هل بات الشرق الأوسط على مقربة من حرب إيرانية مع إسرائيل؟ عميرة أيسر

السبت 20 يناير 2024 11:08 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هل بات الشرق الأوسط على مقربة من حرب إيرانية مع إسرائيل؟ عميرة أيسر



كل المؤشرات والأحداث الجارية في المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى تؤكد كما أشرت لذلك في مقالات سابقة أن الحرب الحالية  في قطاع غزة، ستتحول لحرب إقليمية كبرى، ستشمل العديد من الدول في المنطقة كمصر ولبنان، فالهزائم الإسرائيلية المتوالية أمام فصائل الجيش الفلسطيني في قطاع غزة، والتصعيد المستمر والمتواصل على الجبهة الشمالية مع حزب الله والحوثيين في باب المندب، و القصف المتقطع للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق، والتفجيرات الانتحارية التي قامت بها إسرائيل عن طريق داعش والتي استهدفت الحشود المشاركة في احياء ذكرى استشهاد  الرمز اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس السّابق في كرمان جنوب إيران، وهو العمل الارهابي الذي راح ضحيته 84 شخصاً وفق ما ذكر رئيس منظمة الطوارئ الإيرانية جعفر ميعادفر متحدثاً عن إصابة 284 شخصاً من بينهم 195 يتلقون العلاج في المستشفيات، وكانت وكالة أرنا الإيرانية قد أعلنت عن سقوط 103 قتيل وجرح ما لا يقل عن 181جريحاً في التفجيرين اللذين وقعاً في المقبرة حيث دفن سليماني قبل أربع سنوات. كما ذكر موقع جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ 5جانفي/ يناير 2024م، في مقال بعنوان (“داعش” تتبنى هجوم كرمان….وطهران تؤكد تفجير انتحاري).
 تؤكد بأن  الكيان الصهيوني الذي يتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل السيطرة على كل منطقة الشرق الأوسط واخضاع دولها لصالح العام سام يريد تغيير الواقع الميداني الذي فرضته قوى المقاومة في المنطقة بتخطيط وتمويل ودعم ايراني، وذلك عن طريق التحالف مع خصوم وأعداء طهران الذين يرون في التحركات الإيرانية تهديداً لدولهم وعروشهم، وخاصة دول التطبيع العربي التي أعلنت صراحة ادانتها للعمليات البطولية التي تقوم بها المقاومة في فلسطين المحتلة، وسخرت ترسانتها الإعلامية وأجهزتها الاستخباراتية من أجل امداد الكيان الصهيوني بالمعلومات التي يحتاجها عن تحركات فصائل الجيش الفلسطيني في غزة، وحزب الله في الجنوب اللبناني وعن حجم الترسانة العسكرية للحوثيين وحركات قواربهم في مضيق باب المندب، فايران التي أعلنت صراحة هذه المرة بأنها على أتم الاستعداد والجهوزية للمواجهة الإقليمية الكبرى، أيدت العلميات العسكرية التي يقوم بها الحوثيون ضدّ السفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية، وخاصة بعد تعرض عدة محافظات يمنية للقصف بالطائرات والبوارج الحربية، شاركت عدّة دول في تلك العمليات بما فيها البحرين، وهي العملية التي سميت بحارس الازدهار، وأدت لاستشهاد عدد من أفراد القوات المسلحة اليمنية، وهو العدوان الغاشم الذي يستدعي رداً يمنياً قوياً، وهذا ما أكده  العميد يحيي السريع المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، والذي قال: بأن العدوان الأمريكي البريطاني لن يمر دون عقاب، وبأن اليمن لن يتردد في استهداف مصادر التهديد كافة. مثلما ذكر موقع قناة BBC،بتاريخ 13 جانفي/ يناير 2024م، في مقال بعنوان ( حرب غزة…..ما الذي تعرفه عن الضربات الأمريكية البريطانية على الحوثيين).
واستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن واختطاف جنديين من على متن احداها كانوا في مهمة لتفتيش سفينة  قرب السواحل الصومالية، والتي كانت  تحمل معدات وأسلحة وتجهيزات عسكرية كانت متجهة صوب الصومال لتخزينها هناك تمهيداً لتسليمها للحوثيين عندما تهدأ الأمور، حسبما جاء في الصحف الأمريكية، يأتي ضمن هذا الاطار بالتزامن مع الرد الإيراني على اغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضا موسوي، والذي يعد أقدم مستشاريه في سوريا  بقصف إسرائيلي، وهدد بأن جريمة اغتياله لن تمر مرور الكرام، ونفذ تهديده عن طريق قيامه بقصف مواقع لتنظيم داعش الارهابي المدعوم أمريكياً في سوريا، وقواعد للتجسس تابعة للموساد تقع بالقرب من القنصلية الأمريكية في أربيل،  وهو العمل الذي تبناه الحرس الثوري الإيراني في بيان رسمي واعتبره رداً على اغتيال قادة المقاومة في كل من لبنان وسوريا، فالعلاقات المتوترة سياسياً بين طهران وواشنطن انعكست على مختلف الساحات، وبينت للعدو قبل الصديق أن إيران مستعدة لتوسيع جبهة الحرب، والدخول فيها بصفة مباشرة متحدية بذلك كل التحذيرات الإسرائيلية والأمريكية بعدم قصف المنشأت والمراكز الأمنية الحساسة التابعة لتل أبيب، ورغم كل هذه الضربات التي تلقتها إسرائيل فإنها لم تستطع الرد عسكرياً أو اعلان الحرب على طهران، بل عملت على زيادة حجم ضرباتها العسكرية الموجهة ضدّ حلفاء إيران،  خاصة بعدما قامت طهران بإرسال قائمة تضم مواقع المنشأت النووية والبيولوجية الموجودة داخل الكيان الصهيوني للقيادة السّياسية والعسكرية في تل أبيب، عن طريق طرف ثالث محذرة اياها بأنها ستقوم بقصف تلك المواقع في حالة اندلاع حرب معها، وهذا ما لم يخاطر بفعله الكيان الصهيوني المشغول حالياً بتوسعة جبهة الحرب ، لأن نتنياهو الذي يعيش ضغوطاً داخلية وانقسامات حادة بين أعضاء حكومته يريد الاستيلاء على سيناء المصرية، وليس فقط محور فيلاديلفيا من أجل منع فصائل الجيش الفلسطيني في غزة من الحصول على خطوط امداد لوجستي دائم كما يروج لذلك الاعلام العبري، بل يريد فرض أمر واقع على القيادة المصرية، وتغيير الوضع الجغرافي للمنطقة وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد التي تقيده عسكرياً، وذلك لأنه يرى في سيناء جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل الكبرى التوراتية، والوطن البديل الذي سيكون كالمحتشدات النازية إبان الحرب العالمية الثانية التي كان يوضع فيها اليهود من طرف هتلر، ولكن للفلسطينيين هذه المرة الذين يراهم نتنياهو وأعضاء حكومته أقل من أن يعيشوا في أرض يهوذا والسامرة التي كتبها الله لبني إسرائيل حسب زعمهم الديني الذي لا يمت لحقائق التاريخ بصلة.

ad

فالكيان الصهيوني الذي يعيش على وقع هزائم متلاحقة وعلى كل المحاور والجبهات، لن يغامر بدخول حرب مع قوة اقليمية عظمى كإيران التي تمتلك أحدث أنواع الأسلحة المتطورة، لأن ذلك سيؤدي لتدمير الجيش الاسرائيلي ولدخول حلف الناتو لهذه الحرب، مما يستدعي بالمحصلة دخول روسيا والصين وتحول الصراع الإقليمي لحرب عالمية نووية مدمرة ستكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية الخاسر الأكبر، لذلك فإن الإدارة الأمريكية التي دعمت ولا تزال حرب نتنياهو على قطاع غزة، لا تريد أن تدخل في حرب غير محسوبة العواقب، فخيار دخول إيران الحرب بصفة غيب مباشرة غير مستبعد حسبما أكده جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن، وأضاف سوليفان في حديثه لبرنامج “واجه الأمة”، على شبكة سي بي أس يوم الأحد ” علينا أن نستعد لحالة طوارئ محتملة، وهذا بالضبط ما فعله الرئيس. كما ذكر موقع القدس العربي، بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول 2023م، في مقال بعنوان (ايران لا تسعى إلى حرب مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ولكنها تريد الحدّ من الهجوم الاسرائيلي على غزة).
فايران  التي تعيش في وسط جيواستراتيجي صعب ومتوتر،  قامت بقصف حركة العدل الانفصالية في باكستان، وردت الأخيرة باغتيال عميد في الحرس الثوري الإيراني، هذا القصف الذي عدّته اسلام آباد انتهاكاً لسيادتها فاستدعت السفير الإيراني لتبلغه احتجاجها على هذه الضربات التي تعد بمثابة استعداء لقبائل البلوش المتواجدين على حدودها مع هذه الدولة النووية، وهم الذين يحاولون عرقلة المشاريع الصينية في باكستان  الهادفة لمد خط بري يتيح للصين الوصول لبحر العرب عن طريق ميناء غوادرا الباكستاني، ولكن يبدو أن باكستان لن تسكت عن هذه الضربات وتريد التصعيد مع طهران وهذا يبدو واضحاً من الرد العسكري الباكستاني الذي بررته الأخيرة بأنه استهداف لحركة تحرير بلوشستان المناهضة لنظام الحكم في اسلام آباد، وبالتالي فإن طهران ليس من مصلحتها فتح جبهة صراع جديدة مع الكيان الصهيوني في الوقت الراهن، و  الذي قد يستغل اعلان طهران الحرب ضدّه في دعم القوميات العرقية التي لها خلافات عميقة وعداء تاريخي مع نظام الجمهورية الإسلامية الايرانية، كالبلوش والباشتون والأذريين والأكراد بل وحتى العرب، بدعم أمريكي، وهذا ما سيؤدي لحدوث مشاكل وحروب أهلية قد تكون عائقاً أمام استمرار دعم إيران لحركات المقاومة نظراً لانشغالها بحل مشاكلها الداخلية.
كاتب جزائري