لاقى استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حقّ النقض «الفيتو» في جلسة لمجلس الأمن مساء أمس الأول الخميس ضد مشروع قرار يطالب بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ردود فعل عربية ودولية، رسمية وأهلية واسعة، استنكرته وعدّته ظالما ودليلا على انحياز الإدارة الأمريكية ضد حقوق الشعب الفلسطيني.
وبينما أشادت إسرائيل بالفيتو الأمريكي، ردّت الجزائر التي كانت صاحبة المشروع بتأكيد نيّتها العودة لتقديم طلب باسم المجموعة العربية في المجلس، فيما تذرعت الولايات المتحدة بأن مثل هذا الاعتراف يتطلب وقف الحرب ي غزة ومفاوضات.
وصدرت بيانات رسمية من دول عربية من بينها السعودية وقطر والإمارات والكويت ومصر والأردن ولبنان، فضلا عن الموقف الذي عبرت عنه دولة فلسطين.
ورغم تصويت 12 من أعضاء مجلس الأمن بتأييد منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وامتناع سويسرا وبريطانيا عن التصويت، كان استخدام واشنطن لسلطة الفيتو ضد مشروع القرار كافيا لإسقاطه.
وكان مشروع القرار يحتاج من أجل تمريره موافقة 9 دول أعضاء في مجلس الأمن، شرط عدم اعتراض أي من الدول الخمس صاحبة «الفيتو»، وهي الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وبريطانيا.
واعتبر مجلس التعاون الخليجي في بيان، استخدام الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين بأنه «خطوة للوراء في جهود تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط».
ودعا المجتمع الدولي إلى العمل بشكل حازم وفوري لضمان الاعتراف بدولة فلسطين وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية والمشروعة وفقا لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأعربت السعودية في بيان للخارجية، عن أسفها لفشل مجلس الأمن الدولي في قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، معتبرة أن ذلك «يسهم في تكريس استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لقواعد القانون الدولي دون رادع ولن يقرب من السلام المنشود».
بدورها، أعربت قطر في بيان للخارجية عن «أسفها البالغ لفشل مجلس الأمن» بشأن عضوية فلسطين، واعتبرته «يوما حزينا للعدالة وانتكاسة لجهود إحلال السلام في المنطقة».
وأكدت أن «فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار يكشف مرة بعد أخرى عجزه عن الاضطلاع بمسؤولياته ودوره في إطار حفظ السلم والأمن الدوليين، لا سيما في ظل الحرب الغاشمة على قطاع غزة، (المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من جانب إسرائيل).
وأكدت الإمارات في بيان للخارجية أسفها، وقالت إن منح العضوية الكاملة لفلسطين «ستكون خطوة مهمة لتعزيز جهود السلام في المنطقة».
كما أعربت الكويت في بيان للخارجية عن أسفها، ودعت «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والتاريخية والى بذل أقصى الجهود لحماية الشعب الفلسطيني والمحافظة على مقدراته ومكتسباته وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة».
وأعربت مصر في بيان للخارجية عن «أسفها البالغ إثر عجز مجلس الأمن، على خلفية استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، عن إصدار قرار يُمكن فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة».
واعتبرت أن «إعاقة إقرار حق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته لا يتماشى مع المسؤولية القانونية والتاريخية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي تجاه إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية».
وأكد الأردن في بيان للخارجية على «أسفه الشديد»، وأن الأردن «يدعو كل الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والسلام في المنطقة من دون تجسدها على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
طلب عربي جديد
وأعلن ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، عن النية بالعودة مجددا لتقديم طلب عربي لنيل فلسطين العضوية الكاملة الأممية.
وقال في كلمة بعد الفيتو الأمريكي : «سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأمم المتحدة، فإن هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية أمس الجمعة.
ودعا «أولئك الذين لم يتمكنوا من دعم قبول دولة فلسطين اليوم، أن يفعلوا ذلك في المرة المقبلة»، مذكرا بحديث سابق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن أن «جهود الجزائر لن تتوقف حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة».
كما استنكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائه أمس عبد اللطيف بن راشد الزياني وزير خارجية البحرين، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، الفيتو الأمريكي، ووصفه بأنه «غير نزيه ومدان». وأكد «مواصلة الجهود لحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة»، و»أهمية اعتراف الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين»، مشيدا «بمواقف الدول في مجلس الأمن الدولي التي وقفت لصالح قيم الحق والعدل بتصويتها لصالح حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في مجلس الأمن الدولي».
وقالت حركة «فتح» في بيان إن «الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة دأبت على مناهضة حقوق شعبنا، وإرادته في الحريّة والاستقلال عبر انحيازها المطلق لمنظومة الاحتلال الاستعماريّة». وأكدت حركة «حماس» مواصلة النضال» لإقامة «الدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس».
تنديد إسلامي ودولي
وفي الإطار نفسه، أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن أسفها الشديد لفشل مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين، مؤكدة أن «استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض يخالف أحكام ميثاق الأمم المتحدة (..) ويسهم في إطالة أمد الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني منذ 75 عاما».
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، معربا عن أسفه جراء وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل.
وقال «تصريحات واشنطن الأخيرة في مجلس الأمن تظهر وقوفها إلى جانب إسرائيل».
الولايات المتحدة تبرّر
واحتفت إسرائيل بالموقف الأمريكي، وقال وزير خارجيتها يسرائيل كاتس، أمس الجمعة، عبر منشور في منصة إكس: «أهنئ الولايات المتحدة لاستخدامها الفيتو».
أما الولايات المتحدة، فانبرى مسؤولوها لتبرير استخدام الفيتو. وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن تحقيق دولة فلسطينية يتطلب «تهدئة» في غزة التي تعاني حربا إسرائيلية مستمرة منذ أكثر من نصف عام. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده على هامش اجتماعات مجموعة السبع في جزيرة كابري الإيطالية، أن الولايات المتحدة «ملتزمة بتحقيق دولة فلسطينية عبر الوسائل الدبلوماسية مع الضمانات اللازمة لأمن إسرائيل». وتابع أن «الوصول إلى دولة فلسطينية يتطلب تحقيق التهدئة في غزة أولا».