استنكرت وزارة الثقافة الفلسطينية مشاركة شاعر فلسطيني في تأبين أحد جنود الاحتلال المنتمي لعائلته، و”مِن الذين شاركوا وتسبّبوا في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها في غزة”.
واعتبرت الوزارة، في بيان نشرته على صفحتها الموثقة في فيسبوك، أن أي تقدير مُنح للشاعر سليمان دغش من طرفها هو “لاغ”، ودعت كافة المؤسسات العربية والدولية لسحب أي تقدير أو تكريم منحته للشاعر دغش، خاصة جائزة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب التي منحت له عام 2017.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تناقلت مقطع فيديو يظهر الشاعر الفلسطيني مشاركاً في تأبين الجندي القتيل سفيان دغش، بل وملقياً كلمة أمام تابوته المغطى بالعلم الإسرائيلي، قائلاً: “كيف لنا أن نصدق أنك رحلت عنا، ولم نتمكن من وداعك وتقبيل جبينك العالي قبل أن تفارقنا. كيف لي أن أستوعب، وأنت حفيدي الأول، أن أحمل نعشك الطاهر، وأن توارى الثرى قبلي”.
وأثارت مشاركة الشاعر في التأبين إدانات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، فبالإضافة إلى بيان وزارة الثقافة، كتب الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين مراد السوداني: ” سفور التطبيع وسقوط الوعي في اللحظة. كاشفة هي الحرب على غزة، أسقطت الأقنعة عن الأشخاص والدول، وأظهرت الحقيقة بيضاء من غير سوء”.
ويضيف: “كان بإمكانك أيها الشاعر الراثي أن تقول: لا تزر وازرة وزر أخرى، وترفض ما كان. وتحافظ على سيرتك بعيداً عن الالتباس وتردي اللحظة. أما ولم تفعل فقد حذفت نفسك بنفسك. وعليه، فإننا ندعو لسحب التكريمات من الشاعر سليمان دغش، وعدم إنفاذ منحه جائزة اتحاد الأدباء والكتاب العرب لكتاب 48 والتي تم منحه إياها العام 2017، وتكريم وزارة الثقافة الفلسطينية”.
كما كتب الشاعر عمر شبانة على فيسبوك: “عار عليك يا سليمان دغش. عِشنا ورأينا “شاعرًا فلسطينيًّا” من قرية المغار، في فلسطين المحتلة 1948، يرثي حفيده الجنديّ في جيش الكيان الصهيونيّ بعد سقوطه قتيلاً وهو يقاتل شعبنا الفلسطينيّ في غزة. الشاعر يعتبر نفسه سفير فلسطين والشعر الفلسطينيّ في حركة شعراء العالم”.
كما كتب ياسين عز الدين “انفصام الشخصية الذي يعيشه الكثيرون. هذا حساب سليمان دغش، وهو جد الجندي الدرزي الذي قتل في غزة قبل أيام. على اليمين ينعى حفيده الذي قتل وهو يقاتل مع جيش الاحتلال، وعلى اليسار يعرف بنفسه أنه سفير فلسطين في حركة شعراء العالم. في الحقيقة، الكثيرون من فلسطينيين وعرب يعيشون هذا الانفصام؛ قلوبهم مع فلسطين وسيوفهم مع إسرائيل، والحجة موجودة دائمًا: الظروف الخاصة والخصوصية. اليوم، لا مجال لميوعة المواقف، ولا للوقوف في المنتصف، فإن لم تكن مع فلسطين قولًا وعملًا فأنت مع إسرائيل”.
أما الكاتب الفلسطيني حسن خضر فقد اعتبر بيان وزارة الثقافة الفلسطينية “محاولة فضائحية للتنصل من فائز بجائزة أدبية “رفيعة”.. أما مناسبة هذا الكلام فهي تنصّل المؤسسات المعنية، اليوم، من جوائز وحفلات تكريم، ومقابلات، وصفات تفخيم مجانية، كانت من نصيب شاعر من الجليل يدعى سليمان دغش. لم يكن المذكور وجهاً بارزاً في المشهد الثقافي الفلسطيني، ولا كان صاحب وزن يبرر الجوائز والتكريم”.
وأضاف: “دغش فاز، دون وجه حق، بجائزة الاتحاد العام للكتّاب العرب، وأين؟ في دبي. وعلى يد مَنْ: شاعر من تلك البلاد (منافق ومتوسّط الموهبة) يدعى حبيب الصايغ كان رئيساً للاتحاد العام للكتاب العرب”.
قبل أن يختم بالقول: “كل طيور الثورة المضادة في العالم العربي متشابهة، وكلها محافظة ورجعية في الجوهر. لذا، المشكلة مع سليمان دغش وقعت قبل محاولة التنصل منه بوقت طويل، وقبل مشاركته في تأبين حفيد سقط في الحرب على غزة”.
وكان وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف قد كرّم الشاعر سليمان دغش في العام 2019 لمناسبة حصوله على المرتبة الأولى لجائزة بالمي العالمية للشعر في إيطاليا.
وقال حينذاك: “نلتقي لنحتفي بالشاعر الفلسطيني ابن بلدة المغار الجليلية سليمان دغش، الذي راكم إنجازًا على إنجازات المبدعين الفلسطينيين، من خلال استحقاقه للمركز الأول لجائزة (بالمي) العالمية للشعر والقصة بنسختها للعام 2019 في إيطاليا، بين أكثر من1047 عملاً ونصًّا أدبيًّا بين الشعر والقصة على مستوى إيطاليا وبعض دول العالم بلغاتها المتعددة”.