صادقت الحكومة الإسرائيلية، الأحد 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، على تبادل مناصب بين وزير الخارجية إيلي كوهين ووزير الطاقة يسرائيل كاتس، بحسب إعلام عبري. وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن "الحكومة صادقت على تنفيذ اتفاق التناوب بين الوزيرين يسرائيل كاتس، الذي تم تعيينه وزيراً للخارجية، وإيلي كوهين الذي تولى منصب وزير الطاقة والبنية التحتية".
وأوضحت أنَّ "تبادل المناصب مشروط بالتصويت الذي سيتم أيضاً في وقت لاحق بالهيئة العامة للكنيست (جلسة عامة في البرلمان)"، دون ذكر تاريخ محدد. وحتى الساعة الـ09:40 "ت.غ" لم تصدر إفادة من الحكومة في هذا الشأن.
ومع تشكيل الحكومة الحالية في ديسمبر/كانون الأول 2022، تم الاتفاق على التناوب بين الوزيرين (كلاهما من حزب الليكود)، بحيث يتولى كوهين الخارجية لمدة عام، وكاتس لمدة عامين، ومن ثم يعود كوهين إلى الخارجية في العام الرابع والأخير، في حال أكملت الحكومة ولايتها.
يسرائيل كاتس
ويأتي هذا التطور في ظل دعوات من المعارضة والشارع الإسرائيلي إلى إقالة الحكومة فوراً وإجراء انتخابات مبكرة؛ بسبب "إخفاقات" عسكرية في الحرب على قطاع غزة.
من هو وزير خارجية إسرائيل الجديد
يسرائيل كاتس نائب من حزب الليكود، وحلّ رابعاً في قائمته وولد يوم 21 سبتمبر/أيلول ،1955 ومتزوج ولديه ولدان، ويسكن في قرية "كفار أحيم" القريبة من الساحل الجنوبي. وصل يسرائيل كاتس إلى الكنيست لأول مرّة في العام 1988، وقبل ثمانية أشهر من انتخابات 1999 المبكرة، في أعقاب استقالة أحد النواب، وجرى انتخابه في كافة الانتخابات اللاحقة.
تولى في حكومة أرييل شارون 2003-2006 حقيبة الزراعة، إلا أنه كان من ضمن مجموعة نواب الليكود المتمردين على رئيس الحزب أريئيل شارون، لطرحه خطة إخلاء مستوطنات قطاع غزة.
وتولى في حكومة بنيامين نتنياهو 2009-2013 حقيبة المواصلات، وبقي يحمل هذه الحقيبة أيضاً في الحكومة التالية لبنيامين نتنياهو، من العام 2013 إلى العام 2015.
التحاقه بجيش الاحتلال الإسرائيلي
برز "كاتس" كزعيم طلابي، وتولى رئاسة اتحاد الطلاب في الجامعة، ومع الوقت انضم لحزب الليكود الذي رشحه ضمن قوائمه الانتخابية للبرلمان، ليدخل الكنيست أول مرة عام 1998، بديلا لـ"إيهود أولميرت" الذي عُين في حكومة شارون.
التحق بجيش الاحتلال عام 1973، وتطوع كمظلي في لواء المظليين، وخدم كجندي وقائد سرب. عام 1976 أصبح ضابط مشاة بعد انتهائه من كلية إعداد الضباط، وعاد للواء المظليين كقائد فصيلة، وما زاده ذلك سوى مزيد من العنف النفسي، حيث قام باحتجاز عميد كليته في الجامعة العبرية يالقدس عام ؛1981 اعتراضاً على رفضه فصل الطلاب الفلسطينيين والعرب.
تولى وزارات عدة
تعاقب على كافة الوزارات كوزير للزراعة في البداية ثم المواصلات والاستخبارات والخارجية وصولاً إلى الطاقة، حيث كان خريجاً لكلية التربية والفنون من الجامعة العبرية بالقدس، لكنه كان مهندساً للتواصل العبري العربي، بداية من اتفاقاته مع مصر في مجال الزراعة بعد توليه الحقيبة عام 2006، ثم إشرافه على الاتفاق الإبراهيمي التاريخي فيما بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ثم عمليات التطبيع المتواصلة بداية من الإمارات ثم البحرين والمغرب وصولاً إلى السودان.
كان صاحب المشروع الحقيقي لمستوطنات الجولان والتوسع فيها بداية من عام 2004 كبديل لفك الارتباط بقطاع غزة فيما بعد، وقاد مع الجمعيات الصهيونية العالمية جمع نحو 32 مليار دولار لبناء مستوطنات الضفة الغربية التي أصبحت عائقاً حقيقياً للسلام في الوقت الحالي.
برز كاتس كزعيم مستقبلي يروق للإسرائيليين في استطلاعات الرأي، بداية من عرض رؤاه الإقليمية والدولية، حيث اعتبر في مقالاته على موقع "إسرائيل هيوم"، أنه لا فرصة لحل الدولتين، ويرى أن كامل الأراضي الفلسطينية حق للشعب الإسرائيلي، ومن ثم لا حق لإقامة دولة فلسطينية.
الشرق الأوسط الجديد
في عام 2017 كشف مزيداً من خططه بشأن الشرق الأوسط الجديد، الذي عرض فيه إعادة إحياء سكك حديد الحجاز التاريخية ولكن ضمن مشروع إقليمي يصب في المصالح الاقتصادية لإسرائيل، كما كرر الدعوة إلى دور عربي خليجي أكبر في ما يسمى "عملية السلام"، والارتياح الإسرائيلي لمثل هذا الدور الذي عرف في ما بعد بخطة التطبيع وتقودها الولايات المتحدة الأمريكية تحت إدارة بايدن.
عرض إقامة ميناء بحري على جزيرة اصطناعية قبالة قطاع غزة، وربط ميناء حيفا بالخليج العربي عن طريق استكمال السكك الحديدية من بيسان إلى جسر الشيخ الحسين، وإكمال السكك الحديدية في الأردن لترتبط بالسعودية.
موقفه من "طوفان الأقصى"
برز كاتس من جديد خلال الحرب الموسعة التي يقودها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، ليهدد لبنان بإعادته إلى العصر الحجري، بسبب العمليات العسكرية لحزب الله، ويعلن حرباً مقدسة إزاء قطاع غزة يعتبرها البعض قد تقود إلى أكبر عملية إبادة في التاريخ البشرية بقتل 2 مليون مواطن.
كذلك هدد قطاع غزة، وقال يسرائيل كاتس، إن إسرائيل لن تتراجع عن غزو بري مُحتمل لغزة، بسبب قضية الأسرى المحتجزين لدى فصائل المقاومة بالقطاع، فيما قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن الجيش طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ضرورة التوغل البري، حتى مع سقوط قتلى بصفوف الجيش.
جاءت تصريحات كاتس في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية، نشرت الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقال إن إسرائيل ستبذل قصارى جهدها لإعادة الرهائن، ونقلت الصحيفة عنه القول: "لكن هذا لا يمكن أن يعيق تحركاتنا، وضمن ذلك الهجوم البري إذا قررنا ذلك". كاتس أضاف أن حركة "حماس تريد ألا يدخل الجيش لتدمير بنيتها التحتية، وهذا لن يحدث"، على حد تعبيره.
وجه انتقادات لجيش الاحتلال
كذلك وفي الوقت نفسه انتقد وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إعلان عدد من طياري جيش بلاده رفض الخدمة العسكرية، معتبراً أن القرار يشجع الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، على شن هجوم عسكري على إسرائيل ويقرب خطر الحرب.
وقال كاتس، وهو من حزب "الليكود" بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في تغريدة عبر حسابه على موقع "إكس": "الطيارون الذين أعلنوا أنهم سيرفضون الخدمة في الجيش الإسرائيلي بسبب معارضة التشريع القضائي، يشجعون نصر الله على الاعتقاد بأنه إذا هاجم إسرائيل فلن تكون لديها القدرة على توجيه ضربة استباقية أو تعطيل مصادر إطلاق الصواريخ. هذا عمل خطير يقرب خطر الحرب".
قطع الكهرباء عن غزة
لجأ إلى قطع الكهرباء عن قطاع غزة، وقال وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن إسرائيل "لن تسمح بإعادة الكهرباء والماء إلى قطاع غزة، قبل إعادة الرهائن والمختطفين الذين تحتجزهم حركة حماس"، المصنفة إرهابية.
كما هدد كاتس بأن أي صاروخ سيتم إطلاقه من قطاع غزة سيواجه باغتيالات لقادة حركة حماس، وذلك في تصريحات له عام 2021.
وقال كاتس للإذاعة العبرية العامة (ريشت بيت)، إنه "مقابل أي استهداف للجنوب ستكون هناك اغتيالات لقادة حماس، وعليهم ألا يهددوا بإطلاق الصواريخ تجاه تل أبيب (وسط)، وسوف نمنعهم من الإطلاق على سديروت (جنوب) وأي مكان آخر". وأضاف: "نحن الآن مضطرون إلى اتباع سياسة أن حكم (إطلاق الصواريخ على) سديروت، كحكم (إطلاقها على) تل أبيب والقدس".
آثار الدمار الواسع في قطاع غزة بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي – رويترز
وأوضح أن هذا ما تم التوصل إليه من قبل المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، حسب المصدر ذاته. وشدد كاتس على أن السماح بإعادة إعمار قطاع غزة لن يحدث إلا بعد إعادة حركة حماس الأسرى والمفقودين الإسرائيليين المحتجزين لديها.
التقى وزيراً عربياً منذ سنوات
كذلك كانت له لقاءات مع وزراء عرب، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، حيث كان يعمل وزيراً لخارجية الاحتلال في عام 2019، التقى نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقال المحلل السياسي الإسرائيلي إيدي كوهن، إن هذا اللقاء يأتي بعد أشهر من زيارة سرية أتى فيها بن زايد إلى إسرائيل.
وكان كاتس قد كشف عبر حسابه على موقع إكس، في هذه الفترة، إنه التقى وزير خارجية دولة عربية في نيويورك، من دون أن يسميه.
أثنى على عمليات الاحتلال في غزة
لم يتوقف عن الهجوم على غزة، بل أثنى على أداء جيش الاحتلال في القطاع. وقال يسرائيل كاتس، إن "قوات بلاده لا تزال تتصرف بطريقة إنسانية أكثر مما ينبغي، ولو كان الجيش الأمريكي في مكانها، لمحا غزة من على وجه الأرض منذ زمن طويل".
ووفقاً للوزير الإسرائيلي، لا تزال إسرائيل غير مهتمة بتنظيم حصار غذائي على غزة، وتحث سلطات بلاده المدنيين على التوجه إلى جنوب القطاع الفلسطيني، حيث يزعم الوزير الإسرائيلي، أنهم سيحصلون على الماء والغذاء والدواء.
وأضاف: "أؤكد مرة أخرى: نحن شعب إنساني. نحن الجيش الأكثر أخلاقية في العالم. هناك العديد من الدول التي كانت ستمحو الدولة المجاورة بعد مثل هذه الأحداث. لو وقع مثل هذا الهجوم من جانب المكسيك على تكساس في الولايات المتحدة، كانت هذه الأخيرة ستمحو المكسيك من على وجه الأرض".
استطلاعات الرأي ترجح كفته
حسب استطلاعات للرأي في إسرائيل نقلتها صحيفة "Times of israeil"، فإن نهاية رئيس الوزراء صاحب المدة الأطول في تاريخ البلاد بنيامين نتنياهو أصبح مصيره على المحك، حيث من المتوقع أن يواجه السجن أو في أقل تقدير عزله سياسياً بعد الفشل الاستراتيجي في توقع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الذي شنته حركة حماس ليعيد نكسة أكتوبر منذ 50 عاماً ويضعها في أزمة وجودية.
الصحيفة ومحللو الرأي وضعوا يسرائيل كاتس، وزير الطاقة الإسرائيلي، في مقدمة المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء خلال الفترة المقبلة، الرجل الذي شن مع نتنياهو في العشرية الأولى من القرن الحالي، حرباً سياسية على سابقهم شارون بسبب قطاع غزة وصديقه الشخصي أصبح منافسه اللدود لقيادة مستقبل إسرائيل.