شهدت جبهة الجنوب فصلاً جديداً من القصف المدفعي والصاروخي المتبادل بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي من دون أن تتوسع هذه المواجهات أو تخرج عن السيطرة. وقد عمدت قوات الاحتلال على استهداف محيط السياج الشائك في وادي هونين مقابل بلدة حولا، واستخدمت القذائف الفوسفورية في القصف على خراج بلدتي حولا وميس الجبل. ودوّت صفارات الإنذار في مقر قوات “اليونيفيل” في الناقورة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه “استهدف بنى تحتية عسكرية لحزب الله و3 عناصر للحزب في جنوب لبنان بمسيّرة”، في وقت أفادت وسائل إعلام إسرائيلية “بأن قوات الجيش طاردت شخصاً تسلل وأطلق النار عند بلدة مارغليوت على الحدود مع لبنان”.
وكان حزب الله أطلق صاروخاً مضاداً للدروع من الأراضي اللبنانية باتجاه موقع المنارة التابع لقوات الاحتلال، كما استهداف موقع العاصي ومستعمرة يفتاح مقابل بليدا، وهاجم موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا وموقع السماقة والرمثة والرادار وزبدين وبركة ريشا بصواريخ موجهة.
وعلى الإثر، دارت اشتباكات عنيفة في محيط كفرشوبا وطاول القصف أطراف ميس الجبل وخلة هونين وأطراف بلدة شبعا ومزرعة بسطرة ويارون وتلة العويضة. وسمعت صفارات الإنذار في مستوطنات شمال فلسطين المحتلة، وتحدث الإعلام العبري عن إطلاق أكثر من 25 قذيفة هاون في اتجاه موقعين للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا.
وتأتي هذه المواجهات في وقت اتخذ الجيش اللبناني إجراءات احترازية لمنع التجمعات بعد صلاة الجمعة على الحدود حفاظاً على أمن المتظاهرين من الاعتداءات الإسرائيلية.
وكان جيش الاحتلال لفت إلى إخلاء بلدة كريات شمونة بما يسمح بتوسيع عملياتنا ضد حزب الله، واعتبر “أن الصواريخ التي أطلقت من لبنان على إسرائيل هي لحزب الله رغم إعلان حماس مسؤوليتها”.
إلى ذلك، وبعد نجاح الجيش اللبناني في إخلاء عدد من المدنيين بينهم 6 صحافيين من أحد الأماكن التي كانت تحاصرها القوات الإسرائيلية وتطلق النار في اتجاهها ما أدى إلى مقتل أحد المواطنين، صدر عن العلاقات الإعلامية في حزب الله البيان التالي: “يواصل العدو الصهيوني سياسته الإجرامية في الاعتداء على المدنيين والصحافيين الذين يعملون في منطقة الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. إن العلاقات الإعلامية في حزب الله تدين بشدة الجريمة الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال قرب موقع العباد ضد الإعلاميين والتي أدت إلى استشهاد أحد المدنيين، وتعتبر أن هذا العدوان هو استكمال لجرائمه السابقة ضد الإعلاميين في لبنان وفلسطين بهدف منعهم من نقل الحقيقة وتغطية وتوثيق جرائمه الوحشية ضد المدنيين والأبرياء”. وأضاف “إننا إذ نطالب كل المؤسسات الإعلامية والنقابات والجمعيات المهنية والإنسانية بإدانة هذه الجرائم نؤكد مجدداً أن قتل المدنيين والاعتداء على أمن بلدنا لن يمر دون رد أو عقاب.”
ونظراً للتطورات الأمنية، تلقت شركة طيران الشرق الأوسط “الميدل إيست” إشارة بإلغاء التأمين، وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت “أننا تلقينا إشارة إلغاء التأمين ويسري مفعولها يوم الأحد، وسمحت لنا شركات التأمين سمحت بتسيير رحلات مع خفض التأمين بقيمة 80%”. وأكد الحوت أنه “لا توجد لدينا معلومات حول استهداف المطار وكل المعطيات التي وصلتنا تؤكد أن التصعيد جنوباً سيبقى ضمن قواعد الاشتباك”، لافتاً إلى “أننا سنصدر جدول رحلات ديناميكي لكي نؤمن أغلبية المسافرين للوصول إلى وجهاتهم”. أما وزير الأشغال والنقل علي حمية فكتب عبر منصة اكس: “مطار رفيق الحريري الدولي بيروت يستمر بأداء دوره ومهامه المنوطة به”.
وفي المواقف، أعلن عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن “كل طلقة وصاروخ وقذيفة تطلقها المقاومة في الجنوب، هي للدفاع عن لبنان أولاً، وكل من يدافع عن غزة في المنطقة إنما يدافع عن نفسه، لأن الكل في دائرة الاستهداف، وحزب الله علناً دون أي تردد وأي تأخير في الموقع المتقدم في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب حماية لأهلنا ونصرة لغزة، ولن نعبأ بكل التهديدات الأمريكية وغيرها، لأن الأمريكيين يجب أن يعلموا أنه عندما يهددون المقاومة في لبنان، فإنهم يخطئون بالعنوان، لأنه ليس في قاموس المقاومة في لبنان شيء اسمه تهديدات، فنحن أهل الميدان والتاريخ يشهد أننا صناع هذا الانتصار”. واعتبر أن “أمريكا هي رأس الإرهاب والمسؤولة عن كل المجازر والمذابح في فلسطين، لا سيما وأنها أطلقت يد نتنياهو لارتكاب المجازر التي يراهنون أنها تصنع هزيمة، ولكن في زمن المقاومة، فإن المجازر تؤجج روح المقاومة على امتداد الأمة من أقصاها إلى أقصاها”، مستغرباً “كيف أن بعد كل المجازر الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، لا يزال العلم الإسرائيلي يرفرف في المنامة وأبو ظبي والقاهرة وعمان ومراكش والرباط وغيرها من الدول العربية، ولا يزال هناك تعاون عسكري وأمني بين العدو الإسرائيلي ودول التطبيع في الخليج حتى اليوم، وهذا أشد إيلاماً على الشعب الفلسطيني من المجازر”.
وفي إطار التحركات للحد من التوتر في الجنوب، زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك نظيرها اللبناني عبد الله بوحبيب، الذي أوضح أنه “جرى الاتفاق أثناء الاجتماع أن حل الدولتين هو المدخل لمعالجة أسباب النزاع الحقيقي في غزة”. وقال: “نعوّل على تأثير ألمانيا في أوروبا والعالم وما خبرته من ويلات الحرب لوقف فوري لإطلاق النار والسماح لقوافل الاغاثة بدخول القطاع”، محذراً “من تداعيات هذا الصراع ليس فقط على أمن منطقتنا بل أيضاً على أمن أوروبا خصوصاً والعالم عموماً”.
ولاحقاً، توجهت بيربوك إلى السراي حيث كان في استقبالها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي أكد “أننا نبذل كل جهدنا لعودة الهدوء إلى الجنوب”، داعياً “إلى ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان ووقف إطلاق النار في غزة”.
بدورها، نبّهت الوزيرة الألمانية “إلى ضرورة تلافي الحسابات الخاطئة وإبقاء لبنان في منأى عن الصراع قدر المستطاع”.
وعصراً تلقى الرئيس ميقاتي اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وتم البحث في الأوضاع المستجدة.