دفع الظرف الفلسطيني الحالي بسبب استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على الشعب الأعزل باتجاه البحث “نضاليا وكفاحيا” عن وسيلة ما لمغادرة المشهد الحالي وسط حوار صاخب تؤكد مصادر لصحيفة “رأي اليوم” أنه يتفاعل بشدة بين قادة الفصائل الفلسطينية تحت عنوان “الاستعداد لمواجهة عنيفة قادمة” في الطريق وقد تكون مبكرة مع الإحتلال بحلته الجديدة مع طاقم الحكومة الحالية.
وهُنا حصريا برزت خلال الساعات القليلة الماضية مبادرة خاصة جدا وفي غاية الأهمية سياسيا وأمنيا وفصائليا اقترحتها حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية.
وعنوان تلك المبادرة أن حركة الجهاد الإسلامي وبدون حركة حماس مستعدة تماما لتوفير بنية لوجستية تساعد في تسليح المواطنين الفلسطينيين بمعنى تسليح الشعب الفلسطيني حتى يتمكّن من الدفاع عن نفسه إزاء هجمات متوقعة ودموية وقاتلة قريبا على البلدات والتجمعات السكانية المحاذية للمناطق سي.
طبعا الأجهزة الأمنية الفلسطينية تبدو حائرة من جهتها في إقرار أي خطة من أي صنف ومقيدة ومحبوسة بسلسلة من الاعتبارات ذات الصلة بمواقف الرئيس عباس والسلطة الرسمية والمواقف الفتحاوية الداخلية التي تغلي خصوصا على صعيد شبيبة حركة فتح.
وعلى صعيد المجلس الثوري للحركة وبعض أقاليم الحركة في الداخل والخارج وفي المقابل تؤكد حركة الجهاد الإسلامي وجود جاهزية تامة عندها لتسليم أسلحة فردية مع ذخائر كافية لكل المواطنين الفلسطينيين القادرين على حمل السلاح ومن مختلف الفصائل حتى يعرف العدو كما ورد في توصيفات المبادرة التي تقدم بها الجهاد الإسلامي بأن الشعب الفلسطيني اتخذ خطوة عملية في توفير الحماية إلى نفسه ولممتلكاته.
ويبدو أن اقتراح حركة الجهاد الإسلامي خلط الأوراق جدا داخل قيادات الفصائل خصوص الميدانية لأنه بكل بساطة ليس ناتجا عن حركة حماس باعتبارها الفصيل المُقاوم الأعرض والأكبر والأضخم وتبدو لفصائل الفلسطينية مضطرة للتعامل مع اقتراحات حركة الجهاد الإسلامي.
لكن بعضها يقترح اليوم أن تكون هذه المبادرة في سياق حوار وطني أشمل.
لكن ما يقوله ممثلو حركة الجهاد الإسلامي خلف الستارة والكواليس إن الوقت يمضي ويمر وقد ينتظر الشعب الفلسطيني مطولا قبل أن تنجز المصالحة أو حتى قبل أن يقام حوار وطني على مستوى الفصائل والشتات يمكن أن ينتج عنه شيء محدد مستقبلا بينما الخطر الان داهم و حركة الجهاد الإسلامي لا تريد إلا القيام بواجبها في المقاومة وتسليح أعداد كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني، وأن لديها الجاهزية الكاملة لذلك وبدون أجندات سياسية أو خلفيات سياسية لهذا الاتجاه.
وما تُريده هو أن يسمح لها بتنفيذ هذه المبادرة في ظل رعاية الفصائل الفلسطينية في الميدان وعلى أساس ميداني وبدون اشتراطات مُسبقة من أي نوع.
لكن هذه الضّمانات التي تُقدّمها حركة الجهاد الإسلامي في هذا السياق لا يبدو أنها كافة لحركة فتح ولا بالنسبة لبقية الفصائل المقاومة حيث الاعتقاد بأن اعتبارات سياسية قد تكون وراء هذه المبادرة.
لكن ما يبلغه ممثلو حركة الجهاد الإسلامي ومعهم أيضا بعض انصار حركة حماس أن الاعتبارات السياسية بصرف النظر عنها ليست جزء اطلاقا من ترتيب من هذا النوع وأن المطلوب اتخاذ خطوات حقيقية على الأرض تثبت بان الشعب الفلسطيني قرّر الدفاع عن نفسه.
وأنه بدأ باتخاذ خطوات لن توازي قوة الاحتلال ولن تتمكن من مواجهة انتهاكات المستوطنين لكنها ستوفر الحد الادنى من حماية الأرواح وهو الأمر الذي يُربك عمليا الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومؤسسات السلطة وبقية الفصائل بطبيعة الحال.
ويُذكر أن الدعوات لحماية الشعب الفلسطيني تكاثرت في الخطاب الرسمي والدبلوماسي والسياسي للسلطة الفلسطينية.
لكن الدعوات لتسليح الشعب الفلسطيني وتمكينه من مواجهة جيش ميليشيات من المستوطنين قريبا يشرف عليه حرس الحدود تحديدا وفقا للخطة التي وافق عليها رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وتم توقيعها مع موازنات مالية هي التي تملي الظروف ميدانيا على الارض.
ويثور نقاش حيوي ومفصلي وجريء لأول مرة حول وداخل أقنية حركة فتح وبعض الأجهزة الأمنية الفلسطينية حول الموقف الذي ينبغي أن تتّخذه الأجهزة الامنية الفلسطينية في المناطق ألف وباء إذا ما حصلت مواجهات بالرصاص أو مسلحة بين مستوطنين اسرائيليين مسلحين وبين ابناء من الشعب الفلسطيني أو إذا ما حصلت هجمات منظمة عبر الحدود وعبر المناطق سي مع غياب وتجميد أغلب آليات التنسيق الأمني.
ومثل هذا الحوار يدور لأوّل مرّة وسط القناعة بأن الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لحصار خانق وأجندة اقتصادية معيشية قاتلة ويتعرّض أولاده وشبابه لإعدامات ميدانية ينبغي أن لا يقف مكتوف الأيدي.
وهو أمر تتفهّمه الأجهزة الأمنية الفلسطينية الآن وتُحاول توفير صيغة لمنع مثل هذا الاحتكاك على اعتبار أن الأجهزة الأمنية لو اضطرت لمقاومة حراك نضالي مسلح هذه المرة بعد هجمات لميليشيات المستوطنين ستجد نفسها لأوّل مرّة في مواجهة مخاطر الانقسام داخل حركة فتح وأجهزة السلطة بالإضافة إلى مخاطر مواجهة الشعب الفلسطيني نفسه في خيار إن بدا لا أحد يعلم إلى متى أو كيف سينتهي.