تسود حالة من الإحباط وخيبة الأمل؛ الأوساط الرسمية الإسرائيلية، في أعقاب فشل الحملة الدولية التي قادتها الحكومة، بزعامة بنيامين نتنياهو، لإنهاء دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا"، بالتحريض على المؤسسة الأممية، وادعاء تورط موظفين فيها بهجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وكدليل على هذه الخيبة، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، في "هآرتس"، أمير تيفون، إن ألمانيا انضمت إلى قائمة الدول التي أعلنت مؤخرا عن استئناف تمويلها لـ"الأونروا"، وسط خشية إسرائيلية من أن تخطو الولايات المتحدة وبريطانيا على نفس الخطوة، وتلغي أيضا قرار تجميد التمويل.
ولفت تيفون إلى أن شخصيات رفيعة في "إسرائيل" اعترفت في الفترة الأخيرة بأن الحملة التي هدفت إلى المس بالتمويل الدولي لوكالة "الأونروا"، فشلت، في أعقاب إعلان بعض الدول استئناف التمويل بعد تجميده في بداية الحرب في غزة في أعقاب ادعاءات "إسرائيل" حول تعاون هذه المؤسسة مع حماس.
وتعرضت الحملة الإسرائيلية لسلسلة من الضربات، فألمانيا، وهي إحدى الدول المهمة لـ"إسرائيل" في العالم، أعلنت أنها تنوي استئناف تمويلها للوكالة، الذي جمدته حكومة برلين في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وقال بيان لوزارة الخارجية الألمانية، إنه بعد أن فحصت ألمانيا ادعاءات إسرائيل أصبحت على قناعة بأنه يجب تحسين الرقابة على نشاطات الوكالة وعلى المشاريع التي تنفذها، لكن في موازاة ذلك هي تنوي استئناف دعم الأونروا في الوقت القريب، ودعت برلين الحكومات الأخرى التي جمدت تمويلها إلى أن تفعل ذلك.
في البيان الألماني كتب أيضا أن الوكالة تواصل لعب "دور حيوي لا بديل له" في معالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وأن مؤسسات دولية أخرى، التي تعمل في غزة، تعتمد على البنية التحتية القائمة للأونروا.
وزارة الخارجية الإسرائيلية قالت ردا على ذلك، إن قرار ألمانيا "مؤسف ومخيب للآمال". وأن "إسرائيل تتشارك مع ألمانيا ودول مانحة أخرى المعلومات حول مئات نشطاء حماس العسكريين ومئات النشطاء الآخرين الذين ينتمون لحماس والجهاد الإسلامي، يعملون كموظفين في الأونروا"، حسب زعمها.
تيفون قال إن خلفية قرار ألمانيا يعود إلى التقرير الذي نشرته في نهاية الأسبوع كاترين كولونا، وزيرة خارجية فرنسا السابقة، التي تم تعيينها من قبل الأمم المتحدة من أجل التحقيق في نشاطات الأونروا.
كولونا قامت بزيارة "إسرائيل" قبل شهر تقريبا والتقت مع جهات عليا في الحكومة وفي الجيش من أجل الحصول على معلومات عن الادعاءات ضد هذه المؤسسة.
ولكن في التقرير كتبت كولونا بأن "إسرائيل لم تعرض أي أدلة على أن الكثير من موظفي الوكالة هم أعضاء في التنظيمات التي تعمل في غزة، ولم تتطرق إلى ادعاء مشاركة موظفي الأونروا في هجوم تشرين الأول/ أكتوبر".
تقرير كولونا ووجه بانتقاد كبير من الحكومة الإسرائيلية، وأصدرت الخارجية الإسرائيلية ردا رسميا بأن الوثيقة "تتجاهل خطورة المشكلة وتقترح حلولا تجميلية لا تتعامل مع الحجم الكبير لاختراق حماس للأونروا".
ومع ذلك، جهات إسرائيلية سياسية اعترفت في محادثات مع دبلوماسيين أجانب في الفترة الأخيرة بأن إسرائيل لم تنجح في التأثير على التقرير كما أملت، وأنه من الواضح لها بأنه في أعقاب نشره فإن دولا أخرى ستنضم لألمانيا وستستأنف تمويل الوكالة. حسب تقارير نشرت في نهاية الأسبوع فإن بريطانيا أيضا تفحص الآن استئناف تمويلها للوكالة.
ولفت تيفون إلى أن الدول التي قررت استئناف تمويل الأونروا، هي فرنسا وكندا وأستراليا والسويد والنرويج وإسبانيا واليابان، لكن "إسرائيل" تخشى بالأساس من أن بريطانيا والولايات المتحدة، ستغيران قرارهما حول وقف التمويل.
وقال مصدر إسرائيلي مشارك في الجهود السياسية لوقف تمويل الأونروا، لصحيفة "هآرتس"، إن الفشل ينبع من غياب بديل مقنع لنشاطات الأونروا، مشيرا إلى أن "إسرائيل" نجحت في إثارة الشك لدى أصدقائها في العالم بخصوص الأونروا، لكنها لم تدعم هذه الخطوة بعرض أي بديل مناسب للوكالة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي من دولة استأنفت التمويل قوله، "إن قرار حكومته لفعل ذلك ينبع من سببين، الأول، أن الدلائل التي عرضتها "إسرائيل" لم تكن حازمة بشكل كاف، إضافة إلى أن الوضع الإنساني في غزة يتدهور إلى خطر الجوع، وأنه ليس من الحكمة وقف التمويل حاليا، خاصة مع وجود إجماع في أوساط الاتحاد الأوروبي، بأن دعم الأونروا يجب أن يستمر في الوضع الحالي رغم ادعاءات "إسرائيل"".