هآرتس - بقلم: يونتان ليس خلال بضعة أسابيع، إذا سار كل شيء كما هو مخطط له، فقد تحرك محكمة العدل الدولية في لاهاي إجراءات العمل حول الرأي الاستشاري في موضوع التداعيات القانونية لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرقي القدس. في البداية، سيعلن مسجل المحكمة عن جدول مفصل، ثم سيتوجه للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وللمنظمات الدولية التي تعمل في الضفة الغربية وسيقترح عليها تقديم موقف مبرر خطي بهذا الشأن. بعد بضعة أشهر، يبدأ القضاة الـ 15 الذين يمثلون 15 دولة بسماع الشهادات حول هذا الموضوع وصياغة الوثيقة.
رغم أن نخبة القضاة التي في المحكمة الآن ذات تجربة كبيرة، غير أن الانتقاد الذي توجهه جهات إسرائيلية رفيعة في صياغة الرأي، يركز على الادعاء بأن قرارات القضاة تمثل مواقف سياسية للدول التي يمثلونها. “بشكل مبدئي، القضاة مستقلون، ويتصرفون مثل أي هيئة قضائية أخرى، وليس من شأن هوية الدولة التي جاء منها كل منهم أن يكون لها تأثير”، قال مصدر إسرائيلي للصحيفة مشارك في الاعدادات الإسرائيلية للجلسات. وقال مصدر آخر: “رأينا في السابق بأن هناك تأثيراً للدول التي يأتي منها القضاة على الأحكام التي يصدرونها. لا يمكن تجاهل ذلك”.
تقف على رأس هيئة القضاة جوان دونهيو من الولايات المتحدة، وثلاثة إلى جانبها عملوا في السابق كرؤساء للمحكمة، هم ممثلو سلوفاكيا وفرنسا والصومال، أما نائبها فهو القاضي كيريل غافوريغان الروسي، الذي كان في السابق سفيرها في هولندا.
بشكل رسمي، فإن فترة ولاية القاضي تسع سنوات، لكن يمكن الترشح لولاية أخرى، ولكثيرين منهم تجربة كبيرة. من بين القضاة المغربي محمد بن نونة، الذي عُين للمرة الأولى في 2006؛ والقاضي الصومالي عبد القوي أحمد يوسف، الذي عين في 2009؛ ثم القاضية الصينية شو هنكمان، التي تتولى منصبها منذ العام 2010. عملياً، وأربعة قضاة من بين الـ 15 قاضياً تم تعيينهم في السنوات الثلاث الأخيرة.
تتم وتيرة استبدالهم بالتدريج، كل ثلاث سنوات يتم اختيار خمسة قضاة يمثلون خمس مناطق مختلفة في العالم. في العام 2024، الذي ستستمر فيه النقاشات حول تقديم الرأي، سينهي خمسة قضاة وظيفتهم.
هيئة شرعية مهمة
قبل بداية الجلسات، تحاول إسرائيل الآن فحص خصائص القضاة ومحاولة استنتاج كيف سيتصرفون في هذا الشأن. حتى الآن وجدت إسرائيل صعوبة في العثور على أي تحيز سياسي واضح في القضية الفلسطينية في أوساط القضاة الحاليين. المرة الأخيرة التي صاغت فيها المحكمة رأياً حول الموضوع، كانت قبل عشرين سنة، وفي حينه تناولت جدار الفصل الذي أقامته إسرائيل في تلك الفترة. وفي تموز 2004 قررت المحكمة بأن إقامة الجدار تعتبر مخالفة للقانون الدولي. انتقد القضاة إقامته بشدة، وطالبوا بوقفه وتعويض الفلسطينيين المتضررين من هذه الخطوة.
قاض واحد فقط الآن من بين القضاة، القاضي بيتر تومكا من سلوفاكيا، شارك في الجلسات التي تناولت الرأي حول جدار الفصل. في 2013، تقريباً بعد عقد على نشر الرأي، استضاف تومكا رئيس الدولة في حينه، شمعون بيرس، أثناء زيارته لاهاي. “في كل مرة نحل فيها خلافات بين دول سيادية، نؤكد دائماً أن المفاوضات هي الطريقة الأنجح”، قال لبيرس في حينه. فرد عليه رئيس الدولة السابق وقال إن “استكمال المفاوضات (مع الفلسطينيين) له أهمية عليا، وهذا ربما هو النزاع الأخير والأهم بيننا وبين العالم العربي”.
إذا كانت هناك حقا أهمية لهوية الدولة التي يأتي منها القضاة، فقد تجد إسرائيل نفسها في موقف ضعيف. فسبعة قضاة هم من دول صوتت مع اقتراح الفلسطينيين طلب الرأي من المحكمة (روسيا والمغرب والصومال والصين وجامايكا وأوغندا ولبنان)، وأربعة قضاة جاءوا من دول امتنعت عن التصويت (سلوفاكيا، اليابان، الهند، والبرازيل)، أربعة قضاة من دول صوتت ضد الاقتراح (الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، وأستراليا).
مع ذلك، قال دبلوماسي ذو تجربة للصحيفة بأنه “في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل إلصاق صفة سياسية بقرارات المحكمة، فمن المهم أن نذكر بأن المحكمة تحظى بالتقدير في أرجاء العالم”. وحسب قوله “الكثير من الدول تنظر للمحكمة في لاهاي بجدية كبيرة. ومعظم الدول الأوروبية تعتبرها هيئة شرعية مهمة، وهي تتوجه إليها في النزاعات وتمتثل للقرارات التي تصدرها”.
لذلك، التقدير الذي تحظى به المحكمة في أوساط دول العالم يقلق المستوى السياسي في إسرائيل. “يمكن الافتراض بسهولة بأن التقرير لن يكون مريحاً لإسرائيل”، قال مصدر سياسي للصحيفة. “نحن بالتأكيد نرى سيناريو فيه دول صديقة لإسرائيل، التي عارضت التوجه إلى المحكمة، ستقول في نهاية العملية بأنه لا يمكنها تجاهل الوثيقة التي تمت بلورتها وستتبنى استنتاجاتها”.
رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وصف قرار التوجه إلى المحكمة في نهاية الأسبوع بـ “الحقير”، وأوضح بأنه لن يكون ملزماً لإسرائيل. في القريب، عندما تبدأ العملية، سيضطر نتنياهو إلى اتخاذ قرار بأي طريقة، هذا إذا اتخذ، وستتعاون إسرائيل مع الجلسات في المحكمة.