدفت الأسبوع الماضي.
وفي آذار/ مارس، أصابت الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والتي أطلقها الحوثيون، سفينة ترفع راية بيربادوس واسمها “ترو كونفيدنس” وقتلت 3 من طاقمها. ووسّع الحوثيون حملتهم من البحر الأحمر إلى مضيق عدن الذي يربط باب المندب بالمحيط الهندي، ومن هناك تعبر السفن إلى البحر الأحمر ثم قناة السويس متجهة إلى أوروبا وهو أقصر طريق من آسيا إلى البحر المتوسط.
وأدت التهديدات المستمرة إلى تراجع حركة الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر، حيث انخفض عدد السفن بحلول آذار/ مارس إلى النصف حسب أرقام البنك الدولي. وقال المتحدث باسم البنتاغون الجنرال باتريك رايدر، إن “على الحوثيين فهم أن هناك ثمنا يجب دفعه”، معتبرا أن الهجمات “غير مقبولة”.
ونشرت البنتاغون سلسلة من البوارج الحربية المتعاقبة في المنطقة لكي تسقط المسيرات الحوثية، وضربت مواقع إطلاق الصواريخ في اليمن. وشملت البوارج حاملة الطائرات “يو أس أس دوايت آيزنهاور” التي نشرت في البحر الأحمر في تشرين الأول/ أكتوبر، ومدد وزير الدفاع لويد أوستن مهمتها مرتين.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية يوم السبت أن أسطول داويت آيزنهاور سيعود إلى أمريكا بعدما حمى حرية الملاحة في خليج عدن. واتهم الجمهوريون إدارة بايدن بأنها لم تستثمر الكثير في تحسين القدرات العسكرية الضرورية للقتال.
وقال السناتور الجمهوري مايك رواندز: “ببساطة ليست لدينا الإرادة السياسية لملاحقتهم”. ونسب زيادة هجمات الحوثيين للمصادر العسكرية التي وفرتها لهم إيران و”التكنولوجيا المعززة التي جعلت نظامهم دقيقا” فكل “نوع من الأنواع المختلفة لديه قدراته”.
وفي آذار/ مارس، قالت الإدارة الأمريكية إنها تعمل على زيادة الجهود لاعتراض عمليات تهريب السلاح إلى اليمن. وفي يوم الإثنين، قال مكتب السيطرة على الأرصدة الأجنبية في وزارة الخزانة، إنه يستهدف عدة أفراد وكيانات متهمة بشراء أسلحة للحوثيين وفرض عقوبات عليهم.