تناول موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في تقرير له بعنوان “انهيار سد كاخوفكا ضربة جديدة لأمن القمح في الشرق الأوسط” تداعيات انهيار السد، وأكد أنها تتجاوز أوكرانيا وروسيا.
وقد اتهم الجيش الأوكراني وحلف شمال الأطلسي (الناتو) روسيا بتفجير السد، الذي يقع في منطقة خيرسون الخاضعة للسيطرة الروسية في جنوب أوكرانيا، بينما أنحت روسيا باللائمة على أوكرانيا. لكن الموقع أكد أن النتيجة تظل أن المياه التي كان يحتجزها السد غمرت المنازل والحقول الزراعية عبر جنوب شرق أوكرانيا بكل ما لذلك من تداعيات.
ونقل الموقع عن محللين تأكيدهم أن تداعيات انهيار السد لن تبقى حبيسة أوكرانيا التي تعد واحدة من المنتجين الكبار في العالم للمحاصيل الزراعية كالقمح والشعير، ولكن سوف تمتد إلى الشرق الأوسط.
وكنتيجة فورية لانهيار السد، ارتفعت أسعار المحاصيل الزراعية العالمية، وسجل القمح زيادة 2.4% الثلاثاء الماضي، وارتفعت الذرة بنسبة 1%، قبل أن تنخفض قليلاً بحلول يوم الخميس.
وقال فاضل الزعبي، الخبيرُ في الأمن الغذائي والطوارئ وسفير الأمم المتحدة للأغذية سابقاً بأن الفيضانات الناجمة عن السد ستعرقل بشدة قدرة خرسون على إنتاج الحبوب.
وأضاف الزعبي: “سينهي الفيضان الزراعة في المنطقة ويعرقل تربية الأسماك، ويمنع المزارعين من الوصول إلى الأراضي. بالإضافة إلى ذلك، سوف تتسرب المواد الكيميائية والتلوث إلى المياه، ونرى أنه من الممكن أن تتحرك الألغام إلى السطح وتنفجر”.
ويحسب الموقع يعتقد اقتصاديو الأمم المتحدة أن الفيضانات الناجمة عن انهيار السد سوف تؤدي إلى تدمير كامل لمحصول القمح والشعير وبذور اللفت لهذا العام في المناطق الجنوبية لأوكرانيا.
ولكن الزراعات التي زرعت في الربيع، مثل الذرة وفول الصويا دوار الشمس، يمكن أن تنجو إذا تراجعت الفيضانات.
وتم بناء السد في الحقبة السوفيتية وهو واحد من ستة سدود تقع على طول نهر دنيبرو، الذي يمتد على طول الطريق من أقصى شمال البلاد إلى البحر في الجنوب.
وتحتل روسيا الضفة اليسرى أو الجنوبية بينما تسيطر أوكرانيا على الضفة اليمنى أو الشمالية في منطقة خيرسون.
وكانت المياه المخزّنة في السد تستخدم لتزويد المزارع التي تنمو فيها الفواكه والحبوب والقمح.
ويحتوي السد على 18 كيلومترًا مكعّبًا من المياه التي استخدمت أيضًا لتشغيل محطة توليد الكهرباء الهيدروكهربائية المجاورة ومحطة الطاقة النووية زابوريجيا، حيث تقع كل منهما تحت سيطرة روسيا.
وسيتأثر سكان شبه جزيرة القرم التي تحت سيطرة روسيا، حيث يحتاج 70 ألف شخص في المنطقة الآن إلى مياه نظيفة.
وبحسب الموقع أفاد الخبير الاقتصادي الأردني حسام عايش بأن المحصول الشتوي المتضرر لا يمكن استبداله، مما يعني أن أسعار الحبوب في الشرق الأوسط قد ترتفع.
على سبيل المثال، فإن القمح هو شريان الحياة لمصر، حيث يعتمد السكان هناك البالغ عددهم 100 مليون شخص بشدة على الخبز كطعام أساسي. وفي بداية الغزو الروسي، استوردت مصر 85% من القمح من أوكرانيا وروسيا.
وتعتبر مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم. إذ استوردت 13.3 مليون طن من القمح بين يوليو/ تموز 2020 ويونيو/ حزيران 2021، بينهم 8.96 مليون طن من روسيا.
لكن هذه الأرقام انخفضت بسبب أن الحرب الروسية الأوكرانية أحدثت اضطرابًا مؤقتًا في شحنات الحبوب من البحر الأسود.
وبدلاً من ذلك، حاولت مصر اللجوء إلى صناعتها الزراعية الخاصة. فلتحفيز المزارعين على زراعة القمح هذا الموسم، رفعت الحكومة المصرية في أبريل/ نيسان سعر 150 كيلوغراما من القمح إلى ما يقرب من 1500 جنيه مصري (48.59 دولارًا أمريكيًا)، وهي زيادة بنسبة 50% تقريبًا عن العام الماضي.
ولفت الموقع إلى أن مصر شهدت تاريخيًا العديد من الانتفاضات احتجاجًا على زيادة أسعار الخبز والقمح.
وذكر أنه بينما تعتمد مصر والعديد من الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط على القمح المستورد، تعد تركيا واحدة من الدول القليلة التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي إلى حد كبير، إذ تنتج 20 مليون طن لتلبية احتياجاتها المحلية.
وقال عايش “تركيا تستورد القمح ولكن فقط لاستخدامه في المنتجات التجارية التي ستصدرها بعد ذلك … بعض تلك الواردات تأتي من روسيا وأوكرانيا، لكن الأمن الغذائي لتركيا لا يعتمد عليها”.
من جانبه، رأي الزعبي أن العام الماضي بلغ إجمالي إنتاج القمح في جميع أنحاء العالم 770 مليون طن، مشيرا إلى أن حوالي 200 مليون طن من القمح فقط يتم تداولها في السوق العالمية، والبقية تستهلك محليًا.
وكانت صادرات أوكرانيا السنوية من القمح قبل الحرب حوالي 16 مليون طن، بينما صدرت روسيا 43 مليون طن.
ورغم ذلك رجح الزعبي انخفاض الأسعار إلى مستوياتها السابقة، لافتا إلى أن انتاج الحبوب والقمح في أوكرانيا تلقى بالفعل ضربة كبيرة عندما بدأت الروسية الأوكرانية في فبراير شباط العام الماضي.
وأوضح أن حصة أوكرانيا في تصدير القمح ليست ضخمة مقارنة بالدول الأخرى.. الدول التي اعتمدت على أوكرانيا زادت مخزونها من القمح “من مصادر أخرى” هذا العام، ولا أعتقد أنه سيكون هناك طلب كبير. لذلك ستستقر الأسعار”.