قال مسؤولون أميركيون إن إسرائيل لم تنسق "كما يلزم" مع مصر قبل احتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح؛ الأمر الذي دفع القاهرة إلى وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والمطالبة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المعبر.
جاء ذلك بحسب ما أورد موقع "واللا" الإسرائيلي، اليوم السبت؛ واعتبر أن ذلك يفسر الانخفاض الحاد في كمية المساعدات التي دخلت إلى القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ قبل 218 يوما، وأشار إلى جهود أميركية لتسريع إدخال المساعدات.
بدورها، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المقربة من المخابرات المصرية، عن مصدر مصري، قوله إن مصر رفضت التنسيق مع إسرائيل في دخول المساعدات من معبر رفح بسبب "التصعيد الإسرائيلي غير المقبول".
وبحسب المصدر المصري رفيع المستوى، فإن القاهرة أبلغت كافة الأطراف المعنية بأن "إسرائيل تتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة"، ولفت إلى أن "القاهرة حذّرت تل أبيب من تداعيات استمرار سيطرتها على معبر رفح".
وكشف موقع "واللا" عن "تفاهمات مصرية - إسرائيلية" تم التوصل إليها قبل توسيع هجوم الاحتلال على غزة ليشمل منطقة رفح، جنوبي القطاع، وقال إن القاهرة تراجعت عن هذه التفاهمات عقب سيطرة الاحتلال على المعبر و"رفع العلم الإسرائيلي" فيه.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن امتناع مصر عن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة الذي يشهد أوضاعا كارثية من جراء الحرب الإسرائيلية، قد يؤدي إلى إنهاء "العملية العسكرية في رفح" في ظل موقف القاهرة والضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية.
وقالت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية إن إغلاق المعبرين المؤديين إلى جنوب غزة، وهما رفح وكرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل، أدى فعليا إلى عزل القطاع عن المساعدات الخارجية ولم يعد هناك سوى القليل جدا من المؤن المتاحة بالداخل.
وذكرت مصادر في الهلال الأحمر في مصر أن "الشحنات توقفت تماما"؛ علما بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان قد احتل المعبر الحدودي الرئيسي في رفح، في 7 أيار/ مايو الجاري، ما أدى إلى إغلاق الشريان الرئيسي للمساعدات إلى القطاع المحاصر.
ونقل موقع "واللا" عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قولهم إن "مصر ترفض إدخال شاحنات المساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، طالما لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من معبر رفح".
وأضاف نقلا عن مسؤول إسرائيل أن "هناك تنسيقات جرت مع الجانب المصري قبل السيطرة على معبر رفح، لكن المصريين انسحبوا من هذه التفاهمات بعد (انتشار) صور الدبابات (الإسرائيلية) و(مشهد) رفع العلم الإسرائيلي في المعبر".
وبحسب المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى الذين تحدثوا لـ"واللا" (لم يسمهم)، فإن "إسرائيل لم تنسق كما يجب مع المصريين في ما يتعلق بالعملية العسكرية في معبر رفح"، ولفتوا إلى حالة من "الغليان" لدى المسؤولين في القاهرة من هذه الخطوة.
وذكر المسؤولون أن واشنطن تضغط على القاهرة في محاولة لدفعها إلى التراجع عن قرارها بشأن وقف إداخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، فيما تشترط القاهرة انسحاب جيش الاحتلال من معبر رفح.
وأشار مسؤول أميركي رفيع تحدث لموقع "واللا"، إلى "انخفاض مقلق في كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع"، وأضاف أن "هذا بالضبط ما حذرنا إسرائيل منه".
وأضاف "ما يحدث الآن في معبر رفح هو صورة مصغرة للسلوك الإسرائيلي في الأشهر السبعة الماضية. جميع الخطط لا تعمل. وهذا هو بالضبط سبب عدم ثقتنا بما يقولونه لنا عن العملية في رفح".
ونزح آلاف الفلسطينيين من وسط مدينة رفح جنوبي غزة إلى مناطق غربي القطاع، السبت، وفق شهود عيان، بعد ساعات على تحذير الجيش الإسرائيلي بتهجير المنطقة من السكان تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية في المدينة.
وفي وقت سابق السبت، قدّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، نزوح 150 ألف فلسطيني من رفح بعد العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل على المدينة، متجاهلة كل التحذيرات الدولية.
وبشكل متزامن وسع الجيش الإسرائيلي هجماته البرية والجوية، السبت، في جميع محافظات غزة بعد مطالبته بتهجير أهالي مناطق واسعة شمالي القطاع ووسط مدينة رفح، وتوغله جنوبي مدينة غزة وشرقي خانيونس، إضافة إلى تنفيذه سلسلة غارات عنيفة أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى بمناطق متفرقة من القطاع.
ورغم التحذيرات الدولية المتصاعدة تجاه توسيع العمليات العسكرية في رفح، دعا الجيش الإسرائيلي، صباح السبت، إلى تهجير سكان أحياء في قلب المدينة بشكل فوري، ليوسع بذلك عملياته التي بدأت الإثنين، شرقي المدينة. وطالب سكان ونازحي مناطق واسعة شمالي غزة بإخلائها والتوجه إلى الملاجئ غرب مدينة غزة.
ويدفع الجيش الإسرائيلي نحو تجميع نازحي رفح بمنطقة المواصي، الواقعة على الشريط الساحلي للبحر المتوسط، وتمتد على مسافة 12 كلم وبعمق كيلومتر واحد، من دير البلح شمالا، مرورًا بمحافظة خانيونس جنوبا، وحتى بدايات رفح أقصى جنوب القطاع في المنطقة الحدودية مع مصر.
وتعد المنطقة مفتوحة إلى حد كبير وليست سكنية، كما تفتقر إلى بنى تحتية وشبكات صرف صحي وخطوط كهرباء وشبكات اتصالات وإنترنت، وتقسم أغلب أراضيها إلى دفيئات زراعية (بيوت بلاستيكية) أو رملية، كنا أن النازحين يتعرضون لهجمات إسرائيلية.