ناقشت مؤسسات رسمية، وحقوقية، ودولية، اليوم الثلاثاء، بمدينة البيرة، تطبيق التوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب لدولة فلسطين التي انضمت لها في العام 2014، من أجل اعتماد مسودة خطة عمل وطنية، تساهم في تعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان.
وتتمحور التوصيات حول منع التعذيب للموقوفين وحظره المطلق على صعيد التشريعات والسياسات والبرامج من المكلفين بإنفاذ القانون، وتوفير الحماية للموقوفين.
جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته وزارة الداخلية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والاتحاد الأوروبي، من أجل اعتماد توصيات شمولية تكون مسودة لخطة عمل وطنية، ويستمر المؤتمر لمدة 3 أيام.
وقال رئيس الفريق الحكومي لمتابعة التزامات دولة فلسطين لاتفاقية مناهضة التعذيب وبروتوكولها الاختياري، وزير الداخلية اللواء زياد هب الريح، إن دولة فلسطين انضمت للاتفاقية عام 2014، تلا ذلك الانضمام الى البروتوكولات الملحقة بهذه الاتفاقيات دون تحفظ، ما يعكس توجهات دولة فلسطين المنبثقة بوثيقة الاستقلال، والقائمة على أسس قيم العدالة وحقوق الانسان، وحرياته العامة والخاصة، ما يدعم ويطور النظام السياسي الديمقراطي.
ولفت هب الريح الى أن الوزارة تقوم بكل الجهود الوطنية لمتابعة التزام دولة فلسطين بانضمامها للاتفاقية وبروتوكولها الاختياري، حيث عملت منذ ذلك الحين على تشكيل الفريق الحكومي لمتابعة هذا الالتزام، مؤكدًا أن التعذيب مرفوض بالنسبة لنا، ولدينا تعليمات واضحة ومشددة استنادًا للقانون بمنع التعذيب، عدا عن الإصرار السياسي الذي يتعلق بمصداقيتنا أمام المجتمع الدولي، لنسير باتجاه دولة خالية من العنف، وذات علاقة بالنظام والقانون.
وأوضح أن كل منشآتنا مفتوحة أمام المكتب السامي لحقوق الانسان، والمؤسسات الحقوقية، وبإمكانهم عمل زيارات فجائية بلا تنسيقات مسبقة، لأن طموحنا يأتي في إطار بناء دولة عصرية تستجيب لمتطلبات العصر، مشددًا على أن العقبة الأساسية التي جاءت في البند 43 من لجنة مناهضة العنف تتمحور حول البيئة الصعبة والاجراءات الاسرائيلية غير المسبوقة بحق الشعب الفلسطيني، من اعتقال وقتل، وقمع في الحرية والتنقل، وغيرها من الاجراءات التعسفية.
من جانبه، أكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك أن توصيات لجنة مناهضة التعذيب جاءت بناء على التقرير الذي قدمته دولة فلسطين في شهر تموز الماضي، وتقارير الظل الموازية التي قدمتها الهيئة ومؤسسات المجتمع المدني، والحوار الذي جرى في جنيف في الشهر ذاته.
وأشار الى أن الهيئة تولي أهمية خاصة لموضوع مناهضة التعذيب، نظرًا لبشاعة هذه الجريمة، ولآثارها الخطيرة وبعيدة الأمد على الضحية، والمجتمع بشكل عام، لافتا الى أن الهيئة تقوم بمناهضة التعذيب من خلال عدة أدوات، أهمها الزيارات المستمرة بشكل دوري لأماكن الاحتجاز، سواء سجون، أو بيوت ايواء، أو بيوت حماية، وأي مكان تحجز فيه الحرية، حيث ننفذ بمعدل حوالي ألف زيارة في السنة بالضفة وغزة، كذلك نتلقى الشكاوى من الأشخاص النزلاء، ونقوم بمتابعتها من أجل ضمان وجود مساءلة ومحاسبة لكل من يقترف أي شكل من أشكال سوء المعاملة.
وأضاف: كما نقوم بعمل تقارير تقصي حقائق بشكل منفرد، أو ضمن لجان وطنية تشكل من الجهات ذات الاختصاص، ونقدم توصيات واضحة ومنفصلة بعد كل تقرير نقوم به، وأوصت الهيئة للرئيس بالانضمام للبروتوكول الاختياري لاتفاقيات مناهضة التعذيب، حيث ركز سيادته بشكل واضح على رفضه لأي شكل من أشكال التعذيب، وطلب من الهيئة أن تقدم توصيات من أجل محاربة أي ممارسات.
وقال إننا ننتظر الآن أن يصدر قرارا بقانون معدل لقرار بقانون خاص بإنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بحيث يأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي تقدمت سواء من اللجنة الوطنية لمناهضة التعذيب، أو من المؤسسات الحقوقية والهيئة المستقلة.
وأوصى الدويك بضرورة زيادة الدعم المخصص للهيئة من قبل الدولة، حيث إن مخصصات الهيئة قليلة جدًا، وبالسماح للهيئة بتنفيذ زيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز.
من جهته، قال مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الانسان أجيت سنغهاي إن دولة فلسطين لديها مؤسسات مجتمعية مستقلة ومتفانية بعملها، ويقوم الفريق الوطني بتنفيذ التزامات الدولة بما يتعلق باتفاقية مناهضة التعذيب.
في حين قال ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين سفن كون بورغسدورف إن فلسطين تواصل انخراطها بالاتفاقيات الخاصة للالتزام بحقوق الانسان، معتبرًا أن التعذيب من أكثر التحركات ضد الانسانية والكرامة، ولذلك يجب محاربتها.
واشتمل المؤتمر على أربع جلسات، ناقشت الجلسة الأولى النماذج الدولية المقارنة في تطبيق التوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب: النصائح والممارسات الفضلى، في حين ناقشت الجلسة الثانية عرض مسودة الخطة الوطنية لمتابعة تطبيق توصيات اللجنة، أما الجلسة الثالثة فتطرقت لآليات التطبيق على المستوى الوطني ودور مؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الانسان، والجلسة الرابعة كانت بعنوان معيقات تطبيق الاتفاقية: القوة القائمة بالاحتلال والانقسام الفلسطيني.