نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقال رأي لكل من أرون ديفيد ميلر ودانيال كيرتزر وجها فيه دعوة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الرد وبقوة على حكومة بنيامين نتنياهو.
وأشار ميلر، وهو محلل لشؤون الشرق الأوسط ومفاوض سابق لوزارة الخارجية، وكيرتزر وهو سفير أمريكي سابق في إسرائيل، إلى ما كتبه الروائي جون بوكانان في روايته “العباءة الخضراء” عن التجسس البريطاني الألماني- التركي خلال الحرب العالمية الأولى “هناك رياح ساخنة تهب عبر الشرق والأعشاب الجافة تنتظر الشرارة”، و”لا يمكننا التفكير بأحسن من هذا وما ينتظره الإسرائيليون والفلسطينيون الذين يعيشون بين البحر المتوسط ونهر الأردن. إلا أن الرياح الساخنة اليوم تدفعها قوى ضخمة تزيد من سوء الأوضاع المتقلبة: سلطة وطنية ضعيفة لا تستطيع السيطرة على العنف والإرهاب، حكومة يمينية متطرفة سيتم الإعلان عنها قريبا وتريد ضم القدس والضفة الغربية إلى إسرائيل وإدارة أمريكية لا تريد المخاطرة والتورط بالفوضى، حتى لو كان هذا يعني المواجهة مع إسرائيل”. وفي الوقت نفسه، تقوم إيران بإثارة المشاكل، والدول العربية التي وقعت اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل دفنت رؤوسها بالرمال.
ويرى الكاتبان أن على الرئيس بايدن التعامل مع هذه الظروف التي تحمل معها احتمالات الخطر بناء على عدة أمور. فإسرائيل تقترب من عيد ميلادها الخامس والسبعين في العام المقبل. وأصبح بنيامين نتنياهو القابلة التي ولدت أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ الدولة. وبشكل إجمالي، فإن هناك جهودا لتأجيل محاكمته باتهامات الفساد أو إلغائها بشكل كامل. وبعد جلبه للحكومة أحزابا يمينية متطرفة، عنصرية معادية للمرأة والمثليين، فقد أصبح نتنياهو عالقا معها. فقد توصل لصفقة مع محرض مدان وهو إيتمار بن غفير ومنحه وزارة الأمن القومي وبسلطات واسعة على الضفة الغربية والقدس والمدن العربية داخل إسرائيل.
ويتوقع تعيين بتسائليل سموتيرتيش الذي دعا لطرد العرب وزيرا للمالية، إلى جانب سلطة على الإدارة المدنية التي تدير الضفة الغربية. وآفي ماعوز الذي سيتولى منصب نائب في مكتب رئيس الوزراء المسؤول عن “الهوية اليهودية”، وهو الشخص الذي يؤمن علانية بأجندات معادية للمثليين. وتعني أجندة التحالف زيادة في الاستيطان والمصادرة والعنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين. وكذا هجمات إرهابية ضد الفلسطينيين وزيادة في محاولات تغيير الوضع الراهن من خلال شرعنة صلاة اليهود في المسجد الأقصى. وكذا تخفيف القيود المتعلقة باستخدام القوة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والفلسطينيين داخل إسرائيل.
وهذا يعني زيادة تصعيد الجماعات الفلسطينية من عملياتها ضد الإسرائيليين في الضفة وداخل إسرائيل. ففي الحد الأدنى، سيؤدي هذا إلى وضع نهاية لحل الدولتين وإلى عنف بين الفلسطينيين وقوات الأمن في القدس وعنف بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية إلى جانب اندلاع العنف بين اليهود والعرب داخل إسرائيل. وربما قادت الظروف الجديدة لجولة أخرى بين حماس في غزة وإسرائيل كما في عام 2021.
ويرى الكاتبان أن إدارة بايدن لديها الكثير من الأولويات الملحة في الوقت الحالي وكذا الملف النووي الإيراني الذي يلوح في الأفق إلا أن سيطرة الجمهوريين المؤيدين لنتنياهو على الكونغرس في العام المقبل ستعقد من المهمة. ولهذا فبايدن وإدارته لا يريدان افتعال مواجهة مع نتنياهو. ومع ذلك، فطبيعة الائتلاف المنتخب ديمقراطيا ولكنه مخالف في صورته للطبيعة الديمقراطية والمعادي للمصالح الأمريكية يتطلب من إدارة بايدن إرسال رسالة قوية لإسرائيل والسلطة الوطنية والدول العربية.
أولا، يجب على واشنطن إخبار إسرائيل أنها ستواصل دعم أمنها إلا أنها ستمتنع عن دعمها بالأسلحة الهجومية التي قد تستخدم للقيام بأعمال خبيثة في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة. ويجب على إدارة بايدن تحذير الحكومة ضد أية محاولات لتغيير الوضع القائم في القدس أو محاولة شرعنة الكتل الاستيطانية وبناء بنى تحتية للمستوطنين بشكل يؤثر على منظور حل الدولتين. ويجب على إدارة بايدن التركيز على أنها لن تتعامل مع سموتيرتيش وبن غفير ولا الوزارات التي يديرونها حالة استمرا وغيرهما بتبني سياسات وأفعال عنصرية. فدعم الولايات المتحدة لإسرائيل في المحافل الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية له حدوده.
وعلى إسرائيل معرفة أن الإدارة ستكون واعية وتراقب الأفعال التي يجب شجبها. وبالنسبة للقيادة الفلسطينية، فعلى الولايات المتحدة التأكيد أن استمرار الدعم مرتبط بعقد انتخابات وبناء حكومة ديمقراطية مسؤولة والحد من العنف والإرهاب.
وأخيرا يجب على إدارة بايدن إخبار دول اتفاقيات إبراهيم، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، السودان والمغرب أن عدم اهتمامها الواضح بمأساة الفلسطينيين سيقوض علاقتها مع إسرائيل وسيضر بمصداقيتها وبقية الأهداف الإقليمية مع الولايات المتحدة. ويجب التأكيد أن الأزمات السابقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل حدثت في سياق مفاوضات السلام.
وستكون سابقة إذا وضع رئيس أمريكي ضغوطا على حكومة منتخبة ديمقراطيا، إلا أن إسرائيل لم تسر في هذا المسار الخطير، والسياسة تهم، لكن هذه هي اللحظة لكي يظهر بايدن القوة والعزيمة الأمريكية.