لا تدخر المقاومة في قطاع غزة جهدا لتطوير منظومة الأسلحة لديها، رغم شح الإمكانات، وصعوبة الحصول على المواد الأولية اللازمة، بفعل إطباق الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ ما يزيد على الـ17 عاما.
دفعت هذه الأوضاع المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، إلى البحث عن سبل بديلة، تغني عن جلب الأسلحة من الخارج، بسبب صعوبة الحصول عليها، ومن هنا جاءت فكرة إعادة تدوير المخلفات الحربية للاحتلال.
كيف تجري عمليات التدوير؟
شكلت "الكتائب" وحدة خاصة تقوم بانتشال القذائف والقنابل الكبيرة التي كان الاحتلال قد أطلقها على أهداف في قطاع غزة ولم تنفجر، ليقوم متخصصون بدراستها جيدا والبحث في كيفية الاستفادة منها، وذلك بعد تحييد خطرها، ذلك أن هذه القذائف تحتوي عادة على مواد شديدة الخطورة، وتحتاج إلى خبرة كبيرة للتعامل معها.
وأطلقت كتائب القسام قبل ثلاث سنوات مشروعا تحت اسم "قصد السبيل" لإعادة تدوير القذائف التي يلقيها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة ولم تنفجر.
ويهدف المشروع إلى تحييد مخاطر كميات كبيرة من قذائف الاحتلال التي سقطت على قطاع غزة، ولم تنفجر، وإعادة تدويرها وإدخالها ضمن منظومة تصنيع السلاح لدى المقاومة.
وشملت مراحل المشروع دراسة الهياكل وتحليل المواد، ومرحلة استخراج المواد المتفجرة، ومرحلة القص والتسنين للرؤوس والمحركات، وصب المواد المتفجرة، وتركيب الرؤوس المتفجرة على المحركات، وإمداد الميدان بالصواريخ وإطلاقها باتجاه أهدافها.
"طريقتان للاستفادة"
الأولى: استخدام المواد المتفجرة لإنتاج الصواريخ والقذائف التي يجري تصنيعها محليا، حيث يتم حشو الرؤوس المتفجرة لهذه القذائف والصواريخ بالمواد المتفجرة التي جرى استخراجها من قنابل وقذائف الاحتلال، وعادة ما تكون هذه المواد شديدة الانفجار، وذات فعالية عالية.
ثانيا: تجري الاستفادة من الجسم الحديدي للقذائف بحيث تتم إعادة صهرها وسكبها مرة أخرى لتصبح قذائف جديدة يمكن استخدامها من قبل أسلحة المدفعية التابعة للمقاومة، وتبرز عمليات التدوير جليا في إعادة إنتاج قذائف الهاون، إذ تجري صناعة قذاف جديدة بأعيرة مختلفة، لتصبح بعد ذلك قذائف يمكن استخدامها بكفاءة في عمليات الرماية ضد مواقع و تمركزات الاحتلال، وفق مصدر مطلع تحدث لـ"عربي21".
ولا يقتصر الأمر على القذائف أو الصواريخ التي لم تنفجر، بل تبحث هذه الوحدة في ما يمكن استغلاله لتصنيع الأسلحة، فعلى سبيل المثال، عثرت فرق تابعة لكتائب القسام خلال السنوات القليلة الماضية على خط حديدي للمياه يبلغ طوله عدة كيلومترات، كان قد زرعه الاحتلال خلال فترة احتلاله لغزة، بهدف سرقة المياه الجوفية للقطاع.
قامت "الكتائب" بتفكيك هذا الخط، وجرى استخدام الكم الكبير من الأنابيب في إعادة إنتاج الصواريخ بعد أن تأكدت أن هذه الأنابيب كانت ذات جودة عالية، ومطابقة للمواصفات.
وفي مثال آخر على عمليات التدوير، أعلنت كتائب القسام قبل ثلاث سنوات تقريبا، أنها عثرت على مئات القذائف داخل بقايا سفينتين حربيتين بريطانيتين غارقتين في عمق البحر المتوسط قبالة سواحل القطاع الفلسطيني.
وقال قيادي في "القسام" لبرنامج ما خفي أعظم مؤخرا، إن "أفراد سلاح الهندسة لديهم، قاموا بإعادة تدوير القذاف، وفحصها وإجراء تجارب على فعاليتها على سقف إسمنتي مسلح بسمك 40 سم، وكانت النتيجة تدمير الهدف بالكامل".
وخلال الحرب الحالية على قطاع غزة، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، عن تمكن مقاتليها من تدمير 5 دبابات إسرائيلية وقتل وإصابة جميع أفرادها بعد إعادة استخدام صاروخين يزنان طنـين أطلقهما الاحتلال باتجاه بيوت المدنيين ولم ينفجرا.
وأضافت "القسام" أن مقاتليها قاموا قبل أيام بزرع الصواريخ في طريق تقدم آليات الاحتلال في جباليا البلد وفور وصول الآليات للمكان تم تفجير الصواريخ.
وكشفت القسام مؤخرا أن نتائج مشروع "قصد السبيل" كانت مضاعفة القوة الصاروخية لـ"الكتائب" وقد حققت إدامة النيران واستخدمت هذه الصواريخ لأول مرة في عام 2018، عندما ضربت "القسام" المواقع العسكرية للاحتلال في عسقلان بعشرات الصواريخ.