هزمت إرادة الشعب الفلسطيني المدافعة عن المسجد الأقصى إسرائيل، وأوقفت خطة حركة ” عائدون إلى جبل الهيكل ” لذبح القرابين في باحاته في أول أيام عيد الفصح السبعة التي بدأت أمس، 5 أبريل. وكانت الحركة رصدت مكافأة 20 ألف شيكل لأي مستوطن يذبح القربان، و5 آلاف شيكل لمن يحاول الذبح ويفشل تشجيعا لمحاولين تالين. تحدى الفلسطينيون إسرائيل ومستوطنيها وشرطتها دفاعا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين. واجهوا الضرب الوحشي الأهوج والقنابل الصوتية والغاز السام شبانا وشابات ورجالا ونساء. اعتقلت إسرائيل 500 منهم.
وتدخلت غزة بصواريخها، وسقط أحدها على مصنع في سديروت، وكتب عاموس هرئيل أحد كبار كتاب ” هآرتس ” عن دور هذه الصواريخ : ” الصور القاسية بالأقصى ستجبر آلاف المستوطنين على قضاء عيد الفصح بالملاجىء. “، واضطر نتننياهو إلى إصدار بيان بالتزام إسرائيل ” بضمان حرية العبادة ” في الأقصى، وبالحفاظ ” على الواضع الراهن ” فيه، وبعدم السماح ” للمتشددين الذين ينتهجون العنف بتغييره. “، وواضح أنه يقصد المستوطنين، وهذا تراجع منه.
واجتمع وزير الدفاع يوآف جالانت مع رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس شعبة العمليات باسيوك، ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا، ومنسق عمليات الاحتلال في الضفة غسان عليان، وعقب الاجتماع أصدر تعليماته بمنع المواجهات في الأقصى، والسماح بحرية العبادة. وأعلن مجلس أوقاف القدس فتح المسجد للاعتكاف طوال ما تبقى من رمضان، وهو ما أرادت إسرائيل منعه. وتيار الأحداث يتدفق، وكل حدث محتمل الوقوع.
إسرائيل مضطربة اضطرابا نادرا، وقياداتها بكل فروعها وعناصرها متصارعة متخالفة، فإلى جانب الانقسام حول تغيير النظام القضائي يحتدم الخلاف بين بن غفير وزير الأمن القومي وبين يعقوب شبتاي المفتش العام للشرطة حول تشكيل ميلشيات الحرس الوطني. بن غفير يصر على تشكيلها، وشبتاي يرفضه ويراه ضارا بأمن مستوطني الدولة. ويجمع الإسرائيليون على أن دولتهم لم تعش من قبل مثل هذا التمزق والتشتت وحيرة الطريق، ويشعرون أنهم بلا قيادة هادية مرشدة، ويحرضهم هذا الشعور على النجاة بأنفسهم من المصير المبهم المقلق لكيانهم، ولا نجاة إلا في الهجرة منه.
وفزعوا حين سمعوا غيورا شالغي الرئيس السابق لشركة رفائيل للصناعات العسكرية، في الرابعة والثمانية من عمره، يقول إنه بدأ يتساءل : ” لماذا أنا هنا ؟! “، وهو الذي رفض من قبل عروضا مغرية للعمل في دول أخرى، وذكر أن حفيدة له هاجرت إلى أسبانيا، وحفيدة أخرى تخطط للهجرة إلى كندا. ما من دولة في العالم كبرت أو صغرت تختلق من مكان عبادة مشكلة يومية متفجرة سوى إسرائيل تنقيبا يائسا طائشا عن جذور انتماء للمكان، وتعري باختلاقها ذاك عدم انتمائها إليه في الوقت الذي يؤكد فيه الشعب الفلسطيني عمق انتمائه التاريخي والمستقبلي إليه، وعمق إيمانه بعقيدته الإسلامية، وثقته في نصر الله _ عز قدره _ له في دفاعه عن رمز عظيم من رموز هذه العقيدة، وكفى به عظم رمزية أنه أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ومبتدأ معراجه إلى السماء الذي تلقى فيه من ربه _ تعالى _ الأمر بالصلوات الخمس التي سيقام بعضها فيه إلى يوم الدين.
ويدافع الشعب الفلسطيني وحيدا عن الأقصى في وحشة خذلان كامل له من العرب والمسلمين، ويبدو أن الله _ تعالى _ خصه بهذا الفضل العظيم الأجر. وما من أحد أظلم ممن يمنع بيوت الله من أن يذكر فيها اسمه، وهذا الوصف القرآني يهوي على رأس إسرائيل، وعلى رؤوس من يتآمر معها من حكام العرب والمسلمين في ظلمها المتناهي إذ تمنع الفلسطينيين من حرية العبادة في مسجده الذي بارك حوله. الفلسطينيون المدافعون عن الأقصى بإرادة لا توهنها قلة العدد والعتاد، وكثرة الأعداء الذين جمعوا لهم وقوتهم ؛ مؤمنون حقا، ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين ” ( سورة الروم – الآية 47 )، وهو ما كان أمس بمنع ذبح القرابين، وبمواصلة الصلاة والاعتكاف رغم عودة إسرائيل لمنعه، وما سيكون دائما.
*” إسرائيل مستعدة حاليا لتنفيذ هجوم على إيران. “. رئيس الأركان الإسرائيلي هرتزي هاليفي. هل هذا كلام رئيس أركان أم كلام مدرب فريق كرة قدم ؟!
كاتب فلسطيني