عبرت المظاهرات التي شهدتها تل أبيب والقدس، في اليومين الماضيين، عن تصاعد الغضب في إسرائيل بسبب عدم التوصل إلى صفقة تبادل أسرى وبسبب سعي الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيسها بنيامين نتنياهو، إلى تشريع إعفاء الحريديين من التجنيد، وفق محللين في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الإثنين.
واعتبر المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أنه خلال المظاهرة في القدس، أمس، "أطلِقت صافرة بداية موسم جديد للاحتجاجات على سلسلة إخفاقات الحكومة قبل وخلال وبعد 7 أكتوبر".
وأضاف أن المتحدثين على منصة المظاهرة لم يذكروا الحرب على غزة، "لكن كان من الواضح أن فترة ضبط النفس بسبب الحرب قد انتهت. والتصريحات ضد نتنياهو كانت صارخة جدا ومتشددة جدا". لكن "الاعتقاد أن إخفاق 7 أكتوبر والأداء الفوضوي للحكومة منذئذ سيؤدي إلى نمو أجنحة جديدة للاحتجاجات، تكون أوسع ونضرة أكثر، لم يتحقق بعد. وجنود الاحتياط الذين تسرحوا لم يخرجوا من غزة مع غضبهم ولا مع مطالبهم ولا مع لافتاتهم. ولم يقودوا الاحتجاجات".
وحسب برنياع، فإنه "بالنسبة لعائلات الرهائن، وكذلك بالنسبة لقسم كبير من المتظاهرين، إعادة الرهائن هي مسألة وجودية، وبدونها سيتفكك المجتمع الإسرائيلي. وبالنسبة لآخرين، الرهائن هم ادعاء آخر ضد نتنياهو، مثل تهرب الحريديين من التجنيد، ومثل عطلة الكنيست (رغم الحرب)، ومثل خلاصية سموتريتش، شرطة بن غفير، ومثل أقوال سارة نتنياهو وسلوك ابنها".
وتابع أن "الكفاح المستمر ضد الحكومة عزز كثيرا شكوك المحتجين تجاه السياسيين في الحكم، وعمليا تجاه أي سياسي. وعندما سمعوا، أمس، أن نتنياهو سيخضع لعملية جراحية لمعالجة فتاق، رفضوا تصديق ذلك. وقال متظاهرون إن ’هذه خدعة. وقد اختلق هذا العلاج من أجل إسكاتنا. وهذا ليس فتاقا. إنه مصاب بمرض آخر وأسوأ بكثير. جميعهم يكذبون".
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن المظاهرات في أنحاء إسرائيل، منذ مساء أول من أمس السبت، "تعبر عن تصعيد متأخر في كفاح عائلات الرهائن. وفي هذه الأثناء، فإن نشاط منظمات الاحتجاج من أجل إسقاط الحكومة وإحباط تشريع الإعفاء من تجند الحريديين تصاعدت مجددا أيضا".
وأضاف أنه "بعد شهور من الركود في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، يبدو أن قسما كبيرا من عائلات الرهائن قد أدرك أنه إذا كان هناك احتمال لتحريك الاتصالات، فإنه موجود بأيديهم، وبواسطة زيادة الضغط على نتنياهو".
واعتبر أن "المراحل المقبلة من المحادثات ستجري الآن في ظل المظاهرات، التي ستشكل تحديا لنتنياهو لأول مرة منذ نشوب الحرب. وتبقى أن نرى ماذا ستستنتج حماس منها، التي تتابع ما يحدث في الجانب الإسرائيلي".
ولفت هرئيل إلى أنه "يتعزز الاشتباه بأنه أكثر من أن نتنياهو يسعى إلى انتصار مطلق، الذي لا يظهر أبدا في الأفق، فإن وجهته نحو حرب أبدية، كتلك التي تطول وتطول، من دون بدء حساب قومي للذات حول السؤال لماذا علقنا فيها".
وأضاف أن "مصير الرهائن موضوع في كفة الميزان. وهؤلاء، مثلما أفادت مصادر سياسية وأمنية، الأسبوع الماضي، أخذوا يموتون". وأشار هرئيل إلى أن عدد الرهائن الرسمي الذي ماتوا في الأسر هو 36 من أصل 134 رهينة، "لكن واضح للجميع أن العدد الحقيقي أعلى بكثير". وكان برنياع قد أفاد، نهاية الأسبوع الماضي، بأن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن قرابة نصف الرهائن الـ134 ليسوا على قيد الحياة.
وأفاد هرئيل بأنه خلال الأسابيع الأخيرة طرأ تغير معين في موقف قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية، وأعضاء في كابينيت الحرب وفي الكابينيت السياسي – الأمني، وبينهم قسم من وزراء حزب الليكود. "يتعالى الادعاء أن الكرة انتقلت بقدر كبير إلى الملعب الإسرائيلي وأن رفض نتنياهو هو السبب الأساسي لتأخير التوصل لاتفاق".
وتابع أنه بسبب "الضغوط المتزايدة عليه، اضطر نتنياهو إلى إبقاء فريق مقلص من وفد المفاوضات في قطر، والسماح بإرسال وفد آخر إلى مصر".
وأشار إلى أن "قسما كبيرا من النقاش في الجانب الإسرائيلي يدور حول مطلب حماس بالسماح بعودة حرة للسكان الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة، من دون رقابة مكثفة من جانب الجيش الإسرائيلي. وهذه القضية، أكثر من عدد الأسرى الذين سيحررون في المرحلة الأولى، موجودة في مركز المفاوضات في هذه الأسابيع".