قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الفلسطينيين يصرّون على البقاء على أنقاض منازلهم المدمرة في قطاع غزة غير مبالين بالمقترحات الإسرائيلية المتطرفة التي تدعو لتهجيرهم.
وتنقل الصحيفة عن فلسطينيي من مخيم جباليا يدعى طارق كان قد عاد يوم الأحد إلى منزله المدمر جراء قصف إسرائيلي في نوفمبر/ تشرين الثاني، قوله "على الرغم من كل الدمار في قطاع غزة، والمخاوف بشأن عدم صلاحيته للعيش إلا أنني لن أغادر أبداً".
وأضاف طارق الذي كان من أوائل الفلسطينيين الذين قد عادوا إلى منازلهم بعد انسحاب جزئي لقوات الاحتلال من شمال القطاع "نحن نفضل أن نموت وندفن تحت تراب غزة على أن نخرج ونعيش في أي بلد آخر".
أما مؤمن الحرثاني فيقول إنّه لم يتمكن من استخراج قطعة قماش واحدة من المبنى الذي كان يقطنه، إلا أنه يؤكد أنه مصمم على البقاء وإعادة بناء منزله قائلاً "كيف تعتقد أنني سأغادر غزة؟ كل ما أريده الآن هو أن تنتهي الحرب وأعيش على أنقاض منزلي".
يأتي ذلك في ظل مواصلة أقطاب اليمين الإسرائيلي في تقديم اقتراحات بشأن تهجير أهالي غزة، أو توطينهم في دول أخرى، لضمان السيطرة الإسرائيلية على القطاع بشكل كامل.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن مقترحات المسؤولين الإسرائيليين المتطرفين، تسببت في حدوث انقسامات مع واشنطن وأوروبا والأمم المتحدة.
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد حث الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من الشهر الماضي، على الضغط على مصر لفتح حدودها مع غزة والموافقة على استقبال النازحين الفلسطينيين، فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو يجري محادثات مع جمهورية الكونغو الديمقراطية لفتح باب "الهجرة الطوعية" من غزة.
كما قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم الأحد، إن ما يجب أن تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، هو تشجيع "الهجرة الطوعية"، مضيفاً "إذا كان هناك 100 ألف أو 200 ألف في غزة، وليس مليوني فلسطيني؛ فإن مناقشة (اليوم التالي) للحرب ستكون مختلفة تماماً"، فيما ردد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ذات الدعوة يوم الثلاثاء.
وبحسب ما يقول منتقدي الدعوات الإسرائيلية، فإن ذلك يمكن أن يرقى إلى مستوى التطهير العربي في قطاع غزة، وبالفعل، تم إدراج ذلك ضمن القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبر منصة "إكس" يوم الأربعاء، إن عمليات التهجير القسري محظورة تماماً وتعتبر انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني والدولي".
وتشير "واشنطن بوست" إلى أن المسؤولين الأميركيين قد حصلوا على طمأنة بأن تلك المقترحات لا تمثل السياسية الإسرائيلية الرسمية، متحدثة عن إصدار وزارة الخارجية الأميركية توبيخاً لسموتريتش وبن غفير بشأن تصريحاتهما التي وصفتها بأنها "تحريضية وغير مسؤولة".
وتؤكد الصحيفة أن المقترحات تنبع من السياسة اليمنية للائتلاف الحكومي الإسرائيلي واعتماد نتنياهو على الأحزاب اليمينية المتطرفة للحفاظ على سلطته، مشيرة إلى أن مقترحات وزراء حكومة الاحتلال بشأن تهجير سكان غزة، ورفض بنيامين نتنياهو دحضها، تستمر مع تزايد المعارضة للحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع.
وقال شخص مطلع بشكل مباشر على المحادثات داخل الحكومة للصحيفة: "يعلم القادة في الجيش والمؤسسة الأمنية أن هذا غير محتمل. إنهم يعرفون أنه لا يوجد مستقبل بدون سكان غزة في القطاع، والسلطة الفلسطينية كجزء من الحكومة هناك".
أما مديرة الأبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية شيرا إيفرون، فقالت تعليقاً على دعوات التهجير إن إسرائيل تطلق النار على قدميها، وتضيف: "سيكون من الجيد أن يخرج نتنياهو ليعلن أن هذه ليست السياسية الإسرائيلية، لكن هذه فترة الانتخابات وعليه أن يلبي رغبات قاعدته الانتخابية".
وتشير الصحيفة إلى أن بعض خبراء القانون الدولي الذين يزعمون أن إسرائيل تلتزم بقوانين الحرب يؤكدون أن الخطاب الإسرائيلي المتطرف بشأن تهجير أهالي غزة يقوض الجهود المبذولة في "الدفاع عن إسرائيل".