حول «الشخص المصرّح»..غسان زقطان

الإثنين 22 يناير 2024 03:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
حول «الشخص المصرّح»..غسان زقطان



يخلط بعض الناطقين باسم منظمة التحرير الفلسطينية بين دور الصحافي الذي ينقل الحدث، أو "الخبير" في شأن سياسي ما الذي يقدم تحليلاً بناء على ربط معطيات متوفرة لديه وقياسها على الواقع، وبين دورهم كناطقين باسم إطار سياسي وطني يشكل الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ودورهم في التعبير عن هذا التمثيل الذي يضم مختلف أطياف الحركة الوطنية الفلسطينية واجتهاداتها.
الأمر مهني والحدود بين الأدوار واضحة، والشروط المهنية واضحة لا تسمح بالخلط، ستحتاج، بالنسبة للصحافي، إلى مصادر موثوقة ومشاهدات وشهادات وأرشيف يمنح الحدث المقصود ذاكرة وماضياً وربطها بالراهن، وبالنسبة لـ "المحلل" إلى الخبر نفسه ومراجعه ومتابعاته وقراءاته ومقارناته والقدرة على الربط والقياس والاستنتاج...، أما بالنسبة للناطق فهو ببساطة بحاجة إلى "موقف" وبرنامج ينطلق منه ويعززه ويمهد له ويوضح الجوانب الملتبسة فيه، أو يؤكد على إبراز جوانب تحتاج إلى توضيح وإلى لغة ممكنة وهوامش تجعل الأمر مقبولاً، ثمة مستوى من التسويق هنا، وهو أمر رائج ويمكن تفهمه.
هذه المقدمة يمكن أن تخدم الملاحظات المتراكمة حول أداء بعض الناطقين باسم منظمة التحرير مؤخراً، وملاحق "التوضيح" التي رافقت هذه التصريحات، ومحاولات "تعديلها" من نوع الحديث عن "اجتزاء" التصريح أو "إخراجه من سياقه" والذي في الغالب، التوضيح، يضاعف الخلل ويضعف موقف الجهة التي يمثلها، وهي هنا منظمة التحرير الفلسطينية.
هذا أمر تكرر أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة بحيث تحول إلى "ظاهرة"، مؤسفة بكل الأحوال.
إضافة إلى "الخلط" المهني المشار إليه في مقدمة المقال، ثمة أسباب لحدوث الظاهرة منها أن الجهة التي يمثلها "الشخص المصرح" لا تمتلك موقفاً من الأحداث الجارية، أتحدث عن برنامج واضح ومعلن من تحولات عميقة ومنعطف حاد تدخله الحركة الوطنية الفلسطينية بكافة مكوناتها، وعن عملية إبادة جماعية يرتكبها الاحتلال في غزة والضفة بهدف تصفية القضية الفلسطينية، وعن انقلاب حقيقي في الرأي العالمي لصالح الشعب الفلسطيني... وليس عن "كليشهات" محفوظة قادمة من واقع لم يعد موجوداً، أو أن "الشخص المصرح" غير مطلع على هذا الموقف فيما لو أنه كان موجوداً.
ولكنه يعكس قبل كل شيء عدم إدراك أن المنظمة ليست فصيلاً أو حزباً بقدر ما هي جبهة وطنية عريضة، أو في الأقل هذا ما يجب أن تكون عليه وما يعنيه وصف "الممثل الشرعي الوحيد".