ينادي عدد من المسؤولين الإسرائيليين السابقين، الذين لهم رأي مسموع في الأوساط الإسرائيلية، بضرورة تغليب إسرائيل قضية الأسرى والمحتجزين لدى حركة حماس على الاجتياح البري لقطاع غزة، في هذه الفترة، حتى لو كان الثمن تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين و"قتلهم لاحقاً"، كما يقترح بعضهم.
وقال الرئيس الأسبق لهيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال دان حالوتس، في حديث لإذاعة الجيش صباح اليوم الخميس، إنه يجب إعطاء الأولوية للأسرى، حتى لو كان الثمن باهظاً.
وأضاف حالوتس: "لدينا 220 إسرائيلياً محتجزاً في غزة ولا يمكن أن نهملهم"، مضيفاً أنه في حالة الاجتياح البري، فإنّ "جزءاً منهم قد لا يعود".
وحول المماطلة الإسرائيلية بشأن العملية البرية، قال: "ثمة ثمن لذلك، ولكن قيمة 220 مخطوفاً تساوي أكثر، وهي أهم. يمكن القيام بعمليات تشكّل خطراً أقل، وإخضاع حماس بقدر المستطاع لأنها حركة متعددة الأذرع ولا يمكن القضاء عليها تماماً. وأنا أفضّل، بدلاً من المخاطرة بجنودنا في أمر لا نعلم كيف ستكون نتائجه، الاستمرار في عمليات السحق والتدمير من الجو".
وأضاف: "في حال رأينا لاحقاً أنه لا خيار آخر، عندها يمكن تفعيل القوات (البرية). وجود القوات جاهزة لا يعني أنه يجب استخدامها الآن. لا توجد عدالة اجتماعية في الحروب. يجرى استخدام أكثر شيء مناسب لتحقيق الأهداف التي وضعت. نحن باقون هنا ولن نرحل إلى أي مكان. لذلك يمكننا التحكم بالتوقيت. ولكن أنا أضع قضية المخطوفين في أعلى سلم الأولويات. وكل ثمن ندفعه يستحق ذلك برأيي".
وفي رده على سؤال عم إذا كان يجب التفكير في إطلاق سراح جميع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي مقابل الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، قال: "نعم الأمر يستحق ذلك. نطلق سراحهم ثم نقتلهم لاحقاً".
وطالب حالوتس بمحاسبة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حتى في ظل الحرب، متهماً إياه بأنه منْ تسبّب في وصول إسرائيل إلى هذا الوضع، مشيراً إلى "أنه لا يثق به (نتنياهو) ولكنه يثق بالجيش".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، اليوم الخميس، في مؤتمر صحافي دوري، إنّ عدد الأشخاص المؤكد احتجازهم في غزة 224، مضيفاً أنّ عدد الجنود القتلى في صفوف الجيش ارتفع إلى 309.
إسرائيل خانت مواطنيها وجنودها
بدوره، يتخذ رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) الأسبق تمير باردو، موقفاً مشابهاً. وقال، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية مساء أمس الأربعاء، إنّ على الحكومة أن تعطي الأولوية لإطلاق سراح المختطفين والأسرى في قطاع غزة.
وقال باردو إنّ "الأمر الأهم في نظري إعادة المختطفين. دولة إسرائيل خانت مواطنيها وجنودها وتخلّت عنهم وجرى اختطافهم". وأضاف أنّ عدم اهتمام الدولة بإعادة الأشخاص الذين وقعوا في الأسر "بسبب خطئها المباشر"، سيشكّل ذنباً لا يغتفر أبداً، بحسب تعبيره.
وتابع باردو حول إعطاء الأولوية للأسرى: "أعتقد أنّ الثمن الذي سنضطر لدفعه في نهاية المطاف مع هذا العدد من المخطوفين واضح جداً (..) وحتى لو بقي عدد محدود من المختطفين، الثلث أو الربع أو الثمن، بعد خوض عملية قتالية، فسنضطر (لاحقاً) إلى الدخول في مفاوضات صعبة للغاية".
ويرى باردو أنّ الأولوية الثانية يجب أن تكون لإعادة سكان ما يُسمى "غلاف غزة"، من الإسرائيليين الذين تركوا منازلهم منذ بداية الحرب.
وأشار باردو في الوقت نفسه إلى أنّ هذا لا يعني وقوف إسرائيل مكتوفة الأيدي، قائلاً: "إدارة عملية استعادة المختطفين لا تمنع أي نشاطات من أي نوع. نحن نقصف القطاع منذ 19 يوماً ولا نجلس مكتوفي الأيدي، نحن في معركة مستمرة متعددة العناصر".
وإذ شدد على أهمية استعادة جميع الأسرى وليس من يحملون جنسية مزدوجة فقط، قال: "ممنوع أن نصل إلى وضع يُترك فيه المختطفون الذين لديهم جنسية إسرائيلية فقط هناك، في حين يعود من لديهم جنسية مزدوجة إلى بيوتهم. هذا سيكون بمثابة كارثة كبيرة لثقة الجمهور الإسرائيلي".
إسرائيل على مفترق طرق صعب
من جهته، اعتبر محلل شؤون الأمن القومي في صحيفة يديعوت أحرونوت رونين بارغمان، في مقال تحليلي نشره اليوم الخميس، أنّ إسرائيل توجد على مفترق طرق صعب، فإما استعادة جميع المخطوفين أو القضاء على حماس، وليس كلاهما.
وأوضح أن ثمة طريقين أمام إسرائيل وأن كليهما قاسٍ: "صفقة تنقذ الأسرى والرهائن، أو عملية برية انتقامية في غزة تحقق الأهداف العسكرية للحرب"، مضيفاً أنه "لا يمكن تحقيقهما معاً. سيتوجب على المستوى السياسي أن يقرر وجهته في أسرع وقت، قبل أن ينفد الوقت وأن يملي الواقع الطريق. هناك خياران وخياران فقط. إما هذا وإما ذاك ولا يوجد حل وسط".
وأوضح أنه في حال اختيار الأسرى، فإن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً، فإن كانت أطلقت سراح 1027 أسيراً مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط، فيمكن تصوّر ما ستطلبه حركة حماس مقابل أكثر من 200 محتجز.
وصفقة شاليط، أو صفقة "وفاء الأحرار" بحسب التسمية الفلسطينية، هي صفقة تبادل للأسرى جرت عام 2011 بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي.
أما الخيار الثاني، برأي بارغمان، فهو أن تطلق إسرائيل عشرات آلاف الجنود، معظمهم من جنود الاحتياط، في عملية برية، وهم جزء من 360 ألف جندي مدججين بالسلاح جرى تجنيدهم ويوجدون اليوم في الجنوب (محيط غزة) وعلى الحدود الشمالية (عند الحدود اللبنانية الجنوبية).
ويرى الكاتب أنه إذا كان على إسرائيل أن تدفع الثمن، فإنها ستطالب بترحيل الأسرى المفرج عنهم من سجونها إلى دولة ثالثة، وليس إلى غزة، مضيفاً أن "هذا الإجراء سيستغرق أشهراً. في ذلك الوقت، سينفد الدعم الدولي وسيُطلب من إسرائيل وقف النار في غزة".