ذي إنترسيبت: واشنطن ماضية في بناء سفارتها في القدس على أرض فلسطينية مسروقة

الجمعة 16 ديسمبر 2022 02:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
ذي إنترسيبت: واشنطن ماضية في بناء سفارتها في القدس على أرض فلسطينية مسروقة



واشنطن/سما/

نشر موقع “ذي إنترسيبت” تقريرا أعدته أليس سيبري قالت فيه إن إدارة جو بايدن تمضي قدما في خطة إدارة دونالد ترامب السابقة لبناء السفارة الأمريكية في القدس على أرض فلسطينية مسروقة.

وأشارت إلى أن اعتراضات أصحاب الأرض الحقيقيين ومن ضمنهم مواطنون أمريكيون لم يتم الاستماع إليها. وبعد خمسة أعوام من كسر دونالد ترامب السياسة الأمريكية والإجماع الدولي بشأن القدس واعترافه بالمدينة كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها من مدينة تل أبيب، تمضي إدارة بايدن قدما في بناء مجمع دائم للسفارة في القدس.

ولدى الحكومة الإسرائيلية مقراتها في القدس، ونظرا لأن الفلسطينيين يعتبرون المدينة عاصمة لهم ولأنها تظل محل خلاف بناء على القانون الدولي، فقد ظلت السفارة الأمريكية مثل بقية السفارات في تل أبيب. وتقول المجلة إن خطط السفارة الجديدة والتي عملت الإدارة الحالية على دفعها بهدوء في الأسابيع الماضية، ستعزز سياسة ترامب التي عكست الموقف الأمريكي التقليدي وخرقت سابقة أمريكية حول وضعية القدس وعمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية غير القانونية.

وسيجعل بناء السفارة الولايات المتحدة لاعبا ناشطا في عمليات المصادرة، ذلك أن المجمع المخطط بناؤه سيتم على أراض فلسطينية مصادرة والتي لا يزال أحفاد المالكين الأصليين بمن فيهم عدد من المواطنين الأمريكيين يطالبون بها. وقالت سهاد بشارة، مديرة مركز حقوق الإنسان “عدالة”: “لا يزال أحفاد ملاك الأراضي أصحاب الحق في هذه الممتلكات بناء على القانون الدولي”، مضيفة “من خلال المضي بالخطة لبناء السفارة في موقع ألنبي، تسهم الولايات المتحدة وبنشاط في عمليات مصادرة هذه الأراضي، والتعدي على حقوق المواطنين”.

أراضي المجمع الدبلوماسي مسجلة في دولة إسرائيل وأجرتها للولايات المتحدة بعد مصادرتها من مالكيها الفلسطينيين بناء على قانون أملاك الغائبين

وبحسب خطة تقدمت بها وزارة الخارجية الأمريكية للسلطات الإسرائيلية، يمكن بناء المجمع الدبلوماسي على منطقة عشبية تعرف بـ “ثكنات ألنبي”، على اسم القائد العسكري البريطاني الذي استأجرها من العائلات الفلسطينية. وهي مسجلة في دولة إسرائيل وأجرتها للولايات المتحدة بعد مصادرتها من مالكيها الفلسطينيين بناء على قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950، وهو القانون الذي انتُقد بشكل واسع وسمح لإسرائيل بأن تزعم ملكية أراضي عائلات فلسطينية مهجرة.

وقالت بشارة: “تمت مصادرة الأرض بطريقة غير قانونية”، مضيفة أن قانون أملاك الغائبين صمم بطريقة عنصرية لمصادرة الممتلكات الفلسطينية لمصلحة إسرائيل وعمليات تهويد المنطقة. وفي بيان أرسل بعد صدور التقرير من المتحدثة باسم وزارة الخارجية راشيل روبن جاء: “لم تقرر الولايات المتحدة المكان الذي ستبحث عنه، وتاريخ المكان سيكون من ضمن العوامل التي تقرر اختيارنا للموقع”. وأكدت روبن أن بايدن سيثبت قرار ترامب نقل السفارة: “موقف الولايات المتحدة هو أن سفارتنا ستبقى في القدس التي اعترفنا بها كعاصمة لإسرائيل”.

ونشرت السلطات الإسرائيلية في الشهر الماضي مقترحا مفصلا قدمته الخارجية الأمريكية عام 2021 ويشمل استعراض 3- دي لمستقبل مجمع السفارة المتعدد. ومنح الكشف الرأي العام وعائلات الموقع الأصلي فترة اعتراض على الملف تنتهي بكانون الثاني/يناير. ويقوم أحفاد ملاك الأراضي بتقديم اعتراضات منذ تعويم فكرة نقل السفارة أولا في التسعينات من القرن الماضي ثم التخلي عنها. وتعي السلطات الأمريكية اعتراضات أصحاب الأرض، على الأقل في حينه.

وفي بداية العام الحالي، كشف الباحثون في مركز عدالة مواد أرشيفية إضافية بما فيها سجلات الملكية والتي تزيل أي شكوك حول ملاك الأرض الحقيقيين. وواحد من الأمريكيين الذين لديهم حق في الأرض التي ستبنى عليها السفارة الأمريكية، هو رشيد الخالدي، المؤرخ المعروف والأستاذ في جامعة كولومبيا والذي قامت عائلته إلى جانب عائلات فلسطينية أخرى بالاتصال مع السلطات الأمريكية لإلغاء الخطة. وطلبت العائلات مقابلة وزير الخارجية أنطوني بلينكن والسفير الأمريكي في إسرائيل توم نايدز، بدون جواب. وقالت روبن، المتحدثة باسم الخارجية إنها لا تستطيع التعليق على المراسلات الخاصة، مع أن الرسالة لوارثي الأرض هي رسالة عامة.

وقال خالدي “هذا بلد يعتقد أن الملكية الخاصة مقدسة”. وتساءل قائلا: “لماذا تشعر الحكومة الأمريكية بأنه يحق لها السماح لحكومة أجنبية بأخذ أملاك خاصة للفلسطينيين الأمريكيين، أي أمريكيين من أصول فلسطينية، ثم تستأجرها من هذه الحكومة الأجنبية؟” وأضاف: “فعلوا هذا بهدوء ولم يعلنوا عنه” و”لكن يجب على الأمريكيين العاديين أن تكون لهم الفرصة باتخاذ القرار: هل نريد من حكومتنا أخذ أرض مسروقة من مواطنين أمريكيين للسفارة الأمريكية؟”. ولم تعترف الولايات المتحدة حتى الآن، بشكل خاص أو علني بالمزاعم التي تقدم بها ملاك ثكنات ألنبي الحقيقيون بمن فيهم مواطنون أمريكيون.

 وفي التصريحات العلنية، قال مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية إنهم يدرسون خططا حول المجمع الدبلوماسي الجديد ويقومون بالتدقيق حول المواقع المحتملة. وإلى جانب ثكنات ألنبي، تدرس الخارجية موقعا ثانيا في حي أرنونا القريب من الموقع المؤقت للسفارة الحالية. لكن النسخة الإسرائيلية تحدثت عن خطط الأمريكيين لتطوير الموقعين “مجمع لمكاتب السفارة، أما المجمع الآخر فسيستخدم لأغراض أخرى وسيتم تطويره بعد بناء السفارة”، بناء على ما أخبر ممثلو الخارجية المسؤولين الإسرائيليين وبحسب النسخة العبرية، بشكل يقترح أن الموقع الثاني سيخصص لسكن الدبلوماسيين وطاقم السفارة.

ويعلق الموقع أن الحكومة الأمريكية استثمرت كثيرا في الخطط لبناء المجمع على الأرض المتنازع عليها. ففي العام الماضي ومن خلال لقاء عبر تطبيق زوم قدم بحضور عمدة القدس وشارك فيه أربعة ممثلين عن الخارجية، عرضوا خطة أشاروا فيها للمنفعة التي ستحصل عليها المنطقة تجاريا من بناء المجمع دونما الإشارة لأصحاب الأرض الحقيقيين. واشتمل العرض على سلايدات و3-دي لشكل المجمع المتعدد، وهو عرض مفصل حيث فصل أثر المجمع على حركة السير وخططا لحماية الأشجار.

وقدم خطط بناء المجمع والوثائق المتعلقة به، جيمس كانيا، الضابط في الخدمات الخارجية، الذي فصل في صفحته على لينكدإن أعماله التي شملت متابعة “مشاريع عقارات وإعمار ضمت بناء مقر السفير الأمريكي بـ17 مليون دولار لتحديث مقر مفرزة البحرية الأمريكية في القدس” وكذا “العمل كمدير لوجيستي لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس”، ولم يعلق كانيا بناء على طلب الموقع. والجهة المصممة لكل من موقع ثكنات ألنبي وأرنونا هي الشركة المعمارية ومقرها شيكاغو “كرويك ساكسون بارتنرز” وبالتعاون مع شركة هندسة معمارية في إسرائيل. ورفضت الشركة الأمريكية التعليق. ويعلق الموقع أن وزارة الخارجية، ورغم تصريحاتها الغامضة حول الموقع تمضي في خطط الضغط على السلطات الإسرائيلية للموافقة رغم الاعتراضات من ملاك الأرض الحقيقيين.

حتى ترامب، ظلت أمريكا مع بقية دول العالم ترى أن مصير القدس يقرر عبر المفاوضات برعاية الأمم المتحدة

ويعلق خالدي “يحاولون عمل هذا بطريقة هادئة” و”يتظاهرون بعدم مشاركتهم. مع أن سجلات التخطيط أعدتها الحكومة الأمريكية. واحدة منها تحمل شعار السفارة الأمريكية في إسرائيل. وهذا محض كذب، فهذا جهد أمريكي مع سلطات التنظيم الإسرائيلية بالطبع”.

ويأتي التخطيط الأمريكي للبناء على أراض فلسطينية رغم دعمها لقرار في مجلس الأمن الدولي يدعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من بلادهم بعد النكبة، ولكنها لم تفعل أي شيء لمنع إسرائيل من مصادرة أراضيهم، بما في ذلك التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأن تبني أمريكا سفارتها على أراض مسروقة، سيكون ضربة أخرى لشرعية أمريكا المتراجعة بالمنطقة.

وحتى ترامب، ظلت أمريكا مع بقية دول العالم ترى أن مصير القدس يقرر عبر المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، كما ورفضت قرار إسرائيل ضم القدس الشرقية من طرف واحد بعد عام 1967، لكن ترامب حطم هذا الإجماع عندما اعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل إلى جانب اعترافه بمرتفعات الجولان كمنطقة تابعة للسيادة الإسرائيلية. والتزمت إدارة بايدن الصمت حول تحركات ترامب.

وعلق خالدي “لم يقولوا: تواصل الولايات المتحدة الاعتراف بضم مرتفعات الجولان والولايات المتحدة تعترف بشكل كامل بضم القدس” كما أعلنت إدارة ترامب. ولكنهم لم يبتعدوا بالممارسة عن هذه السياسات”. و”السؤال هو إن كانت ستصبح (هذه السياسات) دائمة في ظل الإدارة الحالية؟”.