يتواصل في العاصمة المصرية القاهرة التباحث بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى، بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بمستوى تمثيل أقل من اليوم الأول، الثلاثاء، الذي شهد مشاركة رئيس المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، ورئيس الشاباك رونين بار.
وبحسب مصادر مصرية، في أحاديث لـصحيفة"العربي الجديد"، فإن المباحثات الجارية في القاهرة في الوقت الراهن "تضم مسؤولي ملف فلسطين في المخابرات المصرية، وعلى رأسهم اللواء أحمد عبد الخالق، ورئيس جهاز الأمن الوطني القطري، إضافة إلى وفد أمني إسرائيلي وصل إلى القاهرة اليوم الأربعاء، حيث من المقرر أن يتم التباحث بشأن مجموعة من النقاط الخلافية، وعلى رأسها أعداد الأسرى الذين تطلب حركة حماس إطلاق سراحهم مقابل كل أسير إسرائيلي، وكذلك التوافق بشأن الوقف الدائم لإطلاق النار، والتحركات الإسرائيلية لاجتياح رفح"، مشيرة إلى أن "قيام إسرائيل بعملية عسكرية واسعة في غزة أصبح ضمن بنود المفاوضات في هذه الجولة".
وأوضح مصدر مصري أن "كافة المؤشرات على الأرض، والمباحثات في الغرف المغلقة، تشير لكون مسألة اجتياح رفح (قادمة لا محالة)، في ظل إصرار حكومة الاحتلال على تلك الخطوة"، لافتاً إلى أن "الجميع بدأ يجهّز لتداعياتها".
وقال المصدر إن "تلك الجولة من المفاوضات تتم في أجواء ملبّدة، خاصة أن إقدام إسرائيل على اجتياح رفح سينهي المفاوضات ويقطع الطريق أمام الجهود الرامية للتهدئة".
وكشف المصدر المصري عما وصفها بـ"أحد البنود الرئيسية ضمن التصور الذي جاء به إلى القاهرة أمس رئيسا الموساد والشاباك"، وهو "البند الخاص بوضع زعيم حماس في غزة يحيى السنوار". وأكد المصدر أن "وفداً إسرائيلياً جاء بتصور يتمسّك ضمن بنوده بضرورة خروج زعيم حماس في القطاع يحيى السنوار من غزة، معتبرين أنه سيكون من الصعب التعاطي مع أي اتفاق يتجاوز هذا المطلب".
ويأتي تمسك حكومة الاحتلال بإخراج السنوار من غزة بعدما سرّبت وسائل إعلام إسرائيلية، الشهر الماضي، تصوراً إسرائيلياً بضرورة نفي 6 من قيادات حماس السياسيين والعسكريين من القطاع، يتقدمهم السنوار، وشقيقه محمد، القيادي البارز في كتائب القسام، ومحمد الضيف القائد العام للكتائب، ونائبه مروان عيسى، وروحي مشتهى، الذي تصفه تل أبيب بأنه "وزير مالية الحركة". ويعتبر المقترح الإسرائيلي الأخير تراجعاً في الشروط، بالتمسك بإخراج السنوار وحده.
وبموازة ذلك، نشر جيش الاحتلال - لأول مرة - مقطع فيديو، زعم أنه للسنوار وأسرته بأحد الأنفاق في قطاع غزة، لافتاً إلى أنه جرى الحصول عليه من إحدى كاميرات المراقبة التابعة لحماس، من أـحد الأنفاق في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من جانبه، كشف مصدر مصري آخر عن لقاء غير معلن جرى بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الموساد ديفيد برنيع، قُبيل انطلاق الاجتماع الرباعي، جرى خلاله تسليم رسالة من رئيس حكومة الاحتلال إلى الرئيس المصري.
ويأتي هذا في الوقت الذي من المقرر أن يصل فيه وفد من حركة حماس إلى القاهرة، خلال الساعات المقبلة، للتشاور مع المسؤولين المصريين والقطريين المعنيين بالوساطة.
ويرأس مسؤول المكتب السياسي لحماس خليل الحية وفد الحركة إلى القاهرة، حيث يحتمل أن يلتقي الأربعاء رئيسي الاستخبارات المصرية والقطرية، حسبما أفاد مصدر في الحركة وكالة "فرانس برس".
أعداد الأسرى المقترح إطلاق سراحهم
من جانبه، علق قيادي بارز في حماس، لـ"العربي الجديد" على ما أثير بشأن كون أعداد الأسرى المقترح إطلاق سراحهم مقابل كل أسير إسرائيلي يشكل عقبة في طريق المفاوضات، موضحاً: "نحن كنا قد تقدمنا للوسطاء بمقترحات تفصيلية بالأعداد وفقاً لكل فئة من فئات الأسرى، وما يمكن توضيحه فقط في هذه الجزئية أنه لا يمكن أبداً إطلاق سراح أسير عسكري تم أسره من داخل دبابة أو من داخل وحدة عسكرية بالزي العسكري، بنفس شروط وأعداد الهدن السابقة".
وتابع: "هناك مقياس يتم القياس به في هذا الإطار، وهو صفقة شاليط التي جرى بموجبها إطلاق سراح أكثر من ألف أسير مقابل جندي واحد"، مضيفاً أنه "في المقابل، لن نتشدد فيما يتعلق بالأسرى المدنيين ومقابلهم من الأسرى الفلسطينيين".
وفي السياق، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، إنه "من المفترض أن الجانبين القطري والمصري لديهما تصور عن حدود ما يمكن أن تقبل به حماس، وبالتأكيد هناك ضغوط على الطرفين لمزيد من المرونة، وغالباً تضع إسرائيل مسألة عملية رفح، ضمن الضغوط، لأنها ستلوّح بشنّ الهجوم إذا لم تخفّف حماس شروطها".
بدوره، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني، طلال عوكل، إن "الهوة واسعة بين ما تطرحه حماس وما تقبله إسرائيل"، مضيفاً أنه "في الأساس، لا يرغب بنيامين نتنياهو في أي صفقة تكبّل يديه على مواصلة الحرب، وربما ازداد تعنته بعد تحرير رهينتين، حيث سيوظف ذلك لتبرير مواصلة الحرب بما أنه سيدّعي أمام جمهوره وأميركا أن الجيش قادر على تحرير أسراه بالقوة، وأنه ليس مضطراً لدفع ثمن لحماس في الأساس، وهو لا يجد نفسه مضطراً أيضاً للتحول عن سياسته، طالما لم يتعرض