نظم جهاز الأمن الوقائي، تحت رعاية الرئيس محمود عباس، اليوم الإثنين، حفل تأبين لمساعد مدير عام جهاز الأمن الوقائي المناضل اللواء سعيد العطاري، في ذكرى مرور 40 يوما على رحيله.
وحضر التأبين الذي نُظم بمقر جمعية الهلال الأحمر بمدينة البيرة، عدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح"، والمجلس الثوري للحركة، وعدد من الوزراء، وقادة الأجهزة الأمنية وممثليها، والفصائل الوطنية، وسفير جمهورية مصر لدى دولة فلسطين ايهاب سليمان، وعائلة الفقيد وأقاربه.
ونقلت محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام في كلمة نيابة عن الرئيس محمود عباس تحيات سيادته، مشيدة بمناقب الفقيد ومواقفه الوطنية خلال السنوات الطويلة دفاعا عن شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ومسيرته الحافلة بالعطاء، والعمل النضالي الطويل، في مختلف المواقع والمهام الوطنية التي تقلدها.
بدوره، قال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، "إن هذا الفارس ترجل قبل فوات الأوان، في مرحلة تعد من أدق المراحل في مسيرتنا النضالية الطويلة، والتي انتمى إليها سعيد في ريعان شبابه، لأن فلسطين كانت تسكن عقله وقلبه".
وأضاف، أن الراحل كان منخرطا في العمل الوطني، وبدايته في العمل التنظيمي والعسكري في حركة "فتح" كانت في الانتفاضة الأولى، ولعب دورا في تشكيل خلايا "الفهد الأسود" في جنين، وكان قائدًا من قادته.
وأوضح أن الراحل شكل حالة استثنائية، فقد عرفته مبكرًا أخًا عزيزًا في النضال، وعملنا معًا في إطار حركة "فتح"، وكان من الذين شاركوا في تأسيس جهاز الأمن الوقائي، الذي يعتبر أحد أبرز الأجهزة الأمنية لمؤسسات دولتنا القادمة.
وتابع: كان حظه ميسورًا عندما رافقته زوجته خلود وهي ابنة بلدة عرابة في النضال قبل الزواج، واستمر بعد الزواج على الطريق ذاته، مشيرا إلى أن الراحل سقط شهيدًا وهو متجه إلى روسيا في مهمة رسمية، وبقي مترجلا في أنحاء الوطن لبناء لبنات دولتنا، التي تعمل على تجسيدها رغم كل المحاولات المسمومة التي يقوم بها أعداء شعبنا.
وأكد أننا سنبقى على الدرب نفسه الذي انتهجه سعيد، حتى يرفع شبل وزهرة من أبنائنا علم فلسطين في مآذن القدس وأسوارها وكنائسها".
من جانبه، قال مساعد مدير عام "الوقائي" العميد عكرمة ثابت "نجتمع اليوم في هذه المناسبة الحزينة على قلوبنا، ومسامعنا، في تأبين فقيدنا، وفقيد أمتنا وشعبنا، حيث شكل رحيله المفاجئ صدمة قاسية لكل من عرفه، وهو خسارة كبيرة لشعبنا الفلسطيني، ولجهاز الأمن الوقائي، والمؤسسة الأمنية، فقد أفنى حياته مناضلًا، ومكافحًا، وقائدًا للعمل الوطني منذ نعومة أظفاره، وفي ريعان شبابه.
ولفت الى أن كل الساحات تشهد لسعيد بعطائه وتضحياته في خدمة شعبه وقضيته، واستمر في اكمال مسيرته الحافلة بالإنجازات، ولم تثنه الصعاب والعقبات عن أداء مهامه وتقديمه الغالي والنفيس في خدمة وطنه وشعبه الى أن توفاه الله وهو على رأس عمله واقفا شامخا.
وتابع: نعاهد الراحل أن نبقى أوفياء لنهجه وسيرته، ونعاهد قيادتنا السياسية والأمنية أن نظل الأوفياء المخلصين، وأن نبقى السد والحصن المنيع في حماية مشروعنا الوطني، وإنفاذ القانون ومحاربة الفوضى والفلتان، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار لشعبنا.
بدوره، ألقى أمين عام الاتحاد العام لجرحى فلسطين "فجر" جمال الشاتي كلمة فعاليات محافظة جنين، وقال "إن فراق الصديق صعب ويحزن القلب، فما بالنا حينما يكون الفقيد ابن مرحلة نفخر ونعتز بها، وابن مدرسة تخرج منها خيرة منضالينا وعيًا وصلابة".
وأضاف: رحل أبو فارس بعد مسيرة نضالية شكل خلالها نموذجًا وطنيًا في الإيثار والتضحية، والديمومة في الدفاع عن شعبنا في حقوقه الوطنية.
وأكد الشاتي أن الراحل كان مناضلا فتحاويًا وطنيًا، وعنيدًا، وغيورًا على حركته، وقضيته ومصلحة أبناء شعبه، خاض جميع مراحل النضال في الانتفاضة الأولى، من الملاحقة، والمطاردة، والاعتقال، والتنكيل به، الى دوره المتميز بين مجموعات الفهد الأسود، وكان من الأوائل الذين استجابوا لفكرة وجود لجان الشبيبة، وكادرًا هادئًا وفاعلا في كل المهمات.
وأضاف: كان أحد فرسان حركة الشبيبة التي انتشرت في ثمانينات القرن الماضي بالجامعات والكليات والمعاهد والثانويات، والمؤسسات النقابية، وقد حمل الفكرة بوعي واضح، وصان الأمانة بكل اخلاص، وكان ابنًا بارا لفتح والشبيبة في كل المراحل، لم يتقاعس يومًا عن أداء مهامه وواجباته.
وتابع: كان خفيف الظل، أينما تواجد ولا يثقل على أحد، بشوشًا كتوما، حريصا على انجاز مهامه، مرنًا في الآراء والمواقف، وصلبًا عند المنعطفات، كان يجيد التحرك الهادئ دون زوبعة أو ضجيج.
وفي كلمة فارس نجل الراحل العطاري، قال "أربعون يومًا مضت من حدائق بيتنا ومن حقيقتنا، ونحن على ذكراك وبذاكرتك، نعيد كل يومًا صحونا على وجودك الذي كان، ونرتب عمرنا كما أردت لنا أن نكون بالقدر والقدرة على الحياة.
وأضاف "أربعين يومًا يا والدي ونحن ننتظر حضورك المتأخر، والباكر، والمقيم كي تخبرنا عن جديد البلاد والعباد، عن الحياة التي كنا نعد لها سويًا كي نعلن الفرح في بيتنا هناك، حيث استرحت تحت ظل فيئه، وقرب أشجار كنت تعهدها كي تصير لك ولأمي ولنا، كي تستريح أحلامنا وآمالنا وتكبر عرائش الحب في حياتنا".
وأكد نجل المناضل أن ما يخفف وطأة الحزن أنه ترك إرثًا كبيرًا كثيرا من المحبين الأنقياء، والاتقياء البسطاء الذين يلحون بالدعاء والثناء له، فكان نعم الأب، والأخ، والصديق، ونعم الوفي لشعبه، وللبلاد التي أحببتها وأحبته.
والراحل سعيد فارس محمد عطاري (أبو فارس)، وُلد في بلدة عرابة جنوب جنين في 21/3/1964.
التحق عام 1979 خلال دراسته الثانوية بحركة "فتح"، وكان قائدا للحركة الطلابية بالمدرسة ومن مؤسسي شبيبة المدارس في المنطقة.
كان قائدا فاعلا وأحد أعضاء الهيئة الإدارية العليا لحركة الشبيبة الطلابية الذراع الطلابي لحركة "فتح" في جامعة النجاح الوطنية.
تأخر في إكمال دراسته الجامعية حتى أوائل التسعينيات بسبب الأحداث القائمة في ذلك الوقت من الانتفاضة الأولى والسجن لأكثر من مرة، إذ وصلت مجموع سنوات أسره منذ الثانوية العامة حتى تخرجه في الجامعة إلى 6 سنوات.
كان لسنوات طويلة من أبرز كوادر حركة "فتح" في محافظة جنين، وتبوأ عدة مناصب في الحركة.
عمل في جهاز الأمن الوقائي منذ تأسيسه عام 1993 وشغل عدة مناصب قيادية فيه.
وكان آخر منصب له مساعد مدير عام الجهاز حتى وفاته.