رام الله / سما / قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات ’يبدو أن رسالة الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير قد فهمت خطأ، فهذا ليس استسلاما ولا إحباطا، فالرئيس لا يساوم على أيا من الثوابت والحقوق’.وأضاف د. عريقات، خلال افتتاح مؤتمر دار الإفتاء الأول، بمدينة رام الله، والذي حمل اسم ’القدس: إيمان...وتحديات’، ’إن نضالنا يتمحور بتحقيق الثوابت كل الثوابت بإقامة الدولة المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، والإفراج عن الأسرى، وإزالة المستوطنات، وحقنا بالمياه، وإزالة جدار الفصل العنصري، وكافة حقوق والثوابت التي يجتمع عليها الشعب الفلسطيني’.وشدد على أن ’لا سقف أدنى من هذه الحقوق، والتي هي سقف منظمة التحرير الفلسطينية، والتي قامت لأجلها السلطة الوطنية، وهو الهدف ذاته الذي وجدت لأجله كافة الفصائل والتنظيمات، وبدونها جميعا لن نكون بحاجة إلى سلطة’.ووجه عريقات رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي، والولايات المتحدة الأميركية التي وصفها بـ’روما الجديدة’، والى الاتحاد الأوروبي، والى كافة الدول العربية والإقليمية مفادها ’أن المسألة ليست مسألة قانونية، إنما هي إعادة الحقوق كافة’، مضيفا: ’لا حاجة لنا بما هو اقل من ذلك’.وقال ’جلسنا مع كلينتون حيث قال لنا نتنياهو إنه سيعمل على تجميد الاستيطان بشكل غير مسبوق، مستثنيا 3 آلاف وحدة سكنية، ومستثنيا القدس وما حولها’.وتساءل ’كيف تتحدث كلينتون عن أمر غير مسبوق، فيما 87% من الاستيطان يجري في المدينة أي أن الاستيطان في بعد هذا سيكون اكبر مما كان عليه في 2008 وفي 2009، لا يمكن لكلينتون أن تتحدث عن خطوات غير مسبوقة’.وطالب عريقات الدول العربية بعدم تكرار مصطلح مفاوضات بدون شروط مسبقة، قائلا: ’إن الرسالات والتطمينات الأميركية بشأن الاستيطان لا تصرف في السياسة الواقعية، مضيفا: إن أميركا دولة عظمى وروما الجديدة، وحدودها تمتد إلى بقاع واسعة فالصفة الوظيفية لها تغيرت، وكذلك الدول التي تواليها’.وتابع: نحن نحاول توظيف الحد الأدنى من الضرر، وندرك أن الدول عبيدة مصالحها، ولكن فلسطين والقضية اكبر من فتح ومن حماس ومن كل الفصائل الفلسطينية، وأنه وبعد 18 عاما من المفاوضات إذا لم تكن هناك أسس لإقامة الدولة الفلسطينية على كامل حدود 67، فلن نكون طرف في هذه المفاوضات’.واستذكر عريقات ما كان من الرئيس الشهيد ياسر عرفات عندما طلب منه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عام 2000 أن يقر بوجود الهيكل المزعوم أسفل المسجد الأقصى، قائلا: ’ شاهدتك تسجد وأنت رجل مؤمن، واطلب منك ان تمتلك الشجاعة وتقر بوجود هيكل سليمان لتحقق دولتك’.وأشار إلى أن الراحل قد اخذ بما سمع ورد عليه قائلا: ’أنهم يحفرون منذ أكثر من 30 عاما ولم يجدوا شيئا، فهل تؤمن أنت بوجوده، فرد عليه كلينتون وهو يقسم مرددا اسمه الثلاثي: نعم أؤمن، فرد عليه الرئيس الشهيد انا لن افعل، وإن لم نحررها الآن فسيأتي من يحررها بعد 5 أو 10 سنوات أو حتى بعد 100 سنة، فأجهشت بالبكاء فالرجل يقول لا لروما الجديدة، وها هو قد مات شهيدا’.وأضاف: في أيلول من هذا العام رافقت أبو مازن إلى واشنطن، حيث طرحت أمورا تتعلق بالقدس والحدود، حيث أعرب الرئيس عن رفضه لأي دولة تنتقص من الحقوق والثوابت دولة تكون مسخ، ولما اطلعت على الموقف الأميركي أدركت إننا إمام نفس الاسطوانة المشروخة قد بدأت تتكرر وأن أبو مازن سيواجه ما واجه ياسر عرفات’.وقال: ’إن الرئيس ابلغ إسرائيل وأميركا والإقليم أن لا حاجة لنا بدولة ورئاسة دون القدس، بل هي دولة وعاصمتها القدس، وقابلة للحياة’.وأستطرد د. عريقات: كان بإمكاننا أن نستسلم في عام 1994، وفي كامب ديفيد عام 2000، وفي أيلول عام 2008 بما طرحه اولمرت، حيث اتفق على كل شيء إلا أن الوضع توقف عند الوصول إلى القدس والحرم القدسي’، مشددا على أنه ورغم ما للقدس من مكانة إلا أنها مثلها مثل أي مكان في الضفة وغزة لا يمكن التنازل عن أي شبر فيها، ولا يمكن القبول بأي ظاهرة منافية للقانون الدولي’.وأشار إلى أن القضية في القدس هي قضية سيادة بحتة، وليس قضية الحديث عن حرية في العبادة، ووجه عريقات رسالة إلى المحيط العربي قائلا: ’القدس أهم من جميع العواصم العربية، ولا يجوز إن تقدم قربانا، وان المفتاح لنا كفلسطينيين هو بالصمود’.واستدرك قائلا: ’نحن نحترم كافة الدول العربية، وأصدقائنا في العالم، لتفعيل قضيتنا واسترداد حقوقنا’.وقال ’لقد أصبح استمرار الانقلاب سيفا مشرعا على رقابنا، إذا أصبح أي اتفاق مقرونا بالمصالحة’ وتساءل ’لماذا لا نعود إلى الانتخابات إذا كان لا يوجد ما نختلف عليه؟’.وأضاف: إن الهدف الإسرائيلي إبان العدوان على غزة لم يكن حماس بل كان الشعب الفلسطيني وتعزيز الانقسام، وهذا هو بالضبط ما يخططون له، وبالتالي على كل صاحب ضمير حي أن ينهي الانقلاب’، مشيرا إلى أن الحل يكمن في الوحدة.وبدوره، قال ممثل السيد الرئيس محمود عباس الدكتور رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة، ’إن السيد الرئيس أبو مازن، يثمن عالياً جهودكم في عقد مؤتمركم هذا تحت إسم القدس: ’إيمان ....وتحديات’، وهو إذ يؤكد لكم أنه لن يتنازل عن أي من الثوابت الفلسطينية وعلى رأسها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، عاصمة الثقافة العربية، فإنه يحثكم جميعا على الصمود والثبات وعدم اليأس أو الخنوع للاحتلال الذي هو زائل لا محالة قرب الزمان أو بعد’.وأضاف ’فالقدس قبلتنا الأولى حيث صلى إليها الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه، ستة عشر شهراً، واليها ارتحل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليفتحها بسلام، ودون إراقة دماءٍ، وليتسلم مفاتيح المدينة، ويُوَقّع العهدة العمرية مع بطريرك المدينة المقدسة صِفرونيوس’.وتابع: أما عن التحديات فهي جسيمة وكبيرة، وأكثر من أن تعد وتحصى في هذه العُجالة، فالقدس اليوم هي في خطر مُحدقٍ وداهمٍ، فإسرائيل قوة الاحتلال ومنذ اليوم الأول شرعت في تنفيذ خطة مبرمجةٍ ومنهجيةٍ لتغيير معالم المدينة الدينية والروحية والتاريخية، وطمس هويتها العربية الإسلامية - المسيحية، من خلال سلسلة من القوانين التعسفية والإجراءات والممارسات العنصرية’.وقال ’الأمر لم يقف عند هذا الحد، وإنما كان مصحوباً بسياسة تهجيرية لسكانها العرب الأصليين، وذلك عبر سحب الهويات، وسياسة الترانسفير، والاستيلاء على المنازل وهدمها، والتضييق على سكانها في لقمة عيشهم اليومية، بحيث أحالت حياتهم إلى جحيم لا يطاق، وحملت الكثيرين على الرحيل عنها، بحثاً عن لقمة العيش الكريمة، أو جمعاً لشمل أسرهم التي مُزِقَت، فتارة تجد الأم والأولاد يحملون هوية سكان المدينة والأبُ لا يحملها والعكس كذلك صحيح’.وأضاف: هذا بالإضافة إلى الإجراءات المُعقدة والمُكلفة، والضرائب الباهظة، التي تُفرَضُ على سكان المدينة العرب، إضافة لحرمانهم من الحصول على تراخيص بناء، ليتمكنوا من تلبية احتياجات النمو السكاني لأسرهم، وما هو محرمٌ على أبناء شعبنا في مدينة القدس، فهو حلالٌ خالصٌ في قوانين إسرائيل الجائرة والإجرامية لمستوطنيها وعتاتهم، حيث لا زال الاحتلال يضرب عُرضَ الحائط بكافة المواثيق، والأعراف، والقوانين، والقرارات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان’.وأشار إلى أن كل ذلك يرافقه عملٌ بوتيرة متسارعة لإحاطة المدينة بثلاثة أحزمة استيطانية، وإقامة جدار برلينٍ جديدٍ حولها، والاستيلاء على مئات آلاف الدونمات من كافة جهات المدينة ومحيطها الأقرب والأبعد، مع الاستمرار في هدم البيوت وطرد سكانها، والاستيلاء عليها، كل ذلك استباقاً للزمن، ولفرض شروطها وإملاءاتها على شعبنا، ولإحباط كافة الجهود لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.وقال ’لا بد من دق ناقوس الخطر، الذي يهدد مدينة القدس، ونذكر أشقاءنا العرب والمسلمين وأصدقاءنا ومحبي العدل والحرية والسلام في كافة أرجاء المعمورة، بأن القدس تناديهم ليهبوا لنجدتها؛ والزيت الذي تحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ما هو بلغة عصرنا اليوم، إلا الدعم المادي والمعنوي للمدينة المقدسة، وتعزيز ثبات وصمود أهلها فيها، والأمر لا يتعلق ببضعة ملايين تنفق هنا أو هناك، على أهمية تلك الملايين القليلة، وإنما تحتاج المدنية، مدينة القدس، إلى عشرات الملايين سنوياً، لتنفق على ترميم الأماكن المقدسة، والتعليم والصحة، والثقافة، ولإنعاش اقتصاد سكانها، والحفاظ على بقائهم فيها، والوقوف في وجه الاحتلال الذي يمتلك من المقومات والإمكانيات الشئ الكثير’.وأضاف: إن ما يُقَدم لمدينة القدس أو قُدِّمَ لها عبر عشرات السنين، ومنذ أن وقعت تحت الاحتلال، لا يساوي جزء يسير مما ينفقه أحد المليارديرات اليهود، من أمثال موسكوفيتش وسواه، للاستيلاء على المدينة، وتقويض هويتها العربية، وتاريخها وتراثها العربي الإسلامي المسيحي، فأين نحن وأمتنا من كل هذا، وأين هم أصحاب المليارات من أبناء شعبنا وأمتنا، من مدينة القدس، العاصمة الخالدة لدولة فلسطين المستقلة، إن شاء الله، فالقدس أثمنُ من كل كنوز الأرض، وتستحق من أبناء أمتنا جماعاتٍ وأفراداً ودولاً، وقفة عزٍ وشموخٍ، تعيد للمدينة مكانتها وألقها، وتزيلُ عن وجهها ومن على أرضها، ومن فضائها هذه الظلال السوداء، لليل الاحتلال الإسرائيلي البغيض.وأكد على إن ’القدس هي مفتاح السلام وعنوانه وقلبه وجوهره، فلا سلام ولا أمن ولا استقرار في هذه المنطقة، بدون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية القادمة، وإن شعبنا الفلسطيني قدم التضحيات الجسام من أجل الوصول إلى السلام العادل والدائم والشامل، السلام المشرف، القائم على الحق والعدل، وليس سلام الإملاءات، ولا سلام الدولة المؤقتة الحدود، ولا السلام مع تواصل الاستيطان’.وأضاف: ’إنما السلام الذي ينهي الاحتلال لكامل أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقطاع غزة، ويخرج كافة المستوطنين والمستوطنات إلى ما وراء الخط الأخضر، وفق حدود 4/6/1967، ويفكك جدار العزل والفصل العنصري، المقام على أراضينا، مع ضمان حقوقنا كاملةً في السيطرة على مياهنا، وفضائنا، وحدود دولتنا الفلسطينية المستقلة، وحفظ وإحقاق حقوق اللاجئين الفلسطينيين طبقاً للقرار 194؛ فليس فينا، وليس منا، من يُفرِطُ بِذرةِ تُرابٍ من ثرى القدس الطهور’.ومن جانبه، أكد العضو العربي الكنيست في ’الكنيست’ محمد بركة على استعداد عرب الداخل للقيام بواجبهم ودورهم الوطني، منوها على وجوب قيام برنامج وطني واليات تضمن الدفاع عن المدينة المقدسة.وشدد على عدم قبوله لعدم ترشح السيد الرئيس محمود عباس، مضيفا: إن علينا أن نعيد الأمور إلى مجراها الطبيعي إذ أن التناقض الأساسي هو مع الاحتلال والاحتلال فقط’.