رغم صدور العديد من القرارات الأممية التي تدين الاحتلال، والتي ظل على الدوام يضرب بها عرض الحائط، فإن إسرائيل أبدت انزعاجها الشديد من هذا القرار، وسعت إلى عرقلة مساعي السلطة الفلسطينية لإلزام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإبداء رأيها القانوني بخصوص شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي باتت الانتقادات الدولية تتصاعد ضده، وباتت تصفه العديد من المنظمات الدولية بأنه نظام فصل عنصري "أبرتهايد".
وأفاد تقرير أوردته القناة الـ13 الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، بأن المسؤولين في تل أبيب يتخوفون من رأي المحكمة غير الملزم من الناحية القانونية، ويرون أن لهذه الخطوة تبعات دبلوماسية ودولية "ذات أهمية خاصة" قد تكون ضارة لإسرائيل، ومن شأنها أن تعرّض قادة قوات الأمن الإسرائيلية لخطر الملاحقة القانونية.
من جهتها، تقول القناة الـ12 العبرية، إن هذا القرار سيكون إشكالياً بالنسبة لإسرائيل، فهذه ليست سوى الخطوة الأولى ومن هنا ستنتقل الكُرة إلى الموافقة النهائية في الجلسة العامة للأمم المتحدة – ثم إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وليس إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
وأجرت القناة الـ12 مقابلة مع البروفيسور إلياف ليبليخ، الخبير في القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، الذي شرح لها قيمة هذا التوجّه، وقال: "محكمة العدل الدولية لديها نوعان من القضايا التي تناقشها، إحداها دولة ضد دولة، والوضع الآخر الذي تناقشه هو إعطاء رأي استشاري، ويمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة إحالة المسائل القانونية إلى محكمة العدل الدولية للحصول على رأي استشاري". وتابع حديثه بالقول: "من الواضح أن القرار في الرأي الاستشاري ليس ملزماً قانوناً بشكل مباشر، إنه رأي استشاري".
الصراع على الرواية التاريخية
تقول القناة الـ12، إنه من الناحية العملية، فإن عدداً كبيراً من الدول يتبنى مبادئ وقرارات المحكمة في الرأي الاستشاري، ويتمتع بمكانة عالية للغاية باعتباره بياناً للوضع القانوني، لذلك يقول ليبليخ: "من المهم أن نفهم ما طلبوه هنا، إنهم يطرحون على المحكمة سؤالين: الأول – ما التداعيات القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من الاحتلال المستمر، من المستوطنات والاستيطان في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك التغيير في الوضع الديموغرافي ومكانة القدس، واعتماد تشريعات وإجراءات تمييزية أخرى؟".
أما بالنسبة للسؤال الثاني برأي ليبليخ: "كيف تؤثر جميع الأفعال المنسوبة لإسرائيل في السؤال الأول على الوضع القانوني للاحتلال نفسه، وما الأهمية القانونية تجاه دول في الأمم المتحدة فيما يتعلق بهذا الوضع القانوني؟".
يوضح الخبير الإسرائيلي بالقول إن "القانون الدولي هو عملية إجرائية، ليس الأمر أن مثل هذا الرأي سيؤدي إلى حقيقة أنه ستكون هناك قوة تدخل لتحرير الشعب الفلسطيني حالياً، إنه لا يعمل بهذه الطريقة، ولكن أولاً وقبل كل شيء يخلق نوعاً من الرواية التاريخية التي ستظل موجودة إلى الأبد".
مضيفاً أن "إسرائيل محتلة غير شرعية، تنتهك حق تقرير المصير، هذا الشيء يضر بالشرعية ومكانة الدول. وهذا يسمح للجهات الفاعلة في المجتمع المدني والدول والمنظمات باستخدامه كنقطة انطلاق ضد إسرائيل، وسيصبح نقطة هجوم قانونية مقبولة في العديد من المنتديات، وستشكل ردود فعل قاسية للسفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، جلعاد إردان، وآخرين، لذا يجب أن ندرك أن هناك شيئاً ما تخسره هنا".
ويرى ليبليخ أن "سبب حدوث ذلك الآن من قبل السلطة، هو أنه في السنوات الأخيرة قررت الحكومات الإسرائيلية بشكل علني أنها سوف تسيطر على الأراضي إلى الأبد، وربما حتى تضمها دون إعطاء شيء للفلسطينيين. لذلك عزز هذا الخطاب بشكل كبير قدرة الفلسطينيين على المجيء للمحكمة الدولية والمطالبة بهذا القرار الضار".