تعهدت اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف باستمرار أعمالها وتنفيذ ولايتها إلى حين تحقيق كافة أهدافها.
جاء ذلك خلال جلستها السنوية التي عقدتها، اليوم الثلاثاء، في جنيف، لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا.
وشارك في الجلسة، مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة كورتناي راتريه، ورئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، مندوب السنغال لدى الأمم المتحدة شيخ نيانغ، ورئيس الجمعية العامة تشابا كوروشي، ومندوب غانا الدائم لدى الأمم المتحدة، رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري السفير هارولد أدلاي أجيمان، وممثلو هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، والمنظمات الحكومية الدولية.
وقال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، في كلمته التي ألقاها السفير منصور، "إنه لا يمكن ترك حل الدولتين رهينة لإرادة المحتل لأن هذا يعتبر تخليا عن هذا الحل، ولذلك فإننا نؤكد أهمية الاعتراف بدولة فلسطين ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة تجسيدا للحق الأصيل والطبيعي للشعب الفلسطيني كسائر شعوب الأرض".
وأضاف سيادته أنه لا بد من عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة ويحتكم للشرعية الدولية بهدف إنهاء الاحتلال وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وتحديد رزمة من الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة لتحقيق سلام عادل وشامل يؤدي إلى نيل الشعب الفلسطيني حرته واستقلاله في دولته على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد أنه لا بد من استنهاض المجتمع الدولي لجهوده وتكثيف مساعيه للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها ووقف جرائمها.
وحذر الرئيس الدول التي تنشئ مكاتب تجارية أو دبلوماسية في القدس ومن عقد اتفاقيات مع المؤسسات التعليمية أو الشركات في المستوطنات أو شراء بضائع منها لأن جميع هذه الأفعال مخالفة للقانون الدولي وتشجع سلطات الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وقال: "نقول لهذه الدول أنتم بذلك تزيدون من معاناة شعبنا لأنكم تعمقون وجود الاحتلال على أرضنا ولا تساهمون بصنع السلام والأمن والاستقرار في المنطقة".
وأردف سيادته أنه لا يمكننا أن ننتظر من المحتل الإسرائيلي الذي يدعم الاستيطان وإرهاب المستوطنين ويصر على العدوان والحصار ضد شعبنا وينكل بأسرانا ويحتجز جثامين أبنائنا ويدمر بيوتنا ويهجر أطفالنا أن يستيقظ يوما ويختار العدل والسلام.
من جانبه، قال كوروشي إنه منذ 75 سنة كانت القضية الفلسطينية أول أزمة كبرى تواجهها الأمم المتحدة المنشأة حديثا، منوها إلى أن الجمعية العامة كانت قد أعلنت أن حل الدولتين سيأتي بنهاية دائمة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وأن أعضاء الجمعية ظنوا أنهم سيرون قريبا دولتين تعيشان جنبا إلى جنب، وبعد ثلاثة أجيال لا نرى دولتين وحتى الآن لم يتحقق السلام الدائم.
وأضاف كوروشي أنه في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يجب النظر إلى معاناة الفلسطينيين من خلال منظور التضامن والحقوق، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني ككل الشعوب يتمتع بحق أساسي أصيل غير قابل للتصرف بأن يعيش بكرامة وحرية، والحق بالتنقل دون خوف، والحق بالحصول على الخدمات الأساسية.
وأكد أنه يجب قيادة العمل نحو الحلول وإيجاد سبيل لاستعادة الأمل للفلسطينيين وخاصة فئة الشباب، لأن كل البشر يولدون متساوين في الحقوق بغض النظر أين يعيشون، مشيرا إلى أن الأمل لا يكون ضمن معادلة يخسر فيها طرف، وإنما أن هذا الصراع لن يطول إلى الأبد وأن الحلول موجودة.
وطالب الحاضرين بالتحرك بخطوات عملية من أجل إحقاق حق تقرير المصير للفلسطينيين، إضافة إلى دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالموارد اللازمة للقيام بعملها، حتى تحقيق حل دائم وعادل على أساس حل الدولتين.
بدوره، قال نيانغ إن هذا الاجتماع للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، مشيرا إلى أنه في ظل غياب حل دائم بعد مرور 75 سنة منذ اعتماد الجمعية العامة قرار 181 بتقسيم فلسطين التاريخية، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 55 عاما، فإن الشعب الفلسطيني، بما في ذلك اللاجئين منهم، يتعرضون لمستويات متزايدة من التشريد والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وسلب الممتلكات وانعدام الأمن وعدم تقرير المصير والاستقلال وبقاء الوعود غير متحققة.
وأضاف أنه وفي عام 2022 شهدنا تصعيدا خطيرا في الهجمات العسكرية الإسرائيلية في أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية، ما أودى بحياة وإصابة المزيد من المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال.
وأشار إلى أن "الخطاب الاستفزازي الإسرائيلي، لا سيما حول الوضع القائم والتاريخي في القدس ومقدساتها، يؤجج التوتر، كما أن التوسع المستمر الإسرائيلي للسلطة القائمة بالاحتلال في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتصاعد عنف المستوطنين، ينبغي أن يواجه بحسم، وهذه الإجراءات غير القانونية تخالف القانون الدولي وتعيق حق الفلسطينيين في تقرير المصير".
وقال إن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ليس احتلالا مؤقتا، وهذا يقلق اللجنة قلقا بالغا، كما أن السياسات التمييزية تقلقنا بشدة، وهي سياسات خطيرة، إضافة إلى التدابير التي تفرضها إسرائيل على الشعب الفلسطيني"، مؤكدا أنه "ينبغي لإسرائيل أن تتوقف عن سلب الأراضي وتشريد ونقل سكانها إلى الأراضي المحتلة".
وتابع: "تدين اللجنة استهداف إسرائيل للمجتمع المدني الفلسطيني، بما في ذلك تجريم 6 منظمات حقوقية فلسطينية تتعاون مع الأمم المتحدة ولجنتنا، كما ينبغي لإسرائيل إنهاء حصارها غير القانوني على قطاع غزة، بما يمثل عقابا جماعيا، كما أكد المقررون الخاصون ولجان التحقيق، وهو يقسم الشعب والأراضي الفلسطينية أكثر".
وأكد أن الإجراءات الإسرائيلية هي مصدر لانتهاكات حقوقية لا حصر لها، ما يؤدي إلى تدني التنمية في غزة، وهذا الحصار برا وجوا وبحرا يناقض السلام والقانون الدولي وينبغي أن ينتهي.
وقال: "على الرغم من أن وعد الأمم المتحدة يبقى دون تحقق، فإن الشعب الفلسطيني قد أظهر قدرة مذهلة على الصمود خلال الأعوام الماضية، ولم يفقد قناعاته دائما ولا الأمل ولا الهوية، وأصبحت فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة وعضوا في منظمات دولية وصادقت على حوالي 100 معاهدة دولية واتفاقية".
وأضاف: "في يوم الجمعة 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أوصت اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة بخمسة قرارات تتعلق باللاجئين الفلسطينيين والأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية والممارسات التي تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك طلب مهم لفتوى من محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية الاحتلال الإسرائيلي الطويل الأمد، وضمن هذه القرارات تمديد ولاية وكالة الأونروا التي ما زالت بحاجة الى تمويل دائم".
وتابع: "اللجنة تواصل الدعوة لتوفير الدعم اللازم للأونروا كي تستطيع ضمان الرفاه والكرامة للاجئين الفلسطينيين، وستواصل اللجنة حمل الراية إلى حين توصلنا لحل شامل على أساس القانون الدولي، تستطيع إسرائيل وفلسطين بموجبه أن تعيشا جنبا إلى جنب على حدود الرابع من حزيران 1967 بسلام وأمن".
وبين أن اللجنة ترى أن الحالة المتدهورة دوما في الأراضي الفلسطينية تستدعي مسارا سياسيا على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات القائمة، بما يصل بنا إلى حل نهائي وحل الدولتين، ولهذا تواصل اللجنة جهود التوعية مع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية من أجل استمرار الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، ومن أجل الدعوة إلى تطبيق حل الدولتين.
ورحب بالحوار الفلسطيني الفلسطيني، وبالتوقيع يوم 13 من تشرين الأول/ اكتوبر على إعلان الجزائر والذي يعد خطوة نحو المصالحة.
وأكد أن التوصل إلى حل عادل وسلمي للقضية الفلسطينية يستدعي نهاية للاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 وتقرير المصير والاستقلال للشعب الفلسطيني وحل دائم لمعاناته، وهذا شرط من أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن أجل السلام والاستقرار في المنطقة ككل.
بدوره، أكد الممثل الدائم لغانا، رئيس مجلس الأمن (لهذا الشهر) هارولد ادلاي اجيمان أن الحل لا يمكن أن يتحقق إلا بالوسائل السلمية، ودعم المجتمع الدولي كان وسيبقى حاسما من أجل سلام دائم.
وأضاف أن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، تبقى مصدر اهتمام محوري في مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل دائم وعادل، وأن الوضع الراهن غير قابل للاستدامة ونحن بحاجة إلى إجراءات بشكل ملح لتغيير الوضع الميداني.
وتابع: علينا أن نعمل من أجل حل عادل وفق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، التي تمثل حجرا للسلام والاستقرار في المنطقة، وهذا يتحقق من خلال المفاوضات المباشرة حول قضايا التسوية النهائية من أجل التوصل إلى حل الدولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان جنبا إلى جنب صاحبتا سيادة داخل حدود آمنة معترف بها وفق القانون الدولي، مع الأخذ بالاعتبار المعايير المتفق عليها دوليا.
وعبر عن قلقه تجاه الوضع على الأرض، داعيا إلى وقف فوري للإجراءات التي تقوض الثقة بين الطرفين وتهدد حل الدولتين، بما يشمل بناء المستوطنات والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية.
وأكد أهمية ضمان حماية المدنيين، مشيرا إلى أن المجلس يواصل قلقه بشأن الحالة الاقتصادية المتردية في غزة، ويدعم الأطراف كافة لاتخاذ الإجراءات لتحسين الوضع الآن وعلى المدى البعيد، كما يؤكد أعضاء المجلس ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية بالكامل ومن دون إعاقة.
ودعا الأطراف للعمل على فتح المعابر على نحو مستدام، مرحبا بجهود مصر والأمم المتحدة والرباعية الدولية والشركاء الآخرين في هذا الإطار، كما شجّع على التقدم في إجراءات المصالحة الفلسطينية.
وحث الدول المانحة على دعم فلسطين، كما أكد الدور المهم الذي تؤديه وكالة الأونروا بفضل الخدمات التي تقدمها لملايين اللاجئين، متطرقا إلى الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة، داعيا للتبرع لها.
وتابع: مجلس الأمن سيواصل المتابعة عن قرب للحالة بالشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، من أجل تنفيذ القرارات ذات الصلة، ومن أجل دعم ورعاية الجهود لتهيئة البيئة من أجل السلام والأمن والازدهار للشعبين بدعم دولي، مشيرا إلى أن تحقيق السلام من خلال المفاوضات والدبلوماسية سيمكن الشعبان من الحصول على الحرية والأمن والكرامة والازدهار.
بدوره، قال راتريه: "نحتفل باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في الوقت الذي يتراجع فيه الأمل بتحقيق السلام، ويؤسفني عدد الفلسطينيين المدنيين المتزايد الذين خسروا حياتهم جراء العنف الذي تتعرض له الضفة الغربية، فكل إصابة تغذي العنف وتؤدي إلى مزيد من الخوف، لذلك أدعو الأطراف إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة للحد من العنف والخروج من هذه الدوامة القاتلة".
وبين أن "أسباب الصراع تشمل الاحتلال المستمر وتوسيع المستوطنات وهدم المنازل والتهجير، كما أن غزة تخضع للحصار وتعاني من أزمات إنسانية، لذلك أكرر الدعوة لإنهاء الحصار على غزة وتحسين ظروف معيشة كل الفلسطينيين".
ولفت إلى أن "الأونروا" تبقى خشبة الخلاص للاجئين الفلسطينيين، شاكرا الجهات المانحة على دعمها للوكالة، داعيا إلى توفير تمويل كاف وقابل للاستدامة يسمح للأونروا القيام بعملها.
وشدد على أن موقف الأمم المتحدة واضح: لا بد من تحقيق السلام وإنهاء الاحتلال، ونحن ملتزمون كل الالتزام بإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن والقدس عاصمة لهما، مؤكدا دعم الشعب الفلسطيني في سعيه لتحقيق حقوقه غير القابلة للتصرف.
وقال: بصفتي الشخصية، إذ يواجه العالم كما هائلا من النزاعات والأزمات، يمثل اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني تذكيرا بأن علينا ألا ننسى استمرار تدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن هذا العام شهد تصعيدا خطيرا في الهجمات العسكرية الإسرائيلية على كل الأراضي المحتلة، وهو العام الأكثر دموية منذ 2005، ولذلك لا بد من فتح الطرق والآفاق أمام العمل السياسي.
وأضاف: من دون مسار سياسي موثوق به لإنهاء الاحتلال فإن الوضع سيتفاقم لا محالة، فعمليات الهدم والتوسع غير القانوني للمستوطنات والتهجير القسري والإجراءات العقابية الجماعية لن تأتي بالسلام، وحدها المفاوضات البناءة والحسنة النية وفقا لمعاير حل الدولتين هي التي ممكن أن تفضي إلى حل مستدام ودائم، لذلك أحث الجميع على العمل لإعادة إحياء المفاوضات والتوصل إلى سلام.