لننتصر من أجل غزة بالوحدة الفلسطينية..

الأحد 28 يناير 2024 10:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT
لننتصر من أجل غزة بالوحدة الفلسطينية..



كتب نادية حرحش:

لقد طالت هذه الحرب الظالمة على أهل غزة، ولا يبدو احتمال انهائها قريباً. لم تعد المظاهرات ولا الشعارات ولا المناشدات لوقف الحرب مؤثرة، ولا أستطيع القول أنها لم تكن مؤثرة أصلا، لأن نية الدمار والقتل لا حد لها. اذا ما كان كل ما يجري تحت عيون وانظار العالم بين مندد ومناشد ومطالب لوقف الة الدمار الغاشمة، لنا ان نتخيل لو لم يكن العالم يشهد ما يجري مباشرة، لربما كانت غزة في عداد الماضي الذي تم سحقه ومسحه بلا هوادة.
نحن نعيش حقيقة جلية، الاختلاف ما بين الشرق العربي والغرب الأوروبي، ليس خلاف ألوان او ثقافات او حضارات. انه خلاف وجود. وكأن هذا العالم لا يتسع الا “لهم” او “لنا”، وباللحظة التي خُدش فيها وجودهم انفضوا وانقضوا ونسوا كل شعارات الإنسانية والحقوق، لأن المسألة باتت مسألة وجود، لا مكان لحقوق في الصراع من اجل الوجود. وجودهم امام وجودنا.

دخلنا مرحلة جديدة لن يكون عنوانها فاشية او نازية، وبالتالي لسنا امام مسألة السامية او اللا سامية. العالم اصبح فاشيا او نازيا بلا خجل من اعلان فاشيته والصاق النازية على غريمه. عنوان المرحلة الجديدة هو فلسْطَنَة او أسْرَلَة العالم. لم يعد العالم شرقا يقابله الغرب، ولا أبيض يواجه او يوجّه أسودا. العالم ينقسم الى من هو مُفلَسْطِن امام من هو مُتأسْرِل. لم تعد المصطلحات الأخرى الا ديباجات شعارات لا معنى لها ولا تأثير.
بينما يتصارع العالم على إثبات الحق أو عدم الحق في القتل والتهجير والتدمير، تستمر طاحونة السحق والابادة بتحقيق أهدافها. مآسي وكوارث على مدار الساعة. لم يعد للإنسان في غزة مكان الا في اسقاطات السياسة ليكتسب كل فريق على مأساة ذلك الانسان الذي لم تعد الأرض تتسع لوجوده.
هل حان الوقت لنا كفلسطينيين ان ندرك أن لا ملاذ لنا من طاحونة التصفية الا بوحدة صفوفنا؟ مؤسف بقدر ما هو محزن ان كل هذا القتل والدمار لم يوقظ فينا بعد هذه الحاجة. بين ما يجري في غزة والضفة والقدس من تصفية ممنهجة واضحة وعلنية، وبين ما يجري في صفوف القيادات الفلسطينية من عجز الا عن بعض الكلام وارتقاب لاقتناص فرصة ارتزاق على ما تبقى مما لم يتدمر بعد، نقف بعجز من خلعت روحه ولم يتبقى منه الا جسد يرتقب الموت.
لم أعد أجرؤ على اقتراح الحل او التفوه بفكرة، لا بسبب الخوف فقط، ولكن بسبب انعدام الأفق. اعرف انني استطيع التفوه بكلمات يرددها الجميع: لتتوقف هذه الحرب. ليرفع هذا الظلم الغاشم عن اهل غزة. ولا نفع لكيف او متى، لأن من يتحكم بهذا الامر لا يأبه الا لبقائه في سدة الحكم كالسد الذي لا يفيض الا من اجل الخراب.
اعرف ان لا حل لنا الا بوحدة حقيقية. اعرف ان لا استمرار لنا على خارطة الوجود طالما نحن منقسمون مشتتون مفككون لا تحركنا هذه الكارثة الملمة على أهلنا في غزة نحو وحدة الصف الحقيقية. ولا اعرف لمن أوجه هذا النداء؟ لأهل السلطة المتمسكة بوجودها على انقاض هذا الشعب؟ ام لعقلاء العرب من الحكام الذين لم تعد هذه القضية الا حجرا يعرقل مسار إثبات تواجدهم على خارطة العالم الجديد؟
لا حل امامنا الا توحيد فعلنا من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه من غزة. فعلنا الحقيقي الذي نستطيع من خلاله ان نتصدى لهذا الظلم بقيادة تمثل تطلعاتنا المستقبلية كشعب حر ومستقل. بينما انا على يقين ان التاريخ لا يمكن إيقاف دوران عجلته، وعلى الباغي لا بد الا ان تدور الدوائر. ولكننا امام كارثة إنسانية لا يمكن ان تنتظر عِبَر التاريخ ودروسه بينما يعيش اهل غزة في عراء ارض مدمرة وسماء متكبدة بالرعود والمطر.
يجب ان نتوحد من اجل أهل غزة… من اجلنا… سواء كانت منظمة التحرير الفلسطينية هي البيت الذي يجب ان نتوحد تحته او لم تكن، يجب ان نتوحد من اجل خلق فرصة لقيادة تحمي الشعب لا قيادة تحتمي بمصالحها على انقاض الشعب.
ان لم نستطع نحن كشعب ان نفرض هذا التغيير ونطالب به، ربما يتدخل الاشقاء العرب ممن تبقى بهم نخوة لإصلاح البيت الفلسطيني والحث على توحيده. الإصلاح ليس باستقطاب اشخاص وتغيير أسماء وتبديل مناصب. الإصلاح يكون بتغيير حقيقي من اجل انقاذ الشعب الفلسطيني الذي ينهار يوميا بين قتل وتدمير وتهجير من جهة. وبين تمزيق وتشتيت لهويته وبنيته الاجتماعية من جهة أخرى.
لقد انتصرت لنا جنوب افريقيا، وأثبتت أن مواجهة الظلم بالحق انتصار، الا ننتصر لأنفسنا ونتحد من اجل لجم هذا العدوان؟
كاتبة فلسطينية