شارك العشرات من المواطنين، اليوم الثلاثاء، في الاعتصام الأسبوعي الذي ينظم في مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة البيرة، إسنادًا للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وخُصص الاعتصام للمطالبة بالإفراج عن الأسرى المرضى الذين يواجهون الإهمال الطبي المتعمد، ولدعم الخطوات الاحتجاجية التي شرع بها المعتقلون الإداريون في سجون الاحتلال، ردًّا على سياسة الاعتقال الإداري.
ويخوض ثمانية أسرى في سجون الاحتلال إضرابهم المفتوح عن الطعام، رفضاً لاستمرار اعتقالهم الإداري.
ورفع المشاركون في الاعتصام صور العشرات من الأسرى، ويافطات تندد بانتهاكات الاحتلال بحق الحركة الأسيرة، ورددوا هتافات تنادي بحريتهم.
وقال رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين أمين شومان، إن مختلف معتقلات الاحتلال باتت تشهد في الآونة الأخيرة هجمة استفزازية تعسفية غير مسبوقة من إدارة السجون، تشمل اقتحامات للسجون والأقسام ونقل الأسرى ومصادرة حاجياتهم والتنكيل بهم.
وأكد أن ذلك يتم بتوجيه من المستوى السياسي الإسرائيلي، الذي يتزعمه اليمين المتطرف وعلى رأسهم الوزير إيتمار بن غفير الذي لم يتوانَ عن محاولات النيل من الحركة الأسيرة وامتهان كرامتها والاعتداء على حقوقها، بعد توجهه إلى سجني عوفر والنقب.
وشدد شومان على أن الأسرى الإداريين، الذين يفوق عددهم 1200، يعانون أوضاعاً صعبة جراء تمديد اعتقالهم بشكل ظالم ضمن محاكم صورية، واستناداً إلى ملفات توصف بالسرية، ما دفع عددا منهم إلى إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام، للتأكيد على حقهم في الانعتاق من هذا الشكل من الاعتقال التعسفي، الذي يجدد لهم في محاكم صورية وملفات سرية.
وتطرّق كذلك إلى الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، وفي مقدمتهم الأسير المفكر وليد دقة والشاب عاصف الرفاعي المصابان بالسرطان، وسائر المعتقلين من ذوي الأمراض الصعبة والمستعصية والمزمنة.
وأضاف شومان: "نحن على أعتاب مرحلة جديدة من هذه الإجراءات التعسفية التي تذهب بها هذه الحكومة اليمينية المطرفة بعيدا من أجل التنكيل بالأسرى داخل سجون الاحتلال".
وفي كلمته، طالب نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" صبري صيدم، بالمواظبة على المشاركة في الفعاليات المساندة للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، للتأكيد على مسيرة الوفاء والعزم والإرادة.
وقال: "ندعو من خلال هذا الاعتصام عموم أبناء الشعب الفلسطيني أينما كانوا، إلى المشاركة في الفعاليات كلٌ في محافظته، لضمان تعزيز المشاركة ولإبقاء هذه القضية حية في وجدان الجميع، وللتأكيد على اللالتفاف حول هذه القضية العادلة التي تعبر عن وجدان الفلسطينيين وضميرهم، وتشخص الحالة الفلسطينية باعتبار أننا جميعاً أسرى هذا الاحتلال الظالم".
وأكد صيدم أن الاحتلال مخطئ إن ظن أنه سيقابل بالزهور كلما ازداد غيا وطغياناً، فالتاريخ يؤكد أن الشعوب إذا ما هبت فستنتصر.
وأضاف: من يعتقد أن الانقسام الفلسطيني سيعني أن الإرادة الفلسطينية ستنكسر أمام متابعة شؤوننا الوطنية والوقوف في وجه المحتل أمام هذا الغي، سيكتشف أن الجميع سيعود إلى الحاضنة الوطنية في يوم من الأيام، وأن هذا الأمر مرده الفشل".
وشدد على أن المشاركة في فعاليات إسناد الأسرى تأكيد على مسيرة الثبات والصمود، وفيها رسالة إلى المحتل بأن الشعب الفلسطيني لن ينسى أسراه ولن يتهاون في متابعة قضيتهم، ومن شأنها إبقاء هذه القضية حية في وجدان الشعب الفلسطيني وأصدقائه.
من جانبه، أكد مدير عام نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري ضرورة الوقوف خلف الأسرى المرضى، الذين لا يزالون يواصلون معركتهم بصدورهم العارية بصبر وشجاعة، ويتعرضون يوميا للتنكيل بهم من سلطات الاحتلال، ومحاولات مستمرة لثنيهم عن الاستمرار في المعركة.
وذكر أن الأسرى الإداريين لا يزالون يخوضون معركتهم عبر خطوات متواصلة، تبقيهم في ساحة اشتباك يومي مع الاحتلال.
وأضاف: "نحن ماضون ومستمرون معكم أيها الأبطال، لن ننحني ولن نستكين ولن نستسلم، ونعلم أن المعركة ربما ما زالت طويلة ولكن المطلوب منا كما هم الأسرى اليوم موحدون داخل ساحات السجون وفي قلاع الأسر، أن نتوحد كقوى ومؤسسات وفصائل وطنية، وأن نرفع وتيرة الحراك الشعبي والفعل الشعبي المناصر لأسرانا، حتى حريتهم وخلاصهم من هذا الظلم القاتل داخل المعتقلات".
وشدد الزغاري على أن الأسرى ليسوا وحدهم، وشعبنا الفلسطيني معهم، رغم كل العدوان عليه من جنين إلى الخليل إلى غزة، عبر عمليات القتل والإعدام والاغتيالات ومصادرة الأراضي، وترك العنان لقطعان المستوطنين يعيثون فسادا، وبعمليات الاعتقال المتواصلة، ليلا ونهارا، من خلال أعداد كبيرة من جنود الاحتلال المدججين بالأسلحة والكلاب البوليسية، الذين يقتحمون المنازل ويفجرون الأبواب ويعتدون على الأمهات والأطفال، معتقدين أن الشعب الفلسطيني سيهون أو يستسلم أو يرفع الراية.
وتابع أن الاحتلال يمارس الإرهاب اليومي بحق الشعب الفلسطيني وأسراه، من مستويات سياسية وقضائية وعسكرية عليا، يقتحم السجون، ويستولي على مقتنيات الأسرى، ويحاول أن يعبث باستقرارهم داخل المعتقلات، معتقدا أن الأسرى سيهونون أو يستسلمون له، ولم يدرك الاحتلال أن كل سني الظلم والقهر داخل المعتقلات، لن تثني الأسرى عن الاستمرار في أن يكونوا في ساحة الاشتباك وفي خندق المواجهة المتقدم، دفاعا عن حريتهم وكرامتهم، وكرامة أمتينا العربية والإسلامية.
بدوره، أكد مدير التوجيه السياسي والوطني لمحافظة رام الله والبيرة ناصر عياد أن الاعتصام الأسبوعي في مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر يبعث ثلاث رسائل، الأولى إلى الأسرى الأبطال الذين يمثلون ضمير الشعب الفلسطيني وشرفه، ومضمونها أن الشعب لن ينسى من ضحى لأجله ومن أجل فلسطين والأجيال القادمة، ممن يدفعون من أعمارهم ضريبة لذلك.
وذكر أن الرسالة الثانية موجهة إلى الاحتلال الإسرائيلي، وفيها تأكيد أيضاً على أن الأسرى هم ضمير الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن يفرط الشعب في أسراه أو أن يتنازل عن الالتفاف حولهم.
وتابع: "الشعب الفلسطيني اليوم يدفع ضريبة من حليب أبنائه وقوتهم بالحصار الجائر الذي يفرض عليه تحت عنوان وقف مساندة الأسرى والقيام بواجب الوطن تجاههم ورعاية احتياجات أسرهم".
أما الرسالة الثالثة حسب عياد، فهي إلى الشعب الفلسطيني وإلى فصائله وقواه الحية وإلى كل من يحمل لواء الدفاع عن الحرية وعن التحرر والاستقلال، وفيها تأكيد على أن قضية الأسرى ليست قضية موسمية، والتضامن معهم ليس منة من أحد بل هو واجب مقدس تجاه قضية مقدسة.
وأضاف: "قضية الأسرى بكل أبعادها الوطنية والإنسانية والأخلاقية تهم كل فلسطيني على هذه الأرض، وبالتالي يجب أن تبقى حية وحاضرة في كل ساحات الفعل النضالي".