وصف الاحتلال الإسرائيلي، مناقشة احتلال الأراضي الفلسطينية في أروقة محكمة العدل الدولية بأنه "سيرك إعلامي" ودعا محكمة العدل إلى عدم النظر في الطلب الذي قدمته لها الأمم المتحدة، بطلب من الفلسطينيين لإعطاء رأي استشاري حول تداعيات الاحتلال.
جاد ذلك في تصريح مكتوب لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ويعد أول تعقيب لها على انعقاد جلسات المحكمة.
وبدأت محكمة العدل الدولية، الاثنين، جلسات استماع تستمر حتى 26 شباط/ فبراير الجاري، تقدم خلالها 50 دولة مرافعات تنفيذا لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة للمحكمة عام 2022، لإصدار رأي استشاري حول تداعيات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وقالت الوزارة الإسرائيلية: "ينبغي على المحكمة الامتناع عن المشاركة في هذا السيرك الإعلامي، وتحديد ضرورة عودة الفلسطينيين إلى الأطر القانونية القائمة من أجل حل النزاع من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين".
وأضافت: "من خلال توجيه اتهامات كاذبة وخلق واقع مشوه بشكل أساسي، تحاول السلطة الفلسطينية تحويل الصراع الذي ينبغي حله من خلال المفاوضات المباشرة ودون فرض أي إجراء خارجي إلى عملية قانونية أحادية الجانب وغير لائقة".
وادعت أن القيادة الفلسطينية "تحاول تحويل النظام الدولي إلى أداة سياسية لمهاجمة إسرائيل، ما يلحق الضرر بالثقة العالمية في النظام القانوني الدولي وبفرص التوصل إلى حل للصراع".
وتابعت: "لسنوات، رفضت القيادة الفلسطينية المفاوضات المباشرة لحل الصراع"، وفق تعبيرها.
وأشارت إلى أن "كل هذه الادعاءات غابت عن المحكمة في الأسئلة المشوهة والمتحيزة التي طرحتها عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة"، زاعمة أن المنظمة الأممية "تسعى إلى التحديد المسبق لنتائج الإجراءات دون مراعاة للمبادئ الأساسية للقانون الدولي والإطار القانوني الذي ينطبق على الصراع".
من جانبه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن "إسرائيل" "لا تعترف بشرعية المناقشة الجارية في محكمة العدل الدولية في لاهاي والتي تبحث العواقب القانونية لممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنها القدس الشرقية".
وأضاف في بيان أن "إسرائيل لا تعترف بشرعية المناقشة الجارية في محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن شرعية الاحتلال"، وفق تعبيره.
وزعم مكتب نتنياهو أن المناقشة "خطوة تهدف إلى الإضرار بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الوجودية".
وادّعى أن "النقاش في لاهاي يأتي في إطار المحاولة الفلسطينية لإملاء نتائج التسوية السياسية دون مفاوضات".
وشدد مكتب رئيس الوزراء بأن إسرائيل "ستواصل محاربة هذه المحاولة"، مؤكدا أن "الحكومة والكنيست (البرلمان) متّحدان في رفض هذا الاتجاه الخاطئ"، بحسب قوله.
وطالب محامو فلسطين في محكمة العدلة الدولية، الاثنين، بإنهاء إسرائيل احتلالها فورا ودون قيد أو شرط.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إنه حان الوقت لوضع حد لازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، مطالبا محكمة العدل الدولية بدعم حق شعبنا في تقرير المصير.
وأضاف المالكي في كلمته بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية، أنه لأكثر من قرن وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يتم التنكر له.
وأكد أن حق تقرير المصير لا يسقط بالتقادم وهو غير قابل للمساومة، ويجب أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي دون شروط.
وأشار وزير الخارجية إلى أن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني هي نتيجة لعقود من الحصانة لدولة الاحتلال، داعيا إلى وقف ممارسات الاحتلال، وانتصار القانون الدولي.
وشدد المالكي على ضرورة دعم طريق السلام الذي سيحقق العدالة للشعب الفلسطيني، الذي تركته إسرائيل أمام ثلاثة خيارات فقط؛ إما التهجير أو الاعتقال أو الموت.
وقال: "أقف أمامكم نيابة عن دولة فلسطين وشعبها في هذه اللحظة التاريخية، باسم 2.3 مليون فلسطيني في غزة أغلبهم تحت القصف من الأطفال الذين يتضورون جوعا ويعانون التهجير، وباسم 3.5 ملايين في الضفة بما فيها القدس، يعانون احتلال أراضيهم والعنصرية، وقرابة 1.7 مليون من فلسطينيي الـ48 الذين يعيشون في إسرائيل، ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، وتتواصل سرقة أراضيهم وأراضي أجدادهم".
وبدأت محكمة العدل الدولية، الاثنين، جلسات استماع تستمر حتى 26 من فبراير/شباط الجاري لمرافعات 50 دولة، تنفيذا لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة للمحكمة عام 2022 لإصدار رأي استشاري حول التبعات القانونية للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن بين تلك الدول تركيا والسعودية والجزائر ومصر والإمارات والأردن، إضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وروسيا والصين، وفق الموقع الإلكتروني للمحكمة.
وفي رأي استشاري مماثل، قضت محكمة العدل الدولية عام 2004 بعدم قانونية بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية المحتلة، وطالبت إسرائيل بإزالته من كل الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية وضواحيها، مع تعويض المتضررين. لكن تل أبيب لم تنفذ ما طلبته المحمة.
وفي 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية، إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في غزة، لكنها لم تأمر بوقف إطلاق النار.
وتواصل المحكمة النظر في هذه الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا وتتهم فيها تل أبيب بارتكاب جرائم "إبادة جماعية"، وهذه أول مرة، منذ قيامها في عام 1948، تخضع فيها إسرائيل لمحاكمة أمام هذه المحكمة، وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة.