حول المصائد والروايات المزورة..غسان زقطان

الإثنين 10 أبريل 2023 12:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
حول المصائد والروايات المزورة..غسان زقطان



تدحرج الشرطة الإسرائيلية رواية كاذبة مشوشة، وصف مهلهل لحادث يبدو في ظاهره خبرا محايدا تحيط به تفاصيل تقنية مأخوذة من المتداول والمألوف، تصبح الرواية في هذا المستوى مصيدة، وهي تبحث عن تأكيدها ومنحها شهودا من الفلسطينيين، الذين يتلقفونها في شكلها الخام ويمنحونها، عبر حماس وعاطفة يمكن تفهمهما، قيمة واقعية، هذا جزء من طريقة أجهزة الاحتلال في تعويم جرائم الإعدام التي ترتكبها على الحواجز أو في المواجهات مع الشبان الفلسطينيين أثناء الاقتحامات التي تشمل كل شيء في فلسطين.
المصيدة التي يتسبب فيها غالبا الارتجال والحماسة والكثير من النوايا الحسنة، ستنقل الحقائق المزورة التي بثتها منظومة الاحتلال إلى الإعلام عبر وسائل فلسطينية، وضمن قاموس فلسطيني، يؤكدها ويشوش جهد البحث عن حقيقة الجريمة المرتكبة. ستنتهي مهمة الاحتلال هنا وسيقوم فلسطينيون من هنا يدفعهم تعطشهم لتمجيد مقاومة الاحتلال، ووسائل إعلام تبحث عن حضور شعبي ونسب أعلى من المشاهدة والاستماع، ومتحدثون باسم الفصائل يحاولون توظيف الحادثة وربطها ببرامج فصائلهم وتعزيز حضورها في المشهد.
ستغرق مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها بالتمجيد والرثاء والمديح والألم والاقتباسات، وستصدر بيانات المباركة وديباجات الإنشاء البلاغية المكررة التي تمجد الشعب وصموده ومقاومته، وسيظهر المتحدثون المتأهبون بقيافتهم الكاملة محاطين برايات الفصائل على شاشات الفضائيات بخطاباتهم الممجوجة في معظمها، وبلاغتهم المنفرة ووصاياهم للشعب والتحدث باسمه وعنه، و"تحليلاتهم" التي تحاول جر كل شيء إلى الإيمان بصوابية نهج الفصيل، ولن يخلو الأمر من إشارات للوحدة واستعراض الخطوط الحمراء..إلى آخره.
سيتراكم كل هذا فوق الرواية المزورة، اجتهادات مواقع التواصل والروايات الجانبية المتوفرة دائما لمثل هذه الحالات، وسيرفق كل هذا بمواقف شخصية يجري تعميمها دون تردد، بيانات الفصائل المجاورة والتبريكات الممنوحة بكرم وتعالٍ ووصاية في غير محلها، نبرة المحلل السياسي الخبير، دائما، بشؤون ما، ويمنحها، الرواية المزورة، مصداقية تفتقر لها بشدة، بحيث سيكون من الصعب البحث على لحظة الجريمة وملامح القاتل والجسد المقتول الذي غطته البلاغة.
هذا وصف للكثير من الروايات التي لم يتوقف الاحتلال عن دفعها نحو الإعلام، تحديدا في السنوات الأخيرة وخلال السنتين الماضيتين على وجه الخصوص.
الشعب ومقاومته واضحة، ولا يفتقر للبطولة والإبداع في مواجهة فاشية الاحتلال.
لذا لا ضرورة للارتجال والتسرع والاتكاء على رواية الفاشيين والقتلة. المطلوب قليل من التأمل والقراءة والبحث عن الوقائع، حتى لو تأخرت المباركة أو تأخر البيان قليلا، وهي مباركة لا معنى لها وبيان غير ضروري في الغالب.