فلسطين في عامها الجديد: هل من نقطة تحول في المشهد الفلسطيني؟

الثلاثاء 02 يناير 2024 09:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 فلسطين في عامها الجديد: هل من نقطة تحول في المشهد الفلسطيني؟



كتب نواف الزرو:

على وقع تفاصيل المحرقة الصهيونية الاجرامية التي تقترف منذ نحو ثلاثة شهور متصلة بالبث الحي والمباشر ضد شعبنا الصامد على امتداد مساحة قطاع غزة، نوثق ونحن نودع العام 2023، وعلى عتبة العام الجديد 2024:  بان الطموحات والامال والاحلام الوطنية التحررية الاستقلالية والانسانية الفلسطينية كبيرة واسعة وراسخة ومشروعة ومستمرة.. فكل ابناء الشعب العربي الفلسطيني، هناك على امتداد خريطة الوطن الفلسطيني المغتصب والمهود، يتطلعون الى ان يستيقظوا صباح ذات يوم ليروا الوطن الفلسطيني بلا احتلال وبلا قوات غزو وبلا مستعمرات، وبلا اجتياحات وتجريفات واغتيالات واعتقالات ومجازر دموية.. وبلا مصادرات واطواق وحواجز حربية تنكيلية وعقوبات جماعية تحول حياتهم الى جحيم يومي لا يطاق.. وكذلك بلا جدران عنصرية تهويدية تحول مدنهم وقراهم الى معسكرات اعتقال كبيرة وصغيرة…!

  ولكن …مع بالغ الأسف فانه ليس من المنتظر اطلاقا ان يحمل لنا معه العام الجديد معجزة كبيرة او اسطورية تقلب الحالة والاوضاع الفلسطينية رأسا على عقب، فنحن في زمن لا يعرف المعجزات الاسطورية الا بقدر ما تصنعها الامم والشعوب، وبقدر ما تجتمع وتتضافر الظروف والمعادلات الفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية لصنعها.

ad

فما يجري في غزة وعموم فلسطين جزء لا يتجزأ مما يجري في المنطقة العربية والشرق اوسطية كلها، وهو نتاج طبيعي لها بشكل عام وللاوضاع العربية بشكل خاص جدا، فلو كانت الاحوال العربية على غير ما هي عليه منذ اكثر من نصف قرن من الزمن، ولو كانت لدى الامة والدول والانظمة والقيادات العربية ارادة سياسية  وسيادية وخيارات تحررية حقيقية، على نمط تلك التي كان يتمتع بها الرحال الخالد حمال عبد الناصر، لما حصل ما حصل في فلسطين والعالم العربي…!..
ولذلك نقول ان العام الجديد يولد فلسطينيا من رحم العام المنصرم …وهذا العام المنصرم كان مليئا بكل اشكال الجرائم الصهيونية المفتوحة على مدار الساعة، والتي ترتقي في غزة في هذه الايام الى مستوى المحرقة الشاملة والتدمير الشامل، وكان مليئا من جهة ثانية بالهبات والانتفاضات والمواجهات التضحيات الفلسطينية، بقدر ما كان مليئا بالملاحم البطولية الصمودية الاسطورية الفلسطينية، لكنه كان من جهة اخرى كان عاما بائسا رديئا محبطا مخجلا عربيا، في الوقت الذي كان فيه عاما سيئا جدا للمجتمع الدولي وللمواثيق والقوانين والقيم الدولية والانسانية.
فالعناوين الاساسية الصارخة للعام المنصرم فلسطينيا كانت:
اولا: الاستباحة الشاملة : حيث تواصل دولة الاحتلال سياسة التدمير الشامل للمجتمع المدني والامني الفلسطيني على حد سواء من تجريف واقتلاع ونسف وهدم وحرق.. الخ.
ثانيا: حيث تواصل تلك الدولة ايضا اقتراف المجازر الدموية وحرب الاغتيالات والقتل اليومي والاعدامات اليومية للشباب والصبايا بالبث الحي والمباشر (كما حدث في رفح ونابلس وجنين وطولكرم وغزة).
ثالثا: حيث طغى تماما ارهاب الدولة الاسرائيلية ضد اطفال ونساء وشيوخ وشبان فلسطين بغية هزيمة ارادتهم وكسر معنوياتهم واخضاعهم للشروط والاملاءات السياسية والامنية والتطبيعية الاسرائيلية.. .
رابعا: وكان الشعب الفلسطيني عمليا بين فكي الارهاب الدموي الاحتلالي الاسرائيلي المنفلت وبين حالة الفرجة والصمت العربي من جهة، والتواطؤ الدولي والامريكي على نحو خاص من جهة ثانية.
خامسا: غير ان الشعب الفلسطيني نجح برغم كل معطيات هذا المشهد المرعب في التصدي والصمود وتسطير ملاحم اسطورية عز نظيرها عربيا.
سادسا : ما يتوج في الحصيلة بانتفاضات وهبات واشتباكات مفتوحة مع الاحتلال، ولعل الاشتباكات المحتدمة على امتداد مساحة فلسطين من غزة هاشم الى جنين وجبل النار تشكل نقطة تحول في المشهد الفلسطيني.
سابعا: وفي اعقاب اعتراف سياسات الادارة الامريكية الممتدة وخاصة في عهدي ترامب وبايدن والمنحازة تماما لصالح مشروع الاحتلال يمكن الحديث عن سقوط كل الاوهام المتعلقة بعملية المفاوضات والتسوية، وتلك المتعلقة بالوساطة الامريكية المزعومة التي تهاوت تماما مصداقيتها ونزاهتها الموهومة.
ثامنا: ويمكن الحديث ايضا عن مرحلة جديدة في الكفاح الشعبي العربي الفلسطيني، وفي الوعي الجمعي العربي، وعودة البوصلة من جديد للقدس والقضية الفلسطينية.
اما عربيا فقد تميزت الحالة والاوضاع العربية بـ:
اولا: الامة العربية من محيطها الى خليجها كانت تئن تحت حالة من التفكك والضعف والاستخذاء وفقدان الارادة والبوصلة لدرجة ان رامزي كلارك احد ابرز الشخصيات الداعية للسلام واحترام حقوق الانسان في امريكا والعالم كان قال فيها (اذا كانت هناك ادارة امريكية طاغية فالعيب اذن في قدرة المطالبة والوقوف في وجهها. وانا بصراحة لا يحزنني الا الموقف العربي الصامت تجاه كل قضاياه التي يسميها قضايا مصيرية لاثبات الوجود والذات.. وحتى اللحظة لا يوجد موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية، فليس من المعقول ان يخرج مليونا مواطن امريكي – مثلا – للشارع في مظاهرات عارمة وتقوم الشرطة بضربهم وتصيبهم اصابات بالغة والعرب جالسون في بيوتهم يتفرجون علينا.. وانا ما زلت اطالب حتى اللحظة الشعوب العربية باثبات موقفها وذاتها فاما ان تفرض نفسها او ان تتفرج ولا تأتي لتبحث عن سلام في عالم يمتلئ بالطغاة والجبارين –
تصوروا… ان كلارك يتحدث هنا بالعربي اكثر من العرب…؟!
ثانيا:… فاصبحت الحالة والاوضاع العربية بائسة متردية عجيبة ينسحب عليها ما كان الجواهري قد وصف به الامة قبل ربما اكثر من سبعين عاما قائلا:
“ورأى المستعمرون فرائسا منا
يبرون انيابا له ومخالبا..”
فهل ننتظر في ضوء كل هذه المعطيات الممتدة من العام المنصرم يا ترى اجندة سياسية عربية جديدة مختلفة ….؟
ام اننا سنواجه استمرارا للسياسات الامريكية والصهيونية الارهابية الاجرامية في فلسطين والمنطقة-وهذا هو المؤكد…!
 يضاف اليها استحقاقات فلسطينية وعربية واسلامية واممية ملحة وعاجلة في اعقاب وعد واعتراف ترامب البلفوري ب”منح القدس-وبالتالي فلسطين-عاصمة ابدية لاسرائيل-على طريق وعد بلفور المشؤوم الذي اعطى ما يملك-فلسطين- لمن لا يستحق”….؟!
 وفي اعقاب وعود بايدن المتكررة ل”اسرائيل  المعجزة” بالحفاظ على تفوقها وهيمنتها المطلقة على المنطقة العربية…!.
nzaro22@hotmail.com