نشر موقع مركز “ريسبونسبل ستيت كرافت” التابع لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول في واشنطن مقالا بعنوان “من خلال الرضوخ لإسرائيل يفتح بايدن باب الحرب” للباحث تريتا بارسي، أكد فيه أنه “فيما كل الأنظار كانت تتجه إلى أوكرانيا وأزمة البالونات الصينية في السماء، فقد غيرت إدارة بايدن على ما يبدو الموقف الأمريكي القديم بمعارضة أمريكا بدء إسرائيل حربا كارثية مع إيران”.
واستشهد التقرير في هذا الصدد بتصريحات أدلى بها سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، توم نيديس، أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى الأحد، والذي قال فيه “إسرائيل تستطيع وينبغي عليها أن تفعل كل ما تحتاجه للتعامل معها (فيما يتعلق بإيران) ونحن نساندهم”، وذلك في إشارة ضمنية إلى حد ما إلى العمل العسكري.
واعتبر الكاتب أن تعليقات نيديس لا تبدو منعزلة، بعد أن قصفت إسرائيل مجمعًا دفاعيًا في إيران في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، إذ ألمحت إدارة بايدن بشكل غير معهود للصحافيين إلى “أن العملية الإسرائيلية كانت جزءًا من جهد مشترك جديد من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لاحتواء طموحات طهران النووية والعسكرية”.
وعندما سُئل وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن ذلك في اليوم التالي، لم يبد أي انتقاد أو قلق بشأن احتمال زعزعة الضربات للاستقرار، ناهيك عن إدانته.
وشدد الباحث على أنه بدلاً من الإدانة، قدم الوزير الأمريكي ما يرقى إلى مستوى الدفاع والتبرير للضربة الإسرائيلية، قائلا: “من المهم جدًا أن نواصل التعامل والعمل ضد الإجراءات المختلفة التي شاركت فيها إيران في جميع أنحاء المنطقة وخارجها المهددة للسلام، بحسب الضرورة والأمن”.
وأكد الكاتب أن شن إسرائيل عملية عسكرية ضد إيران كان عملا غير مرغوب أبدا من الإدارات الأمريكية السابقة من جورج بوش إلى باراك أوباما وحتى دونالد ترامب.
ولفت إلى أن تلك الإدارات سعت إلى منع إسرائيل من قصف إيران كي لا تخاطر واشنطن بالتورط في تلك الحرب، والنتيجة النهائية ستكون على الأرجح شرق أوسط مزعزعا بشدة وإيران مع سلاح نووي.
وذكر الباحث أنه وفقًا لمارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، فقد حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب على توجيه ضربة ضد إيران بعد أن خسر انتخابات 2020.
لكن ميلي قاوم ذلك، وأخبر ترامب في وقت من الأوقات أنه “إذا قمت بذلك، فستخوض حربًا قاسية”.
لكن يبدو، بحسب الكاتب، أن الكثير من الأمور تغيرت بشكل واضح في السنوات والأشهر الماضية، حيث انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، في حين وعد بايدن بالعودة إليه، ولا تزال الصفقة في طي النسيان.
ويشير الكاتب من جهة أخرى إلى أن السلطة في إيران عادت بدورها إلى المحافظين المتشددين، الذين شوشوا على المحادثات النووية بينما زادوا من قمع النظام للشعب الإيراني. وقد أدى ذلك لاحقاً إلى احتجاجات واسعة النطاق وأهم تحد لنظام في طهران منذ أكثر من عقد.
وشدد الباحث في المقابل على أن شيئا واحدا لم يتغير، رغم ذلك: الحرب مع إيران ستكون كارثية على المنطقة والولايات المتحدة، ونضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والكرامة.
ويرى أنه مع ذلك يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي يسير فيه فريق بايدن، ربما عن غير قصد، من خلال الرضوخ لموقف إسرائيل الطويل الأمد للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني عسكريًا وليس دبلوماسيًا.
سفير واشنطن أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى: إسرائيل تستطيع وينبغي عليها ونحن نساندها في أن تفعل كل ما تحتاجه للتعامل مع إيران
ونوه الكاتب إلى تصريحات وزير الشتات عميحاي شيكلي، المنتقدة لدعوة السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نيديس لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “الضغط على المكابح” في مساعيها لتغيير النظام القضائي بشكل جذري.
وقال شيكلي ردا على دعوة نيديس: “اضغط أنت على المكابح ولا تتدخل في ما لا يعنيك”.
واعتبر الباحث أنه من المفارقات أن نصيحة وزير الشتات للسفير الأمريكي جيدة، إذ على أمريكا بالفعل الاهتمام بشؤونها، وبالتالي تعطي الأولوية لمصالحها.
وأوضح أن ذلك لن يتوقف فقط على تقويض مصداقيتها من خلال إدانة عمليات الضم الروسية غير القانونية مع تمكين عمليات الضم الإسرائيلية، ولكنها ستمنع أيضًا أي محاولة إسرائيلية لجر أمريكا إلى حرب كارثية في الشرق الأوسط.
وخلص الكاتب إلى أن الولايات المتحدة لديها تخمة بالفعل بالأزمات الدولية. بين السعي لهزيمة روسيا في أوكرانيا ومحاربة الصين من خلال خنق صناعات التكنولوجيا الفائقة، وربما يتعين على بايدن أن يأخذ على محمل الجد المعنى الحقيقي لنصيحة الوزير شيكلي الساخرة.