أكتب هذه السطور في السابعة صباحا إلا خمس دقائق ، بعد 27 ودقيقة من بدء انطلاق موجات متلاحقة من الصواريخ من كل أنحاء غزة على مستوطنات الغلاف وتل أبيب . الصواريخ توالي انطلاقها صانعة نجوما ومخلفة خطوط دخان تتجه غربا نحو البحر تحت سماء غزية غائمة تبشر بمطر . هل قررت المقاومة معاقبة إسرائيل على اقتحامات المسجد الأقصى التي اشتدت وعنفت في الأعياد اليهودية ، وشتم فيها المستوطنون النبي محمدا _ صلى الله عليه وسلم _ وعلى جرائمها في الضفة والقدس ؟! في الأخبار المتلاحقة أن جنودا من المقاومة اقتحموا مواقع إسرائيلية في ناحال عوز ، وأن مسيرات لها اتجهت شرقا صوب الأرض المحتلة . الصواريخ تواصل انطلاقها ، وحديث عن تعطيل المقاومة فنيا للقبة الحديدية . كل تطور عاصف عنيف هائل متوقع . إنها الحرب الجديدة المفاجئة بين غزة وإسرائيل . وشيكا سترد إسرائيل ردا جويا كاسحا انتقاميا .
ماذا فعل مستوطنو الغلاف وسواهم من المستوطنين حتى تل أبيب ؟! ستأتينا الأخبار بما نتوقعه وما لا نتوقعه من أخبار هلعهم وعويلهم وفرارهم . هل فوجئت إسرائيل ببدء مقاومة غزة للحرب ؟! إن كانت فوجئت فهذا انتصار لقدرة المقاومة على الكتمان ، وهزيمة لعيون إسرائيل وآذانها . ما أشق أن تكتب مسرعا عن أحداث تتفجر حولك نارا عاصفة ودويا . كم يوما ستدوم ويلات الحرب التي انفجرت السبت ، صباح السابع من أكتوبر ؟! كم شهيدا وجريحا سيكونون في غزة ؟! وكم بيتا وبرجا ومؤسسة ومدرسة وشارعا ستدمر ؟! الصواريخ توالي انطلاقها في وتيرة أقل . في الأخبار أن المقاومة أطلقت حتى اللحظة 5000 صاروخ . قدر الشعب الفلسطيني الحروب المتواصلة والشهداء والدماء مع مغتصبي وطنه ، ومحاربي حقه في الحياة الآمنة مثل بقية البشر .
يريدون أخذ كل شيء على هذه الأرض ، ويحرموننا من كل شيء . حتى اللحظة لم يبدأ انتقامهم . في الأخبار أن جنود المقاومة دخلوا موقع أبي صفية العسكري شمالي غزة ، وفيها أن جنود المقاومة خطفوا عددا من جنود العدو شرقي خانيونس . ويقول مراسل إذاعة جيش الاحتلال إن الهجوم الصاروخي اليوم مفاجىء وغير مسبوق في طريقته . في خبر مفاجىء أن جنودا لحماس دخلوا إحدى المستوطنات ، وسمعنا صرخة باكية لمستوطن يقول : ” حماس دخلت ! ” ، وشوهدت سيارة في المستوطنة تحمل جنودا من حماس . إسرائيل تتحدث عن صدمة تشبه صدمة حرب أكتوبر . هل أرادت المقاوم صنع صدمة مشابهة لإسرائيل ؟! إسرائيل مصدومة مفجوءة . مستوطنات يصرخن مرتاعات : ” مخربون ! مخربون ! ” . لن يكون ما بعد اليوم مشابها لما سبقه .
مهما انتقمت إسرائيل فلن تشفى من صدمتها الصاعقة ، ومهما قاسى الفلسطينيون من عنف انتقامها فلن يفقدوا زهوهم بصدمتها وثقتهم في ذاتهم . صدقت المقاومة حين تحدثت عن قدرتها على مفاجأة إسرائيل . فاجأتها هذا الصباح . سيأكل الإسرائيليون لحم بعضهم بعضا في خلافات واتهامات ، وقد ينهار ائتلاف المجانين الشيطاني الحاكم ، وتهوي إسرائيل في دوامات صراعات لا تنتهي . حلف المقاومة في لبنان وسوريا وإيران واليمن سيرفع رأسه شامخا واثقا ، وقد تتطور الحرب الحالية إلى حرب شاملة بين هذا الحلف وبين إسرائيل التي ستساندها أميركا والمطبعون العرب . هذه حرب قد تكون صورة ثانية للحرب بين روسيا وأوكرانيا ، وكثير من الحروب تبدأ بطرفين ، وتتسع آليا بدخول أطراف جديدة لم تكن لها نية دخولها قبل بدئها . ومهما سيحدث هذه حرب لنا لا علينا .
كاتب فلسطيني
