السيد نصر الله وضع خارطة مستقبل المنطقة.. هل هي شروط التسوية ام اهداف الحرب؟

السبت 06 يناير 2024 01:52 م / بتوقيت القدس +2GMT
السيد نصر الله وضع خارطة مستقبل المنطقة.. هل هي شروط التسوية ام اهداف الحرب؟



كتب كمال خلف:

في الخطاب الأخير للامين العام لحزب الله “السيد حسن نصر الله” كانت الأنظار مشدودة لرصد ما ينتظره الأعداء والأصدقاء على حد سواء وهو رد حزب الله على جريمة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “صالح العاروري”، وماذا سيقول السيد نصر الله حول هذا الرد. وهو كان واضحا جدا بشكل لم يترك فيه أي التباس، اذ قال “الرد قادم لا محالة، وليس هناك مكان للجملة التقليدية في الزمان والمكان المناسبين، وان الامر الان بيد الميدان لتحديد الهدف”. والاهم من هذه الجملة كان ادراك الأمين العام لحزب الله ان عدم الرد سيكون له اثار سلبية بعيدة المدى، وستجعل لبنان كله مكشوفا امام الاجرام الإسرائيلي. أي ان الرد له أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة للحزب، وان الرد سيتم بغض النظر عن تداعياته أيا كانت.

صحيح ان موقف الأمين العام حول الرد كان مهما جدا ومنتظرا، لكن ثمة ما هو مهم جدا ورد في متن الخطاب، ونعتقد ان السيد نصر الله فتح لنا نافذة واسعة للإطلالة على المشهد الاستراتيجي وعلى حقيقة المعادلة التي تتشكل الان في الإقليم. وما قاله السيد بهذا الخصوص ان الجبهات فتحت في اليمن ولبنان والعراق وسورية لمساندة غزة ونصرة أهلها، ولكن من بركات الوقوف مع غزة ان هذه الدول والقوى تجد نفسها امام فرصة تاريخية لتحقيق اهداف وطنية.

اللافت ان السيد نصر الله وضع ما يشبه خريطة طريق او بشكل ادق تشكيل جديد قادم او مرتقب للمنطقة، وإذ قال ان كل بركات الإنجازات الوطنية التي ستتحقق للدول التي سندت غزة، لن تبدأ الا بعد وقف العدوان على غزة، فأن ما يمكن فهمه من ذلك ان ما قاله نصر الله عن الفرصة التاريخية وبركات الوقوف مع المظلومين في غزة، قد يكون شروط محور المقاومة لتسوية قادمة في المنطقة، يرى المحور انها ستكون انعكاس لنتائج المعركة، وموازين القوى الجديدة بعد الفشل الإسرائيلي في غزة، والضعف الأمريكي في التأثير في مجريات الاحداث من غزة الى البحر الأحمر والعراق ولبنان.
ليس من قبيل الصدفة ولا هو نوع من التحليل ان يتحدث السيد نصر الله عن فرصة تاريخية لاستعادة الأراضي اللبنانية المحتلة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وخروج القوات الامريكية من العراق وبالتالي من سورية، وان ينعم اليمن بالاستقرار، ويتم الاعتراف به كقوة إقليمية. وكل هذا بعد وقف الحرب على غزة وانتصار مقاومتها. ومن بركات المشاركة في اسناد غزة. فإما ان السيد نصر الله لديه معطيات جدية، والقى بأوراق وشروط التسوية الشاملة على الطاولة قبل وصول وزير الخارجية الامريكية “انتوني بلينكن” الى المنطقة. وهذه الشروط تم روزها بدقة بناء على تقديرات الفشل الإسرائيلي، والعجز الأمريكي في وقف الجبهات المفتوحة. او ان هذه الفرص وهذه الإنجازات من غزة الى اليمن قد اطلق السيد مسار انتزاعها بالقوة واستمرار المقاومة، وبالتالي فان مستوى الاستهداف لن يتوقف الا اذا تحققت هذه الشروط.
بهذا المعنى تكون كل التقديرات التي اطلقت بعد يوم الطوفان في السابع من أكتوبر والتي ذهبت نحو اعتبار هذا اليوم مفصلي في تاريخ المنطقة ومحدد لمستقبلها تقديرات دقيقة ومحقة. ووفق ذلك لن تنتهي الحرب بغزة الا مع تغييرات جذرية في البيئة السياسية الإقليمية سواسية مع التغيرات الحتمية في البيئة السياسية الداخلية الفلسطينية.
وهنا تأتي الترجمة للجملة ذات الدلالة الكبيرة التي قالها الأمين العام لحزب الله ” الجهاد يجلب الغز، والقعود عنه يجلب الذل”. أي ان الإنجازات الوطنية وبركات هذا الصمود الأسطوري في غزة والتضحيات الجسام، وثمار الجبهات المجاهدة ودماء الشهاء فيها ستكون إنجازات أصحاب الهمة والتضحية والمبادرة. وترجمة هذا الكلام على الميدان وفي السياسية وفق فهمنا هو الاتي
غزة لاهلها، لا تهجير ولا حكومات مصطنعة عميلة تعمل أداة لإسرائيل، وغزة والضفة والقدس وحدة جغرافية واحدة تحت قيادة وطنية تمثل الشعب الفلسطيني وتحافظ على إنجازات وتضحيات المقاومة. وفي لبنان انسحاب إسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والغجر دون قيد او شرط، و في العراق انسحاب للقوات الامريكية من كامل العراق ومن شرق الفرات في سورية، وفي اليمن اعتراف كامل بالحكومة الوطنية في صنعاء وبدور إقليمي وازن لليمن العزيز في الإقليم ومع شراكة كاملة في امن البحر الأحمر.
بالمقابل ثمة تأثيرات ستطرأ على احجام وأوزان الدول في المنطقة ومراكز التأثير فيها ومراكز القرار. فمن عجز وخضع ووقف موقف المتفرج امام حرب بهذا الشكل المصيري الكبير، فلا يمكن له ان يلعب أدوار هامة على مستوى المنطقة او يكون قوة تحسب حسابها القوى الدولية. هذه سنة وقانون اللعبة ” لعبة الأمم على مستوى الجغرافية في السياسية والامن والعسكر. هذا ما فهماه او ما حللناه في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في هذه الجزئية تحديدا، ولا يمكن التكهن بما لدى هذا القائد النادر في التاريخ من معطيات ليقدم هذه المطالعة التي حاولنا في هذه العجالة فهمها.
الأيام المقبلة حبلى بالاحداث والمفاجآت سواء في مسار الحرب وتطوره او في ميدان السياسية. الأهم في كل هذا المشهد هو ان تتوقف الإبادة في غزة وان يتم إعادة اعمار ما تهدم من بيوتها واحيائها، وان تخرج المقاومة هناك منتصرة عزيزة شامخة، هذا ما سوف يؤسس للتحولات في مستقبل الصراع ومستقبل الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال الأمريكي لعموم المنطقة.
كاتب واعلامي فلسطيني